استهداف المسلمين والنيل منهم بالاضطهاد والتضييق وحتى القتل ديدن أعداء دين الله الحق منذ بزوغ فجر الإسلام، ومحاولة الطعن بعقيدتهم وتشويه شريعتهم والتشويش على مسلمات دينهم وتدنيس مقدساتهم غاية وهدف مشترك لهم جميعاً كما هو معلوم.
وعلى الرغم من المعاملة الحسنة التي أظهرها المسلمون الفاتحون لأعدائهم حين ملكوا وظفروا بهم بشهادة صفحات التاريخ، فإن المقابل والجزاء من عدوهم حين أضحت القوة والهيمنة لهم لم يكن سوى الاضطهاد والتنكيل والقتل بدون حق.
لم يعد قتل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها على يد أعدائهم الكثر يحتاج لسند قانوني أو حكم قضائي منصف أو عادل بل يكفي لسفك دمائهم والاعتداء على أهم حقوقهم المنصوص عليها في جميع القوانين المحلية والدولية “حق الحياة” أي ذريعة مختلقة أو سبب واه أو مبرر شكلي، و قد لا يحتاج قاتلهم في كثير من الأحيان في هذا الزمان إلى أي ذريعة أو سبب!
هذا ما يمكن أن يخرج منه المتابع كنتيجة وخلاصة لما يحل بهذه الفئة من البشر بالتحديد في العالم بأسره، ولعل ما يعانيه المسلمون في الهند الآن من تكرار حالات القتل العمد مؤخرا على يد مجموعات إرهابية متطرفة تطلق على نفسها اسم “حماة الأبقار” خير نموذج وتأكيد على ما سبق.
آخر ما تناقلته وسائل الإعلام حول هذا الأمر ما تعرض له مسلم مسن في الهند بالأمس من إصابات حرجة فضلاً عن إشعال النار في منزله، على يد غوغاء من الهندوس بذريعة العثور على بقرة مذبوحة بالقرب من منزله، وفقاً لتقارير هندية عدة.
صحيفة “هندوستان تايمز” الهندية كشفت هول ما حدث لذلك المسلم المسن، حيث أكدت أن نحو 1000 هندوسي بينهم من يسمون أنفسهم بحماة الأبقار حاصروا منزل عثمان أنصاري أمس وقاموا بالاعتداء عليه وعلى منزله ضربا وحرقا.
الصحيفة زعمت أن 30 شرطياً أصيبوا خلال محاولتهم تفريق الغوغاء عن الرجل المسلم، وأنها أطلقت الرصاص في الهواء لإنقاذ المسن وأسرته، وأنها قامت باعتقال نحو 25 شخصاً من المشاركين في الهجوم، وأنه لم يتم السيطرة على الوضع إلا بعد ساعتين من وصول المئات من الشرطة إلى مكان الحادث.
تواطؤ حكومي
إلا أن المتابع لما يجري للمسلمين في الهند من تكرار الاعتداء عليهم وقتل عدد منهم خارج إطار القانون ودون وجه حق بذريعة ذبحهم الأبقار التي يقدسها الهندوس دون أي رد فعل من حكومة حزب “بهاراتيا جاناتا” الهندوسي الحاكم يشير إلى وجود تواطؤ بين الحكومة وتلك الجماعات المتطرفة ضد أكبر أقلية مسلمة في العالم حيث يقدر عدد المسلمين في الهند بحوالي 154 مليون مسلم من إجمالي عدد السكان المقدر بنحو مليار و311 ألف نسمة وفق تقدير عام 2015م.
لم تكن حادثة الاعتداء على المسلم المسن وحرق منزله لمجرد وجود بقرة مذبوحة بالقرب من منزله إلا حلقة من مسلسل استهداف مسلمي الهند بتلك الذريعة الواهية مؤخراً، فقد كشف تقرير أوردته صحيفة “هندوستان تايمز” الهندية أن المسلمين كانوا هدفا لـ51% من العنف المرتبط بقضايا تتعلق بالأبقار، خلال ما يقرب من 8 سنوات، في الفترة من 2010 – 2017م.
وأشار التقرير إلى أن 24 مسلماً، من بين 28 شخصاً أو ما يعادل 86%، قتلوا في 63 حادثة عنف مرتبطة بالأبقار في الهند، كما أن 97% من تلك الهجمات سجلت بعد وصول حكومة رئيس الوزراء نارندرا مودي للسلطة في مايو 2014م.
وكشف التقرير عن أن نحو 124 شخصاً أصيبوا في تلك الهجمات ونحو 52% منها استند إلى شائعات، كما أن الأشهر الستة الأولى من العام الجاري شهدت وقوع 20 هجوماً بزيادة أكثر من 75% عن العام الماضي.
حوادث الاعتداء المتكرر ضد المسلمين في الهند وقتل عدد منهم خارج إطار القانون وسط صمت مريب من قبل حكومة نارندرا مودي وحزبه الهندوسي الحاكم تناولته صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية من خلال مقال للصحفية والكاتبة الهندية “نيلانجانا بهوميك”، حيث انتقدت فيه بشدة صمت الحكومة ورئيس وزرائها على قتل المسلمين المستمر في الهند خارج نطاق القانون منوهة إلى ازدياد الجرائم ضد المسلمين في الهند منذ تولي مودي رئاسة الحكومة قبل 3 سنوات.
“بهوميك” أشارت في مقالها إلى تجاهل مودي لأكثر من 12 جريمة قتل خارج نطاق القانون شملت في معظمها مسلمين وسجلت في الهند منذ سبتمبر الماضي في ولايات يقودها حزبه الحاكم “بهاراتيا جاناتا”، كما نوهت لعدم تطرق مودي لحوادث عنف جماعات حماية الأبقار الذين يدينون بالولاء في الغالب لحزبه، مشيرة إلى أن العنف ضد المسلمين من قبل جماعات حماية الأبقار لم يدفع رئيس الوزراء لكتابة تغريدة واحدة على “تويتر” لإدانة ما يحدث.
المسلمون في الهند ما زالوا يحاولون التعبير عن غضبهم من هذا الاستهداف المتعمد وذلك التجاهل والصمت الحكومي المشين عن تلك الجرائم الفظيعة من خلال المظاهرات والاحتجاجات السلمية والتي لا يبدو – بحكم التجربة والواقع – أنها ستجدي نفعاً أو تؤتي ثمارها ما لم يترافق معها ضغوط دولية وخاصة من الدول الإسلامية.
المصدر: موقع “المسلم”.