البعض يرى أن هُبوط «أبولو» على سطح القمر كان خِدعة مُتقنة وتمثيلاً من وكالة «ناسا»
الكاميرات التي استُخدمت أثناء سير الرواد على سطح القمر كانت مُثبتةً على صدور رُواد الفضاء أنفسهم
عام 2009م ظهرت أدلة تؤكد وصول الأمريكيين إلى سطح القمر والهند استقبلت صوراً لآثار رحلات «أبولو»
علماء «ناسا»: تزييف صخرة واحدة وجعلها تبدو مثل صخور القمر أصعب بكثير من الهبوط على سطحه
جُلب نحو 382 كيلوجراماً من صخور القمر تحوي بلورات زجاجية دقيقة لا توجد في صخور الأرض
شاهدنا مؤخراً خسوف القمر وظِل الأرض الدائري عليه، وهو دليل على كروية الأرض، وعلى العلاقة الوطيدة بين الأرض والقمر، وبمناسبة مرور خمسين عاماً على رحلة «أبولو 11»، بثت «BBC” فيلماً تسجيلياً عن الرحلة، استخدمت فيه التسجيل الصوتي الحقيقي لما دار في المركبة والتخاطب بين الرواد والأرض.. فهل الهبوط إنجاز بشري تقني أم خيال علمي؟
لعل بين طيات الأمر أمراً إيمانياً، فقد سمعت منذ زمن أن رواد الفضاء لما صعدوا عبّروا بكلمات معناها ذكره القرآن الكريم، ولكن لم أجد دليلاً على ذلك، حتى سمعت الأصوات المسجلة في الرحلة المذكورة.
كانت أول كلمة في هذا السياق حينما رأى الأفق لأول مرة بعد الظلام قول أحدهم مندهشاً من المنظر: «It is Unreal”، وهي تشمل معاني “السحري، الخيالي، غير حقيقي، غير واقعي”! قال الله تعالى في سورة “الحجر”: (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ {14} لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ {15}) (الحجر)، تبعه قول زميله: «It is quite an eerie sight”، وهذه الكلمة من معانيها “الخارق للطبيعة، الغريب، العجيب، المرعب، السحري، الوهمي، السماوي”! وتناثرت كلمات الذهول منهم خلال الرحلة: “pretty- splendid- spectacular- fantastic- beautiful- magnificent”.
وهي كلمات تدل على أن ما يرونه بارع فاتن رائع باهر مذهل مجيد جليل مهيب أخّاذ للنظر خيالي حالم غير ممكن غير منطقي لا يصدق رباني جميل ساحر..
قفزة عملاقة
خصصت «وكالة الفضاء الأمريكية» (ناسا) موارد ضخمة لبرنامج «أبولو»، فقد عمل فيه 400 ألف شخص، بميزانية تقدر بنحو 25 مليار دولار، واختير ثلاثة رواد فضاء لمهمة «أبولو 11»، وعلى الرغم من العراقيل التي جابهتها المهمة، فإن «نيل أرمسترونج» أصبح، يوم 20 يوليو 1969م، أول إنسان تطأ قدماه سطح القمر، ونقل التلفزيون كلماته التاريخية: «إنها خطوة إنسان صغيرة، ولكنها قفزة عملاقة للبشرية»، وقضى هو وزميله أكثر من ساعتين يأخذان عينات، ويلتقطان صوراً، ويجريان اختبارات علمية، وشاهد ما يربو على 650 مليون شخص عبر العالم هذه اللحظة.
على الرغم من هذا الإنجاز، فإن العديد من نظريات المؤامرة لا تزال تحوم في الأجواء، ويُصر مُروجوها على أن هُبوط بعثة «أبولو» على سطح القمر لم يكن سوى خدعة مُتقنة، وأنه كان تمثيلاً من وكالة «ناسا»، وبدأ هذا التشكيك بشكل واسع منذ عام 1970م بصدور كتاب لعالم الرياضيات الأمريكي «جيمس كريني» بعنوان «هل هبط الإنسان على القمر؟»، ثم تكاملت تلك الشكوك بكتاب آخر «نحن لم نذهب بتاتاً إلى القمر»، صدر عام 1976م، وجنى صاحبه «بيل كيسينج» من ورائه أموالاً طائلة.
