على هامش التوقيع على اتفاق الدوحة بين طالبان والولايات المتحدة، الذي من شأنه أن يضع حدا لأطول حرب أمريكية على الإطلاق، وقال بعض الخبراء والمحللين والإعلاميين من دول مختلفة، حيث أكد الخبير والمحلل السياسي القطري ماجد الأنصاري أن “الاتفاق حصيلة عمل استمر سنوات عديدة للوصول إلى تفاهمات بين طالبان والولايات المتحدة، ومر بمراحل صعود وهبوط متعددة، وأفضل طريقة لتوصيف هذا الاتفاق على قطر هو أنه يمثل الوجه الحقيقي للدبلوماسية القطرية والمرتبط بالمساهمة الدائمة والفعالة في الأمن والسلام العالميين من خلال تحقيق إنجاز هو الأكبر على مستوى الوساطات الدولية خلال الأعوام الأخيرة”.
الأنصاري: قطر أصبحت لاعبا عالميا وليس إقليميا فحسب
وأضاف الأنصاري قائلا: “نحن نتحدث عن إنهاء أطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية استمرت قرابة 18 سنة، ونتحدث أيضا عن تحقيق اتفاق بين طرفين أو غريمين هما الأكثر عداء ليس منذ زمن طويل بل حتى منذ أسابيع قليلة، وهذا يدل على قدرة الدبلوماسية القطرية على تجاوز الحدود التقليدية لدور وزارات الخارجية العربية”. واعتبر الأنصاري أن قطر “ليست فقط دولة إقليمية بل هي دولة عالمية ولاعب دولي بإمكانه تحقيق نقلات كبيرة في مجال السياسة والدبلوماسية الدولية”.
ويرى الأنصاري أنه بعد اتفاق الدوحة بين طالبان وواشنطن “التحدي الأكبر هو الاتفاق بين الأفغان أنفسهم، خاصة الاتفاق بين طالبان والحكومة الأفغانية، وبدون هذا الاتفاق الأفغاني-الأفغاني، فإن القيمة الحقيقية لاتفاق الدوحة ستكون محدودة، ولهذا أعلن الوسيط القطري أن التوقيع سيتبعه مباشرة الجولة الأولى من المفاوضات بين طالبان وحكومة كابل، وهذا طبعا هو الذي يضمن نجاح اتفاق الدوحة”.
وأضاف: “الوسيط الذي نجح في إيصال طالبان والولايات المتحدة إلى طاولة المفاوضات وتوقيع اتفاق تاريخي، لن يستعصي عليه التوصل للنجاح ذاته بين طالبان والحكومة الأفغانية”.
جيغرغر: طالبان اختطفتني عام 2006 وما يحدث حلقة مفرغة
من جهته قال الصحافي أورس جيغرغر، محرر الشؤون الدولية في الأسبوعية السويسرية “دي ويلتوش”، الذي اختطفته حركة طالبان عام 2006 أثناء سعيه لمقابلة قائد ميداني للحركة في كابل، إن “الحرب في أفغانستان هي أطول حرب يخوضها الأمريكيون الذين اقتنعوا أخيرا أنه لا يمكنهم البقاء هناك إلى الأبد، وبالتالي فهذا الاتفاق في نظري هو إنقاذ لماء الوجه بالنسبة للأمريكان على وجه الخصوص، أما بالنسبة لطالبان فالاتفاق يدفعهم إلى مستوى متقدم جدا سياسيا، وحتما أعلى مستوى دبلوماسي وصلوا إليه في تاريخهم”.
وأضاف أورس قائلا: “بالنسبة لي ما يحدث عبارة عن حلقة مغلقة، فقد سبق وأن تم اختطافي من طرف طالبان عام 2006، ومن حسن حظي أني نجوت، أعرف المنطقة جيدا، وأرى فعلا أنها عبارة عن حلقة مغلقة، لكنني أتمنى أن تكون نهاية لكل هذا”. وعن احتمال تحقيق مصالحة بين الأفغان فيما بينهم يقول الصحافي السويسري إن “الأمر صعب للغاية، لا أحد بإمكانه أن يتنبأ بما يمكن أن يحدث في بلد كأفغانستان”، وأضاف: “اتفاق سلام شامل يمر حتما بعدة مراحل صعبة ومعوقات، سيكون مسارا طويلا ومرهقا للغاية.. ولكن أعتقد أن لكل نهاية بداية، وهذا الاتفاق هو الخطوة الأولى، وإذا لم نقم بالخطوة الأولى لا يمكن أبدا بلوغ الهدف”.
حمد الله محمد شاه، الذي يعمل في مكتب الجزيرة في أفغانستان، يرى أن هذا الاتفاق “تاريخي وتم بين الأمريكان وطالبان بجهود قطرية مثمرة حتى يصلوا لهذه النتيجة، وهناك آمال معقودة لما يجري هنا في العاصمة القطرية، هناك أمل كبير جدا بأن يتمكن طالبان والأمريكان من إنهاء أطول حرب أمريكية في تاريخ أمريكا”. وأضاف حمد الله: “بصورة عامة أنا أرى هذه فرصة تاريخية وعلى الأفغان أن يستفيدوا منها، الشعب الأفغاني تعب من الحروب والجميع يأمل في السلام”.
السفير الأمريكي: قطر سهّلت المفاوضات وقرّبت وجهات النظر
من جهته، ثمّن ويليام جرانت، القائم بالأعمال بالإنابة في سفارة الولايات المتحدة في الدوحة، الوساطة القطرية وقال إنها لعبت دورا مهما في الوصول إلى توقيع اتفاق سلام بين الحكومة الأمريكية وحركة طالبان الأفغانية.
وقال جرانت: “إننا نشيد بدور الوساطة الذي قامت به قطر والمساعدة في تسهيل المفاوضات بيننا وحركة طالبان”، مشيراً إلى أن “قطر كانت مضيفاً جيداً لهذه المحادثات وساعدت وزارة الخارجية القطرية والمسؤولين الآخرين في تسهيل وتقريب وجهات النظر للوصول لهذه المرحلة”. وعن إمكانية مساهمة واشنطن كوسيط لإنجاح الحوار الأفغاني- الأفغاني بعد توقيع اتفاق السلام مع حركة طالبان، قال سعادة وليام جرانت: “نحن نأخذ هذه العملية خطوة بخطوة، وبمجرد الانتهاء من المرحلة الأولى، سننتقل إلى الخطوة المقبلة”، مضيفاً: “إننا في مرحلة حساسة الآن، ولا نريد أن نسهب في هذا الموضوع”.
محمد آزاز ياد: الاتفاق سيكون مفتاح السلام في المنطقة
ويقول الصحافي الباكستاني محمد آزاز ياد، الذي يعمل لقناة “ديو تي في”، إن “الاتفاق سيكون مفتاح السلام في المنطقة، في أفغانستان وباكستان والدول المجاورة. أعتقد أن تصادم القوى في أفغانستان كان سببا في سقوط العديد من الضحايا، وبالتالي هذه فرصة سانحة لإنقاذ هؤلاء من ويلات الحرب، ولكن في حالة واحدة فقط، إذا تم تطبيق الاتفاق بحذافيره وبما ينفع الشعوب في المنطقة التي –للأسف– يتدخل فيها العديد من اللاعبين الدوليين، خاصة الذين يستفيدون من اقتصاد الحروب وهم طبعا لا يريدون لمثل هذا الاتفاق أن ينجح”.
أما الصحافي الأفغاني ريف أميري مراسل وكالة “تولو نيوز” فيرى أن “الشعب الأفغاني متفائل جدا بنتائج هذا الاتفاق الذي انتظروه لسنوات، وهم يأملون أن يتوج هذا الاتفاق باتفاق سلام شامل بين كل الأفغان الذين يعانون يوميا بسبب القتال الدائر هناك بين طالبان والحكومة الأفغانية والجيش الأمريكي”.