انتاب العالم صدمة كبيرة عكستها الإدانات المتتالية لاقتحام أنصار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الكونجرس، الرافضين لإعلان فوز منافسه جو بايدن، وذلك في سابقة تاريخية.
الإدانات التي نقلت عبر تصريحات وتغريدات وإعلام محلي بمختلف دول العالم، جاءت غداة مواجهات وقعت الأربعاء، بين قوات الأمن ومحتجين من أنصار ترمب اقتحموا مبنى الكونغرس في العاصمة واشنطن؛ وأسفرت عن مقتل 4 أشخاص واعتقال 82، بينهم 14 إثر تورطهم المباشر في الواقعة.
** مشاهد “مفزعة”
في تركيا، قال متحدث حزب العدالة والتنمية عمر جليك، إن ما حدث “خاطئ وغير قانوني”، وعلى الجميع قبول نتائج الانتخابات والامتثال لسيادة الإرادة الشعبية.
وفي برلين، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل: “أغضبتني وأحزنتني الصور المزعجة، ويؤسفني أن ترمب لم يعترف بهزيمته (في انتخابات الرئاسة) حتى أمس”.
كما قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، عبر تويتر، “أعداء الديمقراطية سيسعدون برؤية هذه الصور المروّعة”.
فيما أشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى أن ما قام به مناصرو ترمب يسيء إلى الفكر الديمقراطي العالمي.
بينما قال رئيس الوزراء الآيرلندي مايكل مارتن: “أعلم أن الكثيرين مثلي، يتابعون المشاهد التي تتوالى في واشنطن بقلق وفزع كبيرين”.
فيما حمل وزير الخارجية الآيرلندي سيمون كوفيني، ترمب المسؤولية قائلا: “مشاهد مروعة واعتداء متعمد على الديمقراطية من قبل رئيس حالي وأنصاره (..) العالم يراقب”.
بدوره، وصف رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أحداث الكونجرس بأنها “مخزية”، داعيا إلى انتقال سلمي ومنظم للسلطة.
** “محاولة انقلاب هشة”
وأشار رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي، قسطنطين كوساتشيف، إلى أن الديمقراطية الأمريكية “باتت عرجاء، ولا يحق لها بعد اليوم أن تلقن الدول الأخرى دروسا”.
من جانبه، أكد رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما ليونيد سلوتسكي، أن الولايات المتحدة لن تكون قادرة بعد الآن على فرض وتحديد معايير الانتخابات في الدول الأخرى.
وقالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، إن “الأحداث الأخيرة في واشنطن أظهرت أن النظام الانتخابي في الولايات المتحدة قديم، ولم يعد يستجيب للمعايير الحديثة”، معتبرة أن ما تشهده العاصمة الأمريكية هو “شأن داخلي”.
كما أعربت موسكو عن تمنياتها أن “يجتاز الشعب الأمريكي هذه اللحظة الدرامية من تاريخه”.
وفي إيران، قال الرئيس حسن روحاني، إن أحداث اقتحام الكونغرس “أثبتت أن ديمقراطية الغرب فاقدة لأصول محكمة”، معتبرا أن ترامب “أضر بسمعة الولايات المتحدة”.
بدوره، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الهجوم على مبنى الكونغرس، بالمخزي، و”نقيض صارخ للقيم التي يتمسك بها الأمريكيون والإسرائيليون”.
من جانبه، قال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، إن تلك الأحداث “تجرح قلوب كل من يؤمن بالديمقراطية (..) لم أصدق أنني سأرى مثل هذه الصور، في أقوى ديمقراطية بالعالم”.
“هجوم على الديمقراطية”
وقالت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل، الخميس، إن تصريحات ترامب، “أدت بشكل مباشر إلى أعمال العنف” التي شهدتها واشنطن.
وأضافت خلال مقطع مصور نشرته وسائل إعلام محلية، بأن ترامب “فشل حتى الآن في إدانة ذلك العنف” أو وقف تصعيد الوضع.
ودعت باتيل إلى ضمان الانتقال السلمي للسلطة للرئيس المنتخب جو بادين، واصفة مشاهد أعمال العنف بأنها “غير مقبولة على الإطلاق”.
فيما وصف رئيس وزراء كندا، جاستن ترودو، أحداث اقتحام الكونغرس، بأنها “هجوم على الديمقراطية”.
وأعرب عبر حسابه بموقع “تويتر”، عن “قلق شعبه وحزنه العميق” إزاء تلك الأحداث، مؤكدا أن “العنف لن ينجح أبدا في نقض إرادة الشعب (الأمريكي)”.
ودعت الصين على لسان المتحدثة باسم خارجيتها، هوا تشونينغ، في مؤتمر صحفي بالعاصمة بكين الولايات المتحدة إلى تحقيق السلام والاستقرار في البلاد، قائلة: “نأمل أن ينعم الأمريكيون بالسلام والاستقرار والأمن في أسرع وقت”.
من جانبه، أدان رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، الذي يعد حليفا مقربا للولايات المتحدة، “أحداث العنف والمشاهد المؤلمة” التي جرت بالكونغرس.
وأكد موريسون، خلال تغريدة على “تويتر”، تطلعه إلى “انتقال سلمي للسلطة” في الولايات المتحدة.
بدورها، أدانت الحكومة الفنزويلية، التي لا تعترف الولايات المتحدة بشرعيتها، أحداث العنف بالعاصمة واشنطن.
وأضافت في بيان، نشر على موقع وزارة الشؤون الخارجية: “تعاني الولايات المتحدة من نفس الشيء الذي أثارته في دول أخرى بسياساتها العدوانية”.
** مشاهد مروعة
في السياق، وصف رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، في تغريدة، ما حدث في العاصمة واشنطن بالمشاهد “المروّعة”.
كما قال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، إنه يتابع بـ”قلق” أحداث اقتحام الكونغرس، مؤكدا “ثقته بقوة الديمقراطية الأمريكية”.
وأضاف في تغريدة، أن بايدن وإدارته “ستتغلب على هذا الوقت الذي يسود فيه التوتر وتتمكن من توحيد الشعب الأمريكي”.
فيما أعرب المستشار النمساوي سيباستيان كورتز، عن “صدمته” من مشاهد أحداث الكونغرس، واصفا إياها، في تغريدة، بأنها “اعتداء غير مقبول على الديمقراطية”.
من جانبه، قال رئيس الوزراء الإيطالي، جوزيبي كونتي، إنه يتابع بـ”قلق بالغ” أحداث العنف في الولايات المتحدة.
وأضاف عبر تويتر: “العنف يتعارض مع ممارسة الحقوق السياسية والحريات الديمقراطية”.
على ذات الصعيد، أعرب رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، عن “قلقه البالغ” إزاء أعمال العنف “المروعة” التي شهدتها واشنطن.
وأكد ميتسوتاكيس، في تغريدة على “تويتر”، أن “الديمقراطية الأمريكية قادرة على الصمود وراسخة وستتغلب على الأزمة”.
** يوم حزين
وفي الهند، أعرب رئيس الوزراء ناريندرا مودي، عن “حزنه لرؤية مشاهد أعمال الشغب والعنف” في واشنطن.
وأضاف مودي، الذي كانت تربطه علاقات جيدة مع ترامب، على حسابه بموقع تويتر، إنه “يجب أن يستمر التداول المنظم والسلمي للسلطة (في الولايات المتحدة)”.
فيما أكدت رئيسة وزراء نيوزيلندا، جاسيندا أردرن، أن “الديمقراطية، التي تشمل حق الناس في الإدلاء بصوتهم والتعبير عنه ومن ثم دعم هذا القرار بشكل سلمي، لا ينبغي أبدًا إبطالها على يد الغوغاء”.
وفي سنغافورة، قال تيو تشي هين، كبير الوزراء والوزير المنسق للأمن القومي، إنه تابع “المشاهد المروعة” التي جرت عند مبنى الكونغرس، واصفا ذلك بأنه كان “يوما حزينا”.
وأضاف في منشور على صفحته بموقع فيسبوك: “نأمل أن تنتهي (تلك الأحداث) بشكل سلمي”.
** احترام الديمقراطية ضرورة
بخلاف الدول، استنكرت منظمات دولية اقتحام الكونغرس، محملة بعضها ترامب المسؤولية.
في هذا الصدد، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: “أشعر بالحزن جراء تلك الأحداث (..) هناك ضرورة لاحترام العملية الديمقراطية”.
ووصف الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، مشاهد الكونغرس بأنها “صادمة”، داعيا لاحترام نتيجة الانتخابات.
وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، أنها تنتظر بفارغ الصبر العمل مع بايدن، مشيرة إلى ضرورة تسليم السلطة بشكل سلمي.
وقالت منظمة العفو الدولية، إن “ترامب حرض على العنف والترهيب، واحتضن الجماعات المتعصبة”.
ووفقا لصحيفة “وول ستريت جورنال”، فإن السلطات الفيدرالية خططت للتعامل مع الاحتجاجات أمام مقر الكونغرس بحضور أمني صغير نسبيا، وهو ما أسفر عن اقتحام أنصار الرئيس دونالد ترامب بسهولة.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن المسؤول التنفيذي المتقاعد من مكتب التحقيقات الفيدرالي، ديفيد غوميز، قوله إن “شرطة الكابيتول لم تكن مستعدة للحجم الهائل من المحتجين”.
وأضاف غوميز أن “استجابة القوات كانت بطيئة عند اقتحام المشاغبين مبنى الكابيتول، وذلك يعزى إما لاحترام الرئيس ترامب أو بسبب نقص الخبرة في التعامل مع أعمال شغب كهذه”.
ولاحقا أعلن البيت الأبيض، أن ترامب يعلن قبوله انتقال منظم وسلس للسلطة في 20 يناير/ كانون الثاني الجاري، عقب تصديق الكونغرس على فوز بايدن، رئيسا جديدا للولايات المتحدة.