بناءً على أوامر ملكية، واستنادًا إلى المادة الدستورية 68/2، التي تشترط إجراء الانتخابات البرلمانية في الأردن خلال الأشهر الأربعة السابقة على انتهاء عمر البرلمان الحالي، فإن مضمون النصوص يعني حل البرلمان، ورحيل الحكومة، في 28 مايو/أيار 2020، وإجراء انتخابات قبل 27 سبتمبر/ أيلول المقبل.
قبيل أيام قليلة من انتشار فيروس “كورونا” في المملكة، حسم عاهل الأردن، الملك عبد الله الثاني، الجدل حول الانتخابات بقوله، في 25 فبراير/ شباط الماضي: “إننا مقبلون على استحقاق دستوري يتمثل بإجراء انتخابات نيابية صيف هذا العام”.
حل البرلمان الحالي يرافقه رحيل الحكومة، وفقًا لنص المادة 74/2 من الدستور، والتي تنص على أن “الحكومة التي يُحل مجلس النواب في عهدها تستقيل خلال أسبوع من تاريخ الحل، ولا يجوز تكليف رئيسها بتشكيل الحكومة التي تليها”.
وعند وجوب السبب برحيل الحكومة، يكلف الملك شخصية بتولي رئاسة الوزراء، وتُجرى الانتخابات في عهدها.
وتنص المادة 35 من الدستور على أن “الملك يعين رئيس الوزراء ويقيله ويقبل استقالته ويعين الوزراء ويقيلهم ويقبل استقالتهم، بناءً على تنسيب رئيس الوزراء”.
** خياران أمام الانتخابات
توجيهات ملك الأردن بإجراء الانتخابات في الصيف سبقت انتشار “كورونا”، الذي أصاب 453 شخصًا في المملكة، بينهم 365 حالة شفاء، و8 وفيات.
لكن مع إعلان لجنة الأوبئة أن الانخفاض في أعداد الإصابات المسجلة بالفيروس بالمملكة يفيد باستقرار الوضع الوبائي، يبقى خيار إجراء الانتخابات في موعدها متاحًا.
لكن ثمة سيناريو ثانٍ، وهو تمديد عمر البرلمان الحالي، إذا ما عاد الوباء إلى الانتشار، وقد يكون واردًا لدى الملك، صاحب القرار في هذا الشأن.
** في الموعد أم تأجيل؟
إلا أن ليث نصراوين، أستاذ القانون الدستوري بالجامعة الأردنية (حكومية)، رجح الخيار الأول، وهو إجراء الانتخابات في موعدها، وسط إجراءات تراعي معايير السلامة العامة.
وقال نصراوين للأناضول: “ما زال الوقت مبكرًا عن مصير مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، الملك من جهة أمر بإجراء الانتخابات، ومن جهة أخرى تمر البلاد بحالة استثنائية، أدت إلى تفعيل قانون الدفاع لأول مرة”.
وأقر ملك الأردن، منتصف مارس/ آذار الماضي، العمل بقانون الدفاع، وهو بمثابة إعلان حالة الطوارئ، ويتيح لرئيس الوزراء صلاحيات واسعة؛ لمواجهة جائحة “كورونا”.
وأضاف نصراوين أنه “بالرجوع إلى نص المادة 68، الفقرة الثانية من الدستور نجد أنها تشترط أن تُجرى الانتخابات في الشهور الأربعة التي تسبق انتهاء عمر المجلس الحالي”.
وأوضح أن “مجلس النواب الحالي تنتهي مدته الدستورية في 27 سبتمبر (أيلول) القادم، ما يعني أن إجراء الانتخابات سيكون بين هذا التاريخ و28 مايو (أيار)”.
واستدرك “هذا يستوجب حل مجلس النواب قبل إجراء الانتخابات، وهو ما يعني نهاية مايو”.
واستطرد: “الحكومة قالت في أكثر من مناسبة إن عمل المؤسسات الرسمية والحكومية سيكون بعد انتهاء شهر رمضان، بمعنى نهاية مايو وأول يونيو (حزيران)، وهي الفترة المتوقع حل مجلس النواب فيها”.
وقررت الحكومة الأردنية تمديد عطلة الوزارات والمؤسسات الحكومية لمرة ثالثة، اعتبارًا من الثاني من مايو/ أيار وحتى نهاية رمضان.
وأردف نصراوين: “إذا عادت الحياة إلى طبيعتها بالحد الأدنى في الأردن بداية يونيو، يمكن الحديث عن إجراء الانتخابات الصيف المقبل، كما وجه الملك، وتحديدًا في أغسطس القادم”.
وبشأن السيناريو الثاني، قال نصراوين إنه “مرتبط ارتباطا وثيقا بالحالة الصحية في البلاد؛ فإذا كان هناك انعكاس لا قدر الله في وضع الوباء، وعودة الأمور إلى الإجراءات المتشددة وحظر التجوال، فلن يكون هناك إمكانية لإجراء الانتخابات في موعدها”.
وتابع: “الخيار سيكون للملك بأن يمدد عمر المجلس الحالي بما لا يقل عن سنة، ولا يزيد عن سنتين”.
** فوائد الالتزام بالموعد
عاد نصراوين إلى الخيار الأول، وهو إجراء الانتخابات في موعدها، معتبرًا أنه ممكن “إذا ما طُلب من الهيئة المستقلة للانتخابات أن تراعي معايير السلامة والصحة العامة، في كل مراحل العملية الانتخابية”.
وزاد بقوله: “الأصل أن تكون هناك انتخابات، تحترم الآجال والمواعيد الدستورية، أما التمديد فهو استثناء، يجب ألا يتم التوسع في تطبيقه”.
واستشهد بما قامت به كوريا الجنوبية، حيث أجرت انتخابات برلمانية في 15 أبريل/نيسان الماضي، رغم أنها من أكثر الدول تضررًا من الفيروس، مشددًا على أن “دول العالم الديموقراطية لم تسمح لهذا الوباء بإعاقة انتخاباتها”.
وسجلت كوريا الجنوبية إصابة نحو 11 ألف شخص بالفيروس، توفي منهم 247، وتعافى أكثر من 9 آلاف.
واعتبر نصراوين أن إجراء الانتخابات في موعدها يبعث رسالة سياسية فحواها أن “الأردن دولة قوية قادرة على التعافي، وأن حالة الطوارئ لم تعرقل المسيرة الديموقراطية”.
واستطرد أن الجانب الاقتصادي للانتخابات سيكون حاضرًا، فإجراء الانتخابات “سيحرك عجلة الاقتصاد بضخ أموال ستعود بالفائدة على حركة السوق”.
وتابع: كما ستكون الانتخابات “فرصة للشعب لمراجعة ممثليه في البرلمان، في ظل سخط شعبي كبير من غياب المجلس الحالي، ومخالفة عدد من أعضائه لأوامر (حالة) الدفاع (الطوارىء)”.
** مجلس النواب الحالي
يشار أنه تم انتخاب نواب المجلس الحالي عام 2016 من خلال قانون جديد يعتمد على القوائم الانتخابية، عوضا عن قانون “الصوت الواحد”، وتقلص بموجبه عدد النواب من 150 إلى 130، كما قسم القانون الجديد المملكة التي تضم 12 محافظة، إلى 23 دائرة، إضافة إلى 3 دوائر للبدو.
ورغم وجود نحو 49 حزباً في الأردن، إلا أن تمثيلها في المجلس ضئيل جداً، ويعتمد المرشحون في خوض غمار الانتخابات على البعد العشائري.
وشهدت الانتخابات الأخيرة تحالفاً قاده حزب “جبهة العمل الإسلامي” (الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين)، أسفر عن حصد 15 مقعداً من أصل (130)، تلاهم حزب الوسط الإسلامي بـ7 مقاعد، فيما اختير البقية على أساس مستقل.
وبغض النظر عن توجهات أعضاء مجلس النواب، إلا أنها لا تصل لدرجة معارضة عاهل البلاد، وتقتصر على انتقاد سياسات الحكومة وقراراتها.