بدأ التعليم في دولة الكويت منذ نشأتها من خلال المساجد وحلقات حفظ القرآن الكريم، وتطور بإنشاء الكتاتيب ثم إنشاء التعليم النظامي ببناء المدرسة المباركية عام 1911م، واستمر التعليم في التمازج مع الدولة بتخرج الطلبة والطالبات الذين ساهموا في نهضة الكويت، وكانت الدولة تبعث الطلاب إلى الدول الشقيقة والصديقة لمواصلة تعليمهم الجامعي إلى أن افتتحت جامعة الكويت عام 1966م مع استمرار الدولة في ابتعاث الطلبة والطالبات للخارج.
واستمر التعليم بهذه الوتيرة الجيدة إلى فترة الغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت، فبعد الغزو تغير النظام التعليمي في الكويت من نظام الأربع سنوات إلى نظام غريب وهو 5-4-3
ولكن كان لهذا التغيير عدد من الآفات غير الجيدة، ومنها آفة الدروس الخصوصية التي تبدأ عند عودة الطالب من المدرسة، فيبدأ المشوار الثاني للطالب وللأسرة.
فالطالب بعد عناء 8 ساعات دراسية ومن قبلها وبعدها ساعتين للخروج من البيت للمدرسة والعكس، لتصبح 10 ساعات، يكون الطالب قد استُهلك، وأخذ القدر الكافي من التعب والعناء.
ونحن هنا نتساءل: ما الأسباب وراء انتشار الدروس الخصوصية، خصوصاً أيّام الاختبارات في كل منازل الكويتيين تقريباً التي أهلكت الطلاب والطالبات من جانب الاستعداد البدني والنفسي وأولياء الأمور من الجانب الاجتماعي والمالي؟ فاجتماعياً تضطر الأم والأب بمتابعة الأولاد مع هؤلاء المعلمين -أو أدعياء التعليم ممن يمتهن مهنة التعليم- وكذلك فأولياء الأمور يدفعون مبالغ طائلة تتراوح ما بين 350 إلى 500 دينار للمادة للفصل الدراسي الواحد، فبحسبة بسيطة لو أن ولي الأمر لديه طالب وطالبة في الصفين العاشر والثاني عشر ولكل طالب معلم لغة إنجليزية وفيزياء وكيمياء وأحياء ولغة عربية:
5 مواد ضرب 350 = 1750 ديناراً، وتضربها في طالبين = 3500 دينار، وتقسم على 3 شهور؛ فهو يدفع 1166 ديناراً شهرياً يقل أو يكثر، فهو يثقل كاهل البيت بالكامل وليس الأب فقط.
وليت هذا المبلغ يعطي نتيجة تفوق ونسب فوق 90%، ولكن للأسف فهي نسبة مستحيلة لأن المطلوب فقط هو النجاح وليس غيره.
وأول أسباب لجوء الطلاب إلى الدروس الخصوصية عدم قدرة معلم الفصل على توصيل المعلومة للطالب بتعمد أو ضعف علمي وقوته في الدروس الخصوصية، وكذلك من الأسباب عدم متابعة الموجهين للمعلمين من خلال الزيارة المفاجئة للمعلمين والدخول إلى المعلم فجأة وبدون علمه، والعمل على تلافي أخطاء المعلم سريعاً، فخطأ المعلم ليس كأي خطأ.
وكذلك عدم اهتمام أولياء الأمور بمتابعة أولادهم بالسؤال اليومي عن دروسهم، ومراجعة المعلمين في الأوقات التي تخصصها المدرسة للمتابعة.
ومن الأسباب كذلك المنظومة الخاطئة في التعليم، فليس من المعقول أن يأخذ الطالب المواد العلمية في الحصص الأخيرة ويكون توزيع الجدول غير عادل، والحل سهل جداً؛ بحيث تُقدَّم المواد العلمية في الصباح الباكر مع الاهتمام بالجانب العملي للطالب، وبحمد الله فكل شيء متوافر في المدارس، ولكن المطلوب هو القليل من الاهتمام.
وكذلك، فإن عدم الاهتمام بالواجبات من بعض المعلمين أمر ليس بالجيد، فعلى الوزارة أن تخصص حصصاً في الجدول لحل الواجبات، وإن كان هناك إطالة لليوم الدراسي بنحو ساعة ونصف ساعة بحيث يحل الطالب واجباته ويترك حقيبته في المدرسة لأن الوقت في البيت هو حق للطالب وليس من الوزارة.
ولمواجهة هذه الكارثة يجب على الوزارة أن تكون جادة في حلها من خلال المتابعة الحثيثة للمعلمين، ومكافأة المحسن، وإصلاح عمل متوسط الأداء من خلال الدورات المتخصصة، وكذلك إبعاد كل الأمور الإدارية عن المعلم، فالمعلم صاحب رسالة وليس سكرتيراً تنفيذياً ينفذ الأمور الإدارية.
ويجب على الوزارة أن تشن حملة على محلات الطباعة والتصوير التي تعد البحوث الجاهزة، فلا يستفيد منها الطالب، وإنما يذهب إلى المحل ويطلب ما يريد خلال دقائق، ويكون البحث جاهزاً، ويكتب: “عمل الطالب فلان الفلاني”، وإن لم يكن هذا البحث من إعداد الطالب بيده فما فائدته؟!
ويجب على أولياء الأمور عدم جلب المدرسين الخصوصيين للمنازل ومراجعة المدرسة في كل شاردة وواردة تخص الطالب.
إن أولياء الأمور يتحملون جزءاً من المسؤولية، وتتحمل وزارة التربية الجزء الأكبر منهاً.