وأصدرت «ناسا» في موقعها العربي تفنيداً لبعض هذه الادعاءات:
1- يظهر العَلم الأمريكي مُرفرفاً وكأنه تُوجد نسمات هواء، علماً بأن سطح القمر خالٍ من الهواء.
تفنيد الادعاء: الحقيقة أنه وحسب ما يقول مُؤرخ رحلات الفضاء، «روجر لاونيوس»، من متحف الطيران والفضاء الوطني: «إن السبب الكامن وراء مُشاهدتك للعَلَم وهو يُرفرف يُعزى إلى أحد مبادئ الفيزياء المعروفة وهو مبدأ «العَطالة أو القُصور الذاتي» (inertia)، في هذه الصورة، اكتسب العَلَم قُصوراً ذاتياً في اللحظة التي غرز فيها رائد الفضاء ذلك العَلَم بأرض القمر، كذلك قام رُواد الفضاء بحني القُضبان الأفقية التي توجد داخل العَلم نفسه بضع مرات عن طريق الخطأ، ما جعلها تبدو وكأنها تتموّج.
2- يظهر في إحدى الصور انعكاسٌ لكُل من “آرمسترونج” ومركبة الهبوط القمرية على قناع “آلدرين” في واحدة من أكثر الصور شُهرة التي تم التقاطها خلال الهبوط القمري، المعروف أن رائدي فضاء اثنين فقط هما من هبطا على سطح القمر، لكن في هذه الصورة يظهر الاثنان معاً ولا توجد أي كاميرا ظاهرة فيها، فمن الذي التقط تلك الصورة؟
تفنيد الادعاء: حقيقة الأمر أن الكاميرات التي استُخدمت أثناء سير الرواد على سطح القمر كانت مُثبتةً على صدور رُواد الفضاء أنفسهم، حسب ما يقوله عالم الفلك “فيل بليت”، رئيس مؤسسة “جيمس راندي التعليمية”: “يُمكنك أن ترى أذرع “نيل” مُوجهةً نوعاً ما باتجاه صدره، لأن ذلك هو مكان الكاميرا، إذ لم تكن موجودةً عند قناعه”، أي أن “آرمسترونج” هو الذي صور الصورة المنعكسة على قناع زميله.
3- تخلو الخلفية السوداء في صورهم من أي نجوم.
تفنيد الادعاء: في الواقع، يمتاز سطح القمر بقدرة كبيرة على عكس ضوء الشمس، وتعني هذه الميزة أن التوهج الناتج من انعكاس ضوء الشمس عن سطح القمر سوف يؤدي إلى طمس النجوم من صفحة السماء؛ ما سيجعل من رؤيتها أمراً صعباً.
أيضاً، عندما قام رواد الفضاء بتصوير مغامراتهم على سطح القمر اعتمدوا على إعدادات تعريض سريعة في الكاميرات؛ ما أدى إلى تقليل كمية الضوء القادم من الخلفية، وبالتالي لم تظهر النجوم.
4- تظهر مركبة الهبوط القمرية في هذه الصورة وهي مُستقرة على سطح القمر فوق تُربة غير مُضطربة ومُسطحة تقريباً، ووفقاً للمُشككين، لو كان الهبوط حقيقياً لتسببت المركبة بظهور سحابة غبارية كبيرة، وتشكلت فُوهة.
تفنيد الادعاء: يقول “لاونيوس”: إن رواد الفضاء قاموا بتخفيف سرعة عمل محركات المركبة قبل الهبوط، لهذا فهي لم تقم بالتحليق لفترة كافية فوق أرض القمر لكي تتسبب بتشكّل فُوهة تحتها أو تُحرّك أي غُبار.
5- تظهر بعض الظلال دون أن تكون متوازيةً مع بعضها بعضاً، وتبدو بعض الأجسام في الظل مُضاءةً بشكلٍ جيد؛ ما يُشير إلى أن الضوء قادم من مصادر متعددة؛ أي أنهم يشكّون بوجود معدات تصوير كتلك المستخدمة في الأستوديوهات.
تفنيد الادعاء: يقول “لاونيوس”: “كان هناك العديد من مصادر الضوء المختلفة على سطح القمر”، ويضيف: “كانت هناك الشمس، والضوء المنعكس عن الأرض، والضوء المنعكس عن مركبة الهبوط القمرية، إلى جانب البدلات الفضائية، وأيضاً سطح القمر”، من المهم أيضاً ملاحظة أن سطح القمر ليس مسطحاً؛ “إذا كان لديك جسم يقع في منطقة منخفضة فإنك ستحصل على ظِلال مختلفةٍ مقارنةً بجسم موجود على سطح مستوٍ”.
