فقد العالم العربي والإسلامي والدولي زعيما عالميا على المستوى السياسي والإنساني، فبوفاة سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، سيفتقد الجميع قائدا إنسانيا وحكيما عاقلا ومصلحا سياسيا قلما تجد مثله.
عاش حياته في خدمة العالم والإصلاح بين المتخاصمين، من أي عرق أو دين، فكان وسيط خير بين عدة دول وحكام، واستطاع الخروج بأمان في منطقة تموج بالصراعات السياسية.
استوعب نشأة القضية الفلسطينية منذ بداياتها، حتى تأسست منظمة التحرير في الكويت، ومازالت الكويت رائدة الدفاع عن المسجد الأقصى بشهادة الجميع.
وكانت له أدوار في حل الكثير من الخلافات العربية ـ العربية، وأثمرت جهوده توقيع عدة اتفاقيات سلام بينها.
كما ساهم في جهود وساطة كبيرة لحل قضية المطالبة الإيرانية بالبحرين، وانتهت باستقلال البحرين عام 1971م.
وشارك في جهود تسوية الصراع المسلح الذي اندلع بين الجيش الأردني وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية عام 1970م، كما سعى عام 1971م إلى حل النزاع بين باكستان وإقليم البنغال، وترأس اللجنة السداسية لتحقيق التوافق للأطراف المتنازعة في الحرب اللبنانية الأهلية عام 1988م.
ورغم الاحتلال العراقي الغاشم للكويت عام 1990م، وتحريرها عام 1991م، إلا أنه لم يخلط الأوراق، وانتصر للشعوب البائسة دائما، وقدم المساعدات المالية للشعب العراقي، وأعاد العلاقة مع دول الضد للم شمل الصف العربي الممزق، متحملا كل الآثار السياسية.
وكانت له أدوار في الإصلاح بين دول مجلس التعاون الخليجي وبعض حالات التجسس بينها، للمحافظة على هذا البيت العريق، وبرزت تحركاته المكوكية في الخلافات السعودية ـ الإماراتية ـ البحرينية مع قطر، في أجواء حرجة سياسيا وأمنيا وحصار اقتصادي، رغم كبر سنه ووضعه الصحي، وفعلا سيفتقده زعماء الخليج.
نعم.. لقد وضع للكويت موقعا سياسيا على مستوى العالم بتحركاته للتقريب بين الخصوم، وإصلاح ذات البين.
أما على المستوى الإنساني، فقد كان سباقا في مساعدة دول العالم قاطبة إغاثة وتنمية، حتى تجاوز عدد الدول التي قدمت لها الكويت مساعداتها 100 دولة، استحق على إثرها لقب «قائد العمل الإنساني» من الأمم المتحدة، واستضافت الكويت في عهده عدة مؤتمرات للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سورية لثلاث دورات متتالية، إضافة للسودان والعراق، ودعم المشاريع المتوسطة للشعوب العربية، والتبرع بمئات الملايين من الدنانير، إضافة لعشرات حملات الإغاثة من الفيضانات والزلازل والحروب.
رحم الله الشيخ صباح الأحمد أمير الكويت الراحل الذي ستفتقده الأمة قاطبة، والذي ترك بصمات سياسية دولية لن ينساها أحد، نال على إثرها عشرات الأوسمة، التي هي في النهاية باسم الكويت.
______________________________________
يُنشر بالتزامن مع صحيفة “الأنباء” الكويتية.