ياسر محمود:
تمثل العلاقة الطيبة بين الآباء والأبناء الأساس الذي يُبنى عليه كل جهد تربوي نحو الأبناء، وبدونها تتضرر العملية التربوية، وتصبح العلاقة السلبية جداراً صخرياً تتحطم عليه جهود الآباء، دون أن تحدث تأثيراً إيجابياً في شخصية الأبناء.
حين تتسم العلاقة بين الآباء والأبناء بالود والحب والتفاهم والانسجام، فإنها تحقق العديد من الفوائد التربوية؛ حيث إنها:
1- تسهم بشكل عام في فاعلية تربية الطفل، وتؤدي دوراً كبيراً في اكتسابه للقيم؛ فهو يتمثل قيم مَن يحب، والعلاقة الدافئة تمرر اكتسابه للقيم بيسر ودون عناء.
2- تؤثر بصورة إيجابية في التكوين النفسي للطفل، فينشأ متمتعاً بتقدير الذات والثقة بالنفس، ويشعر بأمان واستقرار نفسيين، وهذا يكسبه قدرة أفضل على مواجهة صعاب الحياة، وعلى النقيض من ذلك، فكلما ضعفت العلاقة بين الآباء والأبناء أثر ذلك بصورة سلبية على نموه النفسي وعلى شخصيته.
3- تساعد على نمو خصائصه الاجتماعية بصورة إيجابية، فالطفل الذي لديه علاقة طيبة مع والديه يستطيع تكوين علاقات ناجحة مع الآخرين، ويمكنه الاندماج في مجتمعه بطريقة إيجابية.
4- تقلل التأثير السلبي للبيئة الخارجية، فكلما كانت العلاقة وثيقة بالوالدين، فإن ذلك يقلل التأثير السلبي للبيئة الخارجية على الطفل، ويظهر ذلك بوضوح مع خروجه من دائرة البيت إلى دائرة الروضة أو المدرسة، وكذلك يظهر بصورة أكثر وضوحاً في مرحلة المراهقة.
5- تجعل الوالدين هما المرجعية التي يعود إليها الطفل إذا ما واجه بعض العقبات أو الصعوبات أو المشكلات في حياته، التي يحتاج لمن يرشده أو يوجهه أو يسانده فيها.
ولذلك، فمن الضروري أن يهتم الوالدان وأن يبذلا جهداً كبيراً في بناء علاقة طيبة يسودها الود والحب والألفة والتفاهم مع أبنائهم، ونرجو أن تكون النقاط التالية عوناً لهم على ذلك.
الطفل الذي لديه علاقة طيبة مع والديه يستطيع تكوين علاقات ناجحة مع الآخرين ويندمج بمجتمعه بطريقة إيجابية
بناء جسور المودة:
وحتى تبني هذه الجسور عليك بما يلي:
1- ابدأ مبكراً:
ابدأ في بناء علاقة جيدة مع طفلك منذ ولادته، وذلك بالفرحة بقدومه وتلبية احتياجاته من طعام ودفء وحب واهتمام.. إلخ، واحرص على الاستمرار فيما يدعم الود والتفاهم معه في مراحل عمره المختلفة، واحذر من الاعتقاد الذي يتصور فيه بعض الآباء أن مصادقة الأبناء تبدأ عندما يكبرون أو في سن المراهقة؛ لأن ذلك وإن كان ممكناً فإنه يتطلب عزماً وجهداً وصبراً أكثر بكثير في عمره هذا.
2- عبّر عن مشاعر الحب:
عوّد نفسك على أن تعبر عن مشاعر الحب والود التي تكنها له بكل الوسائل الممكنة، كإخباره بذلك بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أو بتقبيله، أو بضمه إلى صدرك، أو بالمسح على رأسه، أو بغير ذلك من وسائل التعبير، واختر في ذلك ما يناسب عمره وشخصيته.
3- عش مرحلته:
عش معه المرحلة التي يمر بها، وتعامل معه طبقاً لعمره وطبيعته وحاجاته، وليس وفقاً لعمرك وطبيعتك أنت، فإذا كان صغيراً فإنه يحتاج إلى الحركة واللعب معه، وإذا كان مراهقاً فإنه يحتاج أكثر إلى دعمك وثقتك به، وهكذا.
4- تفقّد مشاعره:
كن قريباً منه، متفقداً ما ينتابه من مشاعر الفرح والسعادة أو الإحباط والضيق والحزن أو غير ذلك، واحرص على مشاركته إياها، وكن خير داعم له في تجاوز المؤلم منها.
اللعب من أكثر الوسائل التي تقرب المسافات النفسية بين الناس عامة ومع الطفل خاصة
5- شاركه اهتماماته:
احرص على مشاركته اهتماماته وهواياته المفضلة لديه، وذلك بممارستها معه أو بتشجيعه والثناء عليه والتفاخر به عند ممارسته لها، وشاركه الحديث حولها؛ لأن مشاركته في هذه المساحات يشعره بالسعادة ويعمق مشاعر الألفة والود بينكما.
6- العب معه:
شاركه في ممارسة بعض الألعاب المحببة إلى نفسه، فاللعب من أكثر الوسائل التي تقرب المسافات النفسية بين الناس بشكل عام، ويزداد تأثيره حين يكون مع الطفل؛ لأن اللعب بالنسبة له هو الحياة.
7- احكِ له:
داوم على حكي بعض القصص التي يسعد بها، فجلوسك بجواره، وقص بعض القصص عليه، وإدارة حوار بينك وبينه حولها، يزيد الارتباط بينكما، ويبني جسوراً من التواصل والعلاقات الدافئة.
8- تحرك معه:
أكثِر من اصطحابه في بعض النزهات أو عند قضاء بعض أغراضك، فهي من الوسائل التي تقرب المسافات النفسية، وتساعدك على بناء جسور المحبة معه.
9- احرص على مهاداته:
أحضر له هدية مفضلة إليه على فترات متفاوتة، واجعلها في بعض الأحيان مفاجئة وغير متوقعة، فهذا له تأثير سحري عليه.
10- أوفِ بوعودك:
احرص على الوفاء بوعودك له؛ فهذا ينمي ثقته فيك ويشعره بأهميته ومكانته لديك، ويدعم مكانتك في قلبه.
كن مستمعاً جيداً لأحلامه وخيالاته دون استخفاف أو تقليل من شأنها مهما بدت ساذجة
11- امدحه واحتفِ بإنجازاته:
ترصد التصرفات الطيبة التي تصدر منه، وامتدحه عليها، فهو يحب من يثني على خصاله الحميدة ويتعلق به، بينما ينفر ممن يكثر من لومه ونقده، وكذلك احرص على الاحتفاء بما يحققه من إنجازات، في مجال الدراسة أو في الهوايات والأنشطة أو غير ذلك.
12- اختر مدخلاً مناسباً:
اختر المدخل المناسب لتعاملك مع طفلك، وراعِ الفروق الفردية بين أطفالك، فلا تعامل العاطفي كالعقلاني، ولا تطلب من صاحب المستوى المتوسط دراسياً ما تطلبه من المتفوق، وهكذا.
13- لا تغضب عند خطئه:
عندما يُخطئ وتشعر بالغضب منه فلا تسارع بإعلان هذا الغضب، بل تصرف كما يتصرف الأصدقاء، حاول أن تبتسم وتستمع له، وتفهم وجهة نظره ومشاعره، ثم حاول أن تُعيده إلى الصواب بالمناقشة والإقناع.
تواصل فعال:
وهذه بعض النصائح لتحقيق التواصل الفعال:
اختر المدخل المناسب لتعاملك مع طفلك وراعِ الفروق الفردية بين أطفالك فلا تعامل العاطفي كالعقلاني
1- دربه على الحكي معك:
احرص على تدريبه على الحديث معك والحكي عما فعله أثناء يومه، ويمكنك تشجيعه على ذلك من خلال كلامك أنت أولاً عما فعلته في يومك، وما مر بك من مواقف، بل وربما تطلب تعليقه ورأيه في بعض هذه المواقف، وذلك في حدود ما يستوعبه عمره وقدراته
2– أنصت له ولأحلامه:
أحسن الإنصات إليه حين يتحدث إليك، ولا تتشاغل عنه بشيء آخر، ولا تقاطعه حتى ينهي كلامه، ولا تنس استخدام بعض الإشارات اللفظية أو الجسدية التي تدل على أنك متابع لكلامه بشكل جيد، وكن على يقين أن هذا الإنصات الجيد سيشعره باهتمامك وحبك له، وسيرغبه في الحديث معك، واحرص على أن تكون مستمعاً جيداً لأحلامه وخيالاته، دون استخفاف بها أو تقليل من شأنها مهما بدت ساذجة أو مضحكة، لكن أظهر اهتمامك بما يقوله وناقشه فيها بطريقة مناسبة له.
3- اطلب رأيه:
اطلب رأيه في بعض أمورك الخاصة، كاختيارك ملابسك أو بعض أدواتك.. إلخ، واستشره في بعض المشكلات البسيطة التي تواجهك بالمنزل أو العمل، بما يناسب عمره وقدراته.
4- أظهر له الاحترام:
احرص على احترامه، فلا تسفّه آراءه أو أفكاره مهما كانت بسيطة أو ساذجة من وجهة نظرك، وإذا طلبت منه فعل شيء فقدّم طلبك ببعض الكلمات المهذبة مثل: “لو سمحت”، “من فضلك”.
5- احفظ أسراره:
كن أمين أسراره، ولا تفشِ له أمراً أسرَّ إليك به لأي شخص، وإذا وجدت حاجة لعرض الموضوع على أحد غيرك، فليكن ذلك بعد أن تستأذنه.
6- عند الاختلاف:
إذا اختلف معك في أمر ما أثناء حديثك معه، فاحرص على تقبل آرائه التي تخالف رأيك بصدر رحب، وناقشها معه بمنتهى الهدوء، ففي ذلك تعليم له على احترام الرأي المخالف لرأيه، ومد لجسور التواصل معه رغم الاختلاف في الرأي.