6- كانت آثار رواد الفضاء واضحة جداً، وهذا الأمر ليس منطقياً؛ نظراً لأن تربة القمر جافةٌ تماماً، تظهر الآثار فقط إذا كانت فوق تربة أو رمال رطبة.
تفنيد الادعاء: “حقيقة الأمر أن هذا الكلام فارغ”، يقول “بليت” مُعلقاً، ويضيف: “يُشبه الغبار القمري، أو الثرى، بُودرة مطحونة بشكل ناعم، وعندما تنظر إليها باستخدام المجهر فإنها ستظهر كرمادٍ بركاني؛ لذلك، عندما تخطو فوقها فإنها ستنضغط بسهولة كبيرة، وبالتالي تأخذ شكل الحذاء الذي يسير فوقها”، وتبقى تلك الآثار لوقتٍ طويل، لخلو القمر من أي هواء.
الروس والهنود والصينيون يؤكدون
يطالب بعض المتحمسين لنظرية المؤامرة القمرية بأن يتم توجيه المناظير الفلكية نحو أماكن هبوط الرحلات الأمريكية المأهولة لكشف المستور، ولسوء حظ هؤلاء بالمقابل، ظهرت عام 2009م أدلة تؤكد وصول الأمريكيين إلى سطح القمر، إذ رصدت صور مستكشف القمر المداري «LRO” آثاراً لهذه الرحلات، بل ولآثار الرواد وعربة استعملوها في التنقل على سطحه.
وأعلن “براكاش تشوهان”، وهو خبير بارز في وكالة الفضاء الهندية، أن مركبة “تشاندرايان 1” تمكنت من استقبال صور تظهر آثار رحلات “أبولو”، وهو الأمر ذاته الذي أكده فضائيون صينيون عام 2012م استناداً إلى معلومات المسبار “تشاني 2”.
ويؤكد عدد من علماء الفضاء والرواد الروس (وقد كانوا يستطيعون فضح أمريكا خاصة مع السباق المحموم في الفضاء) أن الروايات القائلة بأن الأمريكيين لفقوا رحلات “أبولو” لا يعتد بها، ويصف رائد الفضاء الروسي “غريتشكو” نظرية المؤامرة بأنها مثيرة للسخرية، قائلاً: “إن تلك الرحلات حصلت بالفعل، نحن نعلم ذلك بشكل دقيق تماماً”.
وجاء الرد الواضح من العالم السوفييتي الروسي “فيوكتيستوف”، وهو رائد فضاء بارز ومصمم مركبات فضائية، وذلك في كتابه “مسار الحياة بين الأمس والغد”، حيث قال: “التقطت أجهزة استقبالنا الإشارات من مدار القمر من المركبة “أبولو 11″، والمكالمات، ومشاهد الخروج إلى سطح القمر، ولعل تلفيق مثل هذه الخدع لا يقل صعوبة من تنفيذ رحلة حقيقية”.
الصخور لا تكذب
ويقول «د. ماكيي»، كبير علماء وكالة «ناسا»: إن تزييف صخرة واحدة وجعلها تبدو مثل صخور القمر أصعب بكثير من الهبوط على سطح القمر! لقد فُحصت العينات التي جاء بها رواد الفضاء من قبل آلاف المختبرات في دول العالم، ولم يدَّعِ أحد من العلماء أن هذه العينات غير مأخوذة من القمر.
وقد جلبت رحلات «أبولو» 382 كيلوجراماً من صخور القمر، الكثير منها يحوي بلورات زجاجية دقيقة، وهي لا توجد في صخور الأرض، وهذا يجعل سطح القمر يمتاز بقدرة كبيرة على عملية عكس ضوء الشمس والإنارة، وصدق الله العظيم: (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً {61}) (الفرقان).
المصادر:
8 Days: to the moon and back
https://www.bbc.co.uk/programmes/m0006p5f
الادعاءات والمُغالطات الثمانية حول الهبوط على القمر والرد عليها
https://nasainarabic.net/education/articles/view/apollo-moon-landing-hoax-pictures
Moon landing conspiracy theories aren›t true – here›s how we know
BBC 16 July 2019
Crystalline Lunar Spherules
https://www.meteorite-times.com/crystalline-lunar-spherules/