كتبت صحيفة “واشنطن بوست” في افتتاحيتها عن العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، في ظل توترات تمهد لحرب باردة جديدة.
وتقول الافتتاحية، التي ترجمتها “عربي21”: إن البلدين هبطا إلى نقطة متدنية في علاقاتهما، بفرض عقوبات، واتخاذ إجراءات انتقامية ضد بعضهما، مشيرة إلى أنه بعد 25 عاماً من نهاية الحرب الباردة فإن العلاقات عادت إلى جمودها، متسائلة عما حدث.
وتجد الصحيفة أن التوتر الحالي لم يحصل لأن الولايات المتحدة تريد تطبيع العلاقات مع عدوتها القديمة، وما حدث هو رد على خيارات سيئة قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث تم اتخاذ هذه الخيارات بشكل مقصود في موسكو، وربما ارتبطت بسياسة بوتين المحلية والخارجية، وهي السبب للتوتر الحالي.
وتشير الافتتاحية إلى ضم بوتين لشبه جزيرة القرم، وبعد ذلك دعمه للتمرد في جنوب شرق أوكرانيا عام 2014م، “بشكل انتهك فيه الأعراف كلها في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وقام انتهاك سيادة دولة مستقلة”.
وتذهب الصحيفة إلى أن الحرب في إقليم دونباس الأوكراني كانت تحركاً تكتيكياً من بوتين؛ ليثير حالة من عدم الاستقرار في أوكرانيا، بعدما هرب حليفه فيكتور يانوكوفيتش من قصره، عندما واجه مظاهرات عارمة، ورفض بوتين قرار حكومة كييف توقيع معاهدة مع الاتحاد الأوروبي، لكن أوكرانيا ليست دويلة تابعة لروسيا، وزعم بوتين أنها جزء من مجال التأثير الروسي لا يمكن الحفاظ عليه، ومن هنا كانت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي رداً على نزعة استخدام العنف والاستفزاز والإكراه.
وتلفت الافتتاحية إلى أن اختياراً مقصوداً، ولم يقم على فهم جيد، هو التدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، في محاولة لتدمير حظوظ وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، وحرف الميزان باتجاه مرشح الجمهوريين دونالد ترمب.
وتقول الصحيفة: نعرف أن بوتين استشاط غضباً حول تصريحات كلينتون الواضحة بشأن حرية التعبير، وذلك في الفترة ما بين عام 2011 – 2013م أثناء الاحتجاجات ضده، لكنه كان مخطئاً حين اعتقد أن الولايات المتحدة قامت بالوقوف وراء الاحتجاجات.
وتنوه الافتتاحية إلى أن بوتين ومساعديه ينفون بطريقة سمجة تدخلهم في الانتخابات الأمريكية، لكنهم يعرفون بالتأكيد ماذا حدث بالضبط وكيف، ولم تأت العقوبات التي فرضها الرئيس باراك أوباما في ديسمبر الماضي، وشدد عليها الكونجرس من لا شيء، فهي الرد المنطقي لمحاولات بوتين التدخل في الديمقراطية الأمريكية.
وتتساءل الصحيفة عما إذا تركت هذه الخيارات آثاراً إيجابية على استقرار روسيا والعالم، وتجيب قائلة: إن بوتين يتصرف وكأن روسيا تمشي بقامة عالية، وربما شعر في لعبته التي لا يتنازل فيها بالرضا عما أصاب السياسة الأمريكية من فوضى، إلا أن أساليبه ارتدت سلباً في الولايات المتحدة وأوكرانيا، وكلفت الاقتصاد الروسي.
وتختم “واشنطن بوست” تقريرها بالقول: لقد اعتقدنا منذ وقت طويل أن العلاقة الأمريكية الروسية مهمة لتجنب الحسابات الخاطئة، ولا يزال من المهم لكل من واشنطن وموسكو الاستمرار في الحديث، ويجب على بوتين ألا يتوقع من الغرب أن ينسى أو يغفر فجأة خياراته، وسيكون حكيماً لو فهم مصدر المشكلة الأساسي، بدلاً من الجلوس ومحاولة التخطيط للمؤامرة القادمة.