من البيت تبدأ السعادة ويبدأ الشقاء، ومفتاح ذلك بيد الزوجيْن قبل غيرهما، ويعلم القاصي والداني أن كثيراً من البيوت عندما بلغت حداً لا يُطاق من عدم الاستقرار المفضي حتماً إلى الطلاق وإسلام مزيد من الأطفال إلى الشارع؛ وبالتالي اتساع نطاق الاهتزاز الاجتماعي وتفشي الآفات المختلفة التي لن تقدر المدرسة وغيرها على مواجهتها حتى لو أرادت ذلك، فكيف والمدرسة بتوجهاتها العلمانية التغريبية المفرسة تُسهم بقسط وافر في القضاء على المفهوم الأصيل للأسرة المسلمة وتبثّ جرعات قوية من استنساخ الهوس الغربي –والفرنسي بصفة خاصة– لزعزعة ما تبقى من القيم والأخلاق.
وهذه كلمات فيها تذكير –والذكرى تنفع المؤمنين- للأزواج بأخلاق ومعاملات تجمع الشمل وتؤسس لحياة زوجية وأسرية أقرب إلى السعادة.
أولاً: الزوج
بيده قوامة البيت أي المسؤولية عنه فلا بد أن يشعر بهذا التكليف ويقدّره حق قدره، والمسؤول –أكثر من غيره- في حاجة إلى صبر وتحمّل وبصيرة ورحابة صدر وسعة أفق خاصة مع شريكة حياته وأم أبنائه، قد يكون هذا صعباً لكنه أفضل من النزاعات الدائمة ومن الطلاق وما يترتب عنه من مآس يصبح عليها المجتمع ويمسي.
على الزوج أن يراعي ضعف المرأة وحالتها النفسية وأن يتجاوز عن الصغائر ولا يجعل من الحبة قبة، يحاول إرضاءها ما أمكن، يعاملها بالابتسامة والنكتة واللمسة الحانية والهدية المحببة إليها.. والعتاب اللطيف.
لا يليق بالرجل أن يتعقب كل ما تقوله الزوجة ويضخم أخطاءها، بل يتجاوز ويصفح، وأقبح من هذا تهديدُها بالطلاق بسبب أبسط خلاف بينهما، خاصة إذا كانت يتيمة لا سند لها، هنا هو زوجها وأبوها ووليّها.
إذا لم يصبر على زوجته فأين خُلُق الصبر؟ إذا لم يسعفها أين خُلُق الصفح؟
ويكون الأمر أوكد عند وجود أطفال بينهما، حتى لا يعيشوا في بيت ملؤه النزاع والصراخ والقطيعة، فإذا أفضى إلى الطلاق كان أدهى وأمرّ.
تذكر أيها الزوج قول الله: (وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ) (الفرقان: 20)، ماذا أنت فاعل بهذه الآية؟ كن مصدر تفاهم وسكينة ومودة ورحمة، والله معك في الدنيا، ومثواك الجنة إن شاء الله.. اصبر وصابر ورابط، تسلّح بالمرونة، كن حكيماً، والحكمة لينٌ في محلة وحزمٌ في محله.
والأشياء التي يجب أن يتجنبها الزوج الصالح ولا يحوم حولها أبداً هي سوء الخلق مع الزوجة وبذاءة اللسان والألفاظ النابية والمعاملة القبيحة كسبّها وشتم أبيها وأمها لإغاظتها والاستهزاء بخِلقتها وشخصيتها ومستواها وأدائها المنزلي، ومن المروءة رفع معنوياتها وشكرها على الطبق الذي أعدته ومتابعتها لدراسة أبنائها وحرصها على تديّنهم وأخلاقهم.
هل هذا مستحيل؟
ثانياً: الزوجة
الزوجة الصالحة –قبل الزوج في أغلب الأحيان– يمكنها أن تجعل من البيت واحة للراحة النفسية والسعادة الأسرية، وإنما يتمّ ذلك بتوافر شرط أساسي هو أن تعُدّ نفسها ربة بيت –حتى ولو كانت عاملة– تتمثل أولويتها في حسن التبعّل للزوج ورعاية البيت والأبناء، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يذكر خصال خديجة رضي الله عنها بعد وفاتها ثم يقول: “وكانت ربة البيت”، أي يشيد بكونها سيدة ينصبّ اهتمامها على مهمتها الأولى.
أما إذا استجابت المرأة لشياطين الإنس ورأت أن إثبات الذات يمرّ عبر التمرد على الرجل، فكانت عنيدة، مسترجلة، مغالبة في النزاع، محبة للسيطرة على الزوج وإهانته وإذلاله تنقلب الحياة الزوجية إلى جحيم.
كيف تستقيم الحياة مع امرأة تتعمد مخالفة زوجها في أدنى قول وتصرف؟ تتكبّر عليه، تخرج متبرجة متزيّنة متعطرة للشارع بينما تنزع كل هذا في البيت، تتضايق من أهله دون سبب وتريد أن يقاطع والديه وإخوته وقرابته من أجلها.
لا نطلب من المرأة أن تكون من الملائكة الأطهار بل نريد أن تكون إنساناً منسجماً مع الفطرة ممتثلاً –مثل الرجل– لشرع الله تعالى، تعلم أن طاعة الزوج في المعروف من طاعة الله، تتودّد له، تحسّ به، تخفف عنه، لا تعادي أهله –والداه بالدرجة الأولى، تتجنب فعل ما يكره، لا تكون لديها غيرة مفرطة، تجعله يشعر أنه أحبّ إليها من وظيفتها، أنه هو أهلها، تسعى جاهدة للتوافق معه فيما يحب ويكره، من الطعام إلى العلاقة الحميمية.
وأختم بهذه الكلمة: إذا أرادت المرأة تخريب بيتها –لا قدّر الله– فأقصر طريق إلى ذلك اتباع أطروحات “الفيمنيست” الذين يزعمون تحريرها وهم يجلبون لها شقاء الدنيا والآخرة، وإذا شقيت المرأة شقي المجتمع.. وواقعنا خير –أو شر– دليل على ذلك.
المصدر: “إسلام أون لاين”.