نظّم عدد من أولياء أمر الطلبة، الخميس 24 يناير، وقفة احتجاجية أمام مقر الاتحاد العام التونسي للشغل، رافعين عديد الشعارات المندّدة بكاتب عام نقابة التعليم الثانوي التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل الأسعد اليعقوبي، وذلك على خلفية الخلاف الحاصل بين وزارتي التربية والتعليم التونسية، والاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر منظمة نقابية في البلاد، حول مقدار الزيادة في الأجور حيث تقترح الحكومة 700 مليون دينار تونسي، ويطالب الاتحاد بالضعف.
وردّد الأولياء المشاركون عديد الشعارات، منها: “ديقاج (ارحل) يا يعقوبي”، “يا حشاد يا حشاد الاتحاد هلك البلاد”، “بالروح بالدم نفديك يا تلميذ”، “يا يعقوبي عار عار ما ذنبهم أولاد صغار”.
إنجاح العام الدراسي
وطلب المشاركون في الوقفة الاحتجاجية من السلطات التربوية التونسية العمل على إنجاح السنة الدراسية، رافضين بأن تكون السنة الحالية سنة بيضاء، وحمّل الأولياء الغاضبون وزارة التربية والتعليم التونسية، ونقابة التعليم الثانوي مسؤولية الأزمة التي سيكون مستقبل التلميذ أكبر ضحاياها، كما نظم أولياء الطلبة مسيرة في شارع الثورة بالعاصمة، بدعوة من الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل، دعوا خلالها إلى عدم الزج بالتلاميذ في الصراع القائم بين وزارة التربية ونقابة التعليم الثانوي.
وأكّد رئيس الجمعية معز الشريف أنّه تم توجيه رسالة إلى رئيسي الجمهورية والبرلمان لحل هذا الإشكال، داعياً إلى إيجاد آلية يعبّر من خلالها الاطار التربوي عن مطالبه مع ضمان حق التلاميذ في الدراسة.
انتظار دعوة رسمية
من جهته، قال الكاتب العام لجامعة التّعليم الثانوي لسعد اليعقوبي خلال جلسة استماع صلب لجنة الشباب والشؤون الثقافية والتربية والبحث العلمي بمجلس نواب الشعب، الخميس 24 يناير: إن النقابة لا تذهب إلى جلسات التفاوض إلا عبر الدعوات الرسمية، معتبراً أن الدعوات لا تكون عبر وسائل الإعلام، وهو ما لا يليق بوزارة التربية، واعتبر ذلك نسفاً للدولة على حد تعبيره.
وفي رده عن الوقفات الاحتجاجية لأولياء الأمور في بطحاء محمد علي، أفاد اليعقوبي أن الأولياء توجهوا للعنوان الخطأ؛ لأن النقابة مستعدة للتفاوض وإيجاد الحلول، في حين أن الطرف الحكومي هو الذي يماطل في الجلوس إلى طاولة الحوار والتفاوض، مطالباً إياهم بتوجيه الاحتجاج إلى الوجهة الصحيحة والتوجه للوزارة والحكومة، على حد تعبيره.
مساعٍ برلمانية
وكان وفد نيابي قد التقى، الثلاثاء 22 يناير، وزير التربية والتعليم التونسي حاتم بن سالم، ضم كلاً من النائب هيكل بلقاسم، والأخضر بلهويشات، ويمينة الزغلامي، كما التقى الوفد بالكاتب العام للجامعة العامة للتعليم الثانوي لسعد اليعقوبي، بمقر وزارة التربية، التي يعتصم بها عدد من الأساتذة.
وذكرت النائب يمينة الزغلامي (حركة النهضة) عقب اللقاء أنّ النواب استمعوا إلى مطالب الجامعة، وأنّ أعضاءها قدموا، وفق تقديرها، مقترحات “جدية” قد تفضي إلى إبرام اتفاق ينهي أزمة الوضع التربوي.
وأشادت بما وصفته “رغبة الجامعة في إنهاء الأزمة”، مشيرة إلى أنّ الأساتذة المعتصمين أفادوا النواب بأنهم يريدون التواجد في قاعات التدريس، لكن رغبتهم في بلوغ اتفاق حتمت تواجدهم بالوزارة للاعتصام هناك.
وكشفت عن أنّ وفد النواب التقى في جلسة مطولة وزير التربية حاتم بن سالم، الذي أكّد استعداد الوزارة التام للتفاوض، وقدّم الوزير بالمناسبة مقترحات وزارته في مطالب الأساتذة الراجعة لها بالنظر.
وقدرت الزغلامي أن جزءاً من المطالب يبقى من مشمولات رئاسة الحكومة، وهو المتعلق أساساً بالتقاعد والمنح الخصوصية، مبينة أنّ تدخل النواب يهدف إلى استئناف المفاوضات بين الوزارة والجامعة بما يلبي مطامح أولياء الأمور والتلاميذ.
ووصفت اللقاء بالطرفين بـ”الايجابي،” متوقعة أن تتولى الحكومة في الأيام القليلة القادمة دعوة الجامعة العامة إلى التفاوض في النقاط الخلافية من أجل إيجاد حل توافقي يضمن إنجاح السنة الدراسية.
وأكّدت أنّ توافر الإرادة المشتركة لدى كل من الوزارة والجامعة يمثل ضمانة أساسية لإنجاح التفاوض بينهما، مشيرة إلى أنّ دخول نواب من البرلمان على خط الملف التربوي يعكس الرغبة في حلحلة الأزمة التربوية في ظل تواجد التلاميذ في الشارع.
وإلى أن يحل ملف الزيادة في الأجور يظل مستقبل ما يزيد على 900 ألف تلميذ في كف المجهول، والمدرسة العمومية بتونس في دائرة التهديد، ومعرضة للانهيار، مع ازدياد حدة الأزمة الاجتماعية والاقتصادية، وازدياد مخاطر الانحراف على أكثر من صعيد، فأكثر من 100 ألف تلميذ ينقطعون سنوياً عن الدراسة في تونس، ونسبة النجاح لا تتجاوز 20%، وحجم الأموال التي تدفعها العائلات للدروس الخاصة، وهي مدارس خاصة بأتم معنى الكلمة، تناهز المليار، وهي كلفة باهظة تقارب أجور 50 ألف أستاذ.