مع تزايد المؤشرات على هجوم عسكري كبير تشنه قوات النظام السوري على مدينة إدلب آخر معقل رئيسي لقوات المعارضة، والحديث عن مفاوضات عسكرية واستخباراتية بين تركيا وروسيا للتوصل إلى صيغة توافقية، رأى تقرير نشره موقع المجلس الأطلسي أن هناك احتمالا بأن تبرم تركيا وروسيا والنظام صفقة لتسليم إدلب إلى نظام الأسد بعنف محدود، بهدف القضاء على تنظيم هيئة تحرير الشام.
وتناول التقرير الإشارات التي تدل على قرب شن الهجوم على المدينة، وموقف الأطراف الثلاثة الفاعلة منه، وهي النظام السوري، وروسيا، وتركيا.
موقف نظام الأسد
ويذكر التقرير أن نظام الأسد الذي شجعته المكاسب التي حققها في جميع أنحاء سوريا، أعلن أنه سيشن هجوما لاستعادة إدلب، كما قال وزير خارجية النظام خلال لقائه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو في 30 أغسطس، إن النظام “في الخطوة الأخيرة لإنهاء الأزمة وتحرير كامل أراضيها من الإرهاب”.
الموقف الروسي
أشار وزير الخارجية الروسي أيضاً إلى هجوم شامل على إدلب. وقال: “من غير المقبول قيام الإرهابيين، الذين تمركزوا هناك، وفي المقام الأول “جبهة النصرة”، بمحاولة استخدام منطقة خفض التصعيد هذه لمهاجمة مواقع القوات السورية، أو حتى لمهاجمة القاعدة العسكرية الروسية في حميميم باستخدام الطائرات المسيرة”.
وقال فيصل عيتاني، وهو زميل بارز في مركز رفيق الحريري التابع للمجلس الأطلسي: إن هيئة تحرير الشام التي تمتلك آلاف المقاتلين ذوي الخبرة والقوة والتنظيم القوي، هي المجموعة المسيطرة على إدلب.
وتساءل عيتاني: هل يستخدم نظام الأسد هيئة حرير الشام ذريعة لاستهداف إدلب؟ ويجيب أن وضع الهجوم في إطار عملية مكافحة الإرهاب يفيد حملة العلاقات العامة للنظام وروسيا، ولكن الحقيقة أن النظام وروسيا يعدان أي معارضة مسلحة للنظام إرهابا وينويان انتزاع إدلب بالقوة مهما كانت أيديولوجية المجموعة التي تسيطر على المدينة.
ويشير عيتاني إلى أن بعض المحللين وصانعي السياسة في الغرب يصرون على القول بأن روسيا سقطت في المستنقع السوري وتريد الخروج بأسرع ما يمكن، بينما الأسد هو الجشع، وأن روسيا أكثر انفتاحاً على التسوية منه.
وأردف أن هذا الادعاء غير صحيح؛ لأنه لا توجد فجوة بين أهداف النظام وأهداف الروس، فهما يريدان استعادة سيطرة النظام على سوريا، وليست إدلب استثناء من هذه الأهداف.
ولفت عيتاني إلى أن من المحتمل أن تقوم تركيا وروسيا والنظام بإبرام صفقة وتسليم إدلب إلى نظام الأسد، وفي هذه الحالة يصبح الدعم الروسي للأسد مسألة غير ذات أهمية.
الموقف التركي
ويرى عيتاني أن تركيا في وضع صعب للغاية في سوريا بشكل عام، وإدلب على وجه الخصوص، حيث تضيف تركيا بالفعل ما يزيد عن 3.5 مليون لاجئ سوري على أراضيها، وتخشى من موجات تدفق أخرى، إذا شن النظام هجوما على إدلب.
وأوضح أن تنامي تهديد حزب العمال الكردستاني، وفرعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي على طول حدود تركيا بتيسير من التحالف الأمريكي الكردي، أجبر تركيا على التخلي عن أهدافها الأصلية المناهضة للأسد والتركيز على احتواء التوسع الكردي. وللقيام بذلك كان عليها استخدام القوة العسكرية في الأراضي السورية، وهذا بدوره يتطلب موافقة روسية.
وأضاف أن تركيا لا تستطيع أن تقف في طريق روسيا من أجل الاحتفاظ بقطعة من الأراضي السورية من الوقوع في أيدي النظام، إذ ليس لديها هذا الترف.
وبين أن “تركيا تعلم في الوقت نفسه أن هجوم النظام سيؤدي إلى طرد اللاجئين من إدلب والتوجه إلى تركيا نفسها، وهو ما لا تستطيع تحمله. ولذلك فإن أفضل رهان هو التفاوض على سيطرة النظام على إدلب بعنف محدود، ونقل اللاجئين إلى الأراضي السورية التي تسيطر عليها تركيا”.
وأكد عيتاني أن “إدلب ستسقط في يد النظام. ومن الناحية النظرية يمكن للمدنيين الذهاب إلى أي مكان في سوريا، أو إلى تركيا. لكنه أعرب عن اعتقاده بأن الأسد لا يريد أن يتوجه هؤلاء اللاجئون إلى مناطق النظام”.
ووفقاً لعيتاني، فإن تركيا تسيطر بالفعل على مساحات كبيرة من الأراضي السورية، ولذلك فإنها لن تتخلى قريبا عن المناطق المجاورة لإدلب التي تشمل أراضي عمليتي غصن الزيتون ودرع الفرات.