رحّب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، إسماعيل هنية، بالتقارب التركي المصري، مؤكداً أنه يصب في مصلحة فلسطين، فيما ينعكس سلباً أي صراع بين الدول العربية والإسلامية على القضية الفلسطينية.
جاء ذلك في حوار أجرته “الأناضول” مع هنية، الذي زار مقر الوكالة في مدينة إسطنبول، والتقى مع نائب المدير العام، رئيس التحرير العام، متين موطان أوغلو.
وفي معرض تعليقه على التقارب بين أنقرة والقاهرة، قال هنية: “نُرحّب بالتقارب التركي المصري، ونعتقد أن مزيداً من التفاهمات بينهما، وبين الدول العربية والإسلامية ستنعكس إيجابياً علينا في فلسطين، وعلى الدول العربية”.
وأضاف: “هناك دول مركزية بالمنطقة معروفة تاريخياً، وتؤدي دوراً إستراتيجياً؛ دول بحجم مصر وبحجم تركيا وإيران والسعودية؛ كلما كان هناك تفاهم وتقارب بينها يكون في مصلحة شعوب المنطقة، والقضية الفلسطينية”.
وتابع زعيم حركة “حماس” قائلاً: “أي صراع بين الدول العربية والإسلامية ينعكس سلباً على مقدرات الأمة، ومستقبل الشعوب، والقضية الفلسطينية، ويعتبر وضعاً إقليمياً ذهبياً للكيان الصهيوني، لتنفيذ مشاريعه ومخططاته في الاستيطان والتهويد والضم”.
وأطلق مسؤولون أتراك ومصريون مؤخراً تصريحات عن العلاقات الثنائية، كما تبنى البلدان مواقف تؤشر على تحسن مرتقب في العلاقات بينهما، بعد أكثر من 7 سنوات من القطيعة السياسية.
ومنتصف مارس الماضي، أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو بدء اتصالات دبلوماسية بين بلاده والقاهرة من أجل إعادة العلاقات إلى طبيعتها، مشيراً إلى أن أياً من البلدين لم يطرح شروطاً مسبقة من أجل ذلك.
ملتزمون بتشكيل حكومة توافق وطني حتى لو فزنا بالانتخابات
حكومة توافق وطني
وفي موضوع آخر، أكد هنية أن حركته “ملتزمة” بتشكيل حكومة “توافق وطني”، حتى وإن سجّلت فوزاً في الانتخابات التشريعية المقبلة، المقررة في مايو القادم.
وقال هنية: “حركة “حماس” تشارك في الانتخابات على قاعدة الشراكة وليس على قاعدة المغالبة، لا تريد أن تسيطر على النظام السياسي الفلسطيني”.
وأضاف: “حماس”، حتى وإن سجلت فوزاً في هذه الانتخابات، فهي ملتزمة بتشكيل حكومة توافق وطني مع كل الفلسطينيين، لكي نتحمل جميعا المسؤولية في مرحلة هي الأخطر من مراحل الصراع مع الاحتلال الصهيوني”.
ومنتصف يناير الماضي، أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسوماً حدد بموجبه مواعيد الانتخابات خلال العام الجاري: التشريعية في 22 مايو، والرئاسية في 31 يوليو، والمجلس الوطني في 31 أغسطس.
اخترنا اسم “القدس موعدنا” بعناية لنؤكد بأنها عنواننا وبوصلتنا
مدخل لإنهاء التقسيم
ورأى هنية أن الانتخابات المقبلة “مهمة”، وقد تُشكّل رافعة للأوضاع الفلسطينية الحالية.
وأضاف: “هذه الانتخابات مدخل، لإنهاء الانقسام الذي مضي عليه نحو 15 عاماً”.
كما قال: إن الانتخابات تهدف إلى “إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني على قاعدة الشراكة بين الجميع”.
وأضاف: “نعتقد أننا أمام مرحلة مهمة، وأمام محطة في حال استثمارها بشكل جيد، ستنقل الوضع الفلسطيني من الحالة التي عليها الآن، إلى حالة أفضل لترتيب البيت الفلسطيني”.
الانتخابات مدخل “لإنهاء الانقسام” وإعادة بناء النظام السياسي
قائمة “حماس”
وحول القائمة التي تقدمت بها الحركة، يوم الإثنين الماضي، لخوض الانتخابات، قال هنية: إنها تحتوي على “رسائل ورموز مهمة”، خاصة بشأن “القدس والشهداء والأسرى”.
وأضاف موضحاً: “اخترنا اسم “القدس موعدنا” بعناية دقيقة، لنؤكد بأن القدس عنواننا وبوصلتنا وعاصمتنا وشرفنا”.
وأكمل: “تضمنت القائمة أركاناً مهمة، منها رمزية الشهداء، وعلى رأس القائمة (القيادي بالحركة) خليل الحية، وهو منبت الشهداء، له أكثر من 15 شهيداً من عائلته”.
تأجيل الانتخابات
وفيما يخص الحديث عن احتمال تأجيل الانتخابات، جراء الضغوط الخارجية، أعرب هنية عن ثقته العالية في أن الانتخابات ستمضي وفق ما تم الاتفاق عليه.
وقال: “نحن متمسكون بالانتخابات، وكل المواقف الرسمية بما في ذلك في (حركة) “فتح” والسلطة (الفلسطينية)، (تقول) إنهم مصممون بالمضي قدماً حتى النهاية بالانتخابات”.
وزاد: أدرك أن هناك تحديات وضغوطات من أطراف، ومحاولات للعبث بالانتخابات، وخاصة من الكيان “الإسرائيلي”.
لكنه أضاف مستدركاً: “هذا أحد التحديات التي أمامنا، ولكن نحن متمسكون بالانتخابات كوسيلة لترتيب بيتنا الفلسطيني”.
وحول رد فعل “حماس”، في حال تأجيل الانتخابات أو إلغائها، قال هنية: “إذا حدثت تطورات على اتجاهات معاكسة أو سلبية، سندرسها في حينه وسنتخذ القرار اللازم” بخصوصها.
والأسبوع الماضي، أقرّ أمين سر اللجنة المركزية لحركة “فتح” جبريل الرجوب، في لقاء عبر تلفزيون فلسطين (رسمي)، بوجود ضغوط “إسرائيلية” وحتى إقليمية وعربية لإلغاء الانتخابات، وقال: إن الرئيس محمود عباس رفضها.
“إسرائيل” في مأزق
ويرى هنية أن “إسرائيل” تعيش حاليا ًفي مأزق، جراء عدم قدرة الأحزاب على تشكيل حكومة، وإجراء أربع جولات انتخابية خلال عامين، وقد يتم إجراء جولة خامسة.
وأضاف: “هناك مأزق حقيقي في داخل الكيان الصهيوني ونحن نتابعه، ويتمثل بعدم قدرة الأحزاب على تشكيل حكومات مستقرة وثابتة”.
وزاد: الكيان “الإسرائيلي” لم يعد بهذه القوة والمناعة الداخلية، وهناك تغيرات حقيقية تجري، وهي مؤشرات تقول لنا: لا مستقبل لهذا الكيان على الأرض الفلسطينية.
وأشار إلى أن نتائج الانتخابات تشير إلى أن الشعب “الإسرائيلي” ينحو باتجاه “اليمينية والتطرف”، حيث يكاد “اليسار” يندثر، مضيفاً: “كل المكونات الصهيونية لا تعترف بالشعب الفلسطيني وبحقوقه، ولا حتى بالحدود الدنيا للحق الفلسطيني”.
“إسرائيل” في مأزق ولم تعد تمتلك القوة والمناعة الداخلية
وحول موقف حركته من نتائج الانتخابات الأخيرة، أجاب: “نحن لا نعوّل كثيراً على الحكومات “الإسرائيلية” ونتائج الانتخابات، العلاقة هي علاقة مواجهة وصراع ومقاومة، وبالتالي هذا الشأن الداخلي ليس له تأثيراته على القرارات السياسية أو على توجهاتنا الإستراتيجية، أو على مواقفنا التكتيكية في الداخل”.
وأظهرت نتائج الانتخابات “الإسرائيلية”، التي جرت الأسبوع الماضي، وهي الرابعة التي تجري في غضون عامين، عدم وجود أغلبية لدى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أو المعسكر المعارض، تمكنهم من تشكيل الحكومة، وهو ما يجعل المراقبين لا يستبعدون إجراء جولة انتخابات خامسة.
تطورات إيجابية في المنطقة
وينظر زعيم “حماس” بإيجابية إلى التطورات الحاصلة في المنطقة، خاصة بعد رحيل إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب.
ورغم عدم تعويل “حماس” على إدارة الرئيس الحالي، جو بايدن، فإنه يقول: “التوحش السياسي الذي ميز سياسة ترمب قد لا يستمر مع سياسة بايدن”.
وحول أسباب تفاؤله بالتطورات في الإقليم، يقول: “هناك الكثير من المعطيات، ومن التسويات في المنطقة؛ المصالحة الخليجية، التقارب التركي المصري، وحل مشكلة ليبيا، والحديث عن حل مشكلة اليمن؛ أعتقد أن كل ذلك يفتح صفحات من الأمل والشعور بأن القادم أفضل لشعبنا وللمنطقة”.
المنطقة تشهد تطورات إيجابية تجلب الأمل بأن القادم أفضل
نقدر الدور التركي
وأشاد رئيس المكتب السياسي لـ”حماس” بالدور التركي الداعم للشعب الفلسطيني.
وقال في هذا الصدد: “نُقدّر عالياً الدور التركي خاصة في دعم القضية الفلسطينية وبالوقوف إلى جانب غزة في مواجهة الحصار، وتبني واحتضان القدس عاصمة فلسطين”.
وأضاف: “سجلنا باعتزاز المواقف السياسية للرئيس رجب طيب أردوغان وللبرلمان والحكومة في المحافل الإقليمية والدولية، ونرى أن قضية فلسطين هي قضية إجماع تركي”.
وتابع: “قد يكون لديه (الشعب التركي) ملفاته الخاصة وتباينات بالنقاشات؛ ولكن عند الحديث عن قضية فلسطين، تجد أنها قاسم مشترك بين كل الأحزاب والمكونات”.
وأكمل: “أعبر عن شكري لما تقوم به تركيا سواء للقدس وغزة، وفي المخيمات اللبنانية، أو في الشمال السوري، أو من هم في تركيا، ونتمنى أن تواصل هذا الدور، وهو قدر تركيا التاريخي والجغرافي والإقليمي والإسلامي تجاه القدس وفلسطين”.
نشيد بالدور التركي الداعم للشعب الفلسطيني وللقدس
خطورة التطبيع
وجدد هنية التحذير من خطورة “التطبيع” بين الدول العربية و”إسرائيل”.
وقال في هذا المجال: “خطورة التطبيع لا تخفى على أحد، هي ضمن (خطة إدارة ترمب السابقة) “صفقة القرن”، التي نصت في أحد مساراتها على بناء تحالفات عسكرية أمنية بين “إسرائيل” وبعض الدول في المنطقة؛ بناء هذه التحالفات فيها خطر على المنطقة والقضية”.
وأضاف: “هناك محاولة لاستخدام سياسة التطبيع لتطويع سياسات هذه الدول، ومن ثم الضغط على الفلسطينيين للقبول بالحلول التي تضرب بالحقوق الثابتة”.
واستدرك زعيم “حماس” أن حركته، ورغم رفضها الكامل للتطبيع، فإنها لا “تريد تحويل الصراع من صراع فلسطيني “إسرائيلي”، إلى صراع فلسطيني مع هذه الدول”.
وأضاف: “البوصلة ستبقى محددة، بأن الصراع مع الاحتلال، وأن الأشقاء (نواجههم) بالحوار السياسي، وبإعلاء شأن المصالح المشتركة، نستطيع التوصل لتفاهم مشترك للتعامل مع هذه القضية”.
وتوصلت “إسرائيل” خلال الشهور الماضية إلى اتفاقيات لتطبيع العلاقات مع كل من الإمارات والبحرين والمغرب والسودان.
نجدد التحذير من خطورة التطبيع مع “إسرائيل”
حصار غزة
وتطرق هنية في حديثه للحصار “الإسرائيلي” المفروض على قطاع غزة، موضحاً أنه “الأطول الذي يتعرض له شعب تحت الاحتلال”.
وقال: إن غزة تعرضت إلى “3 حروب مدمرة، ومؤخراً تعاني من جائحة كورونا في ظل إمكانيات شحيحة”.
وأضاف: “الحصار والحروب خلفت عشرات الآلاف من الشهداء ومن الجرحى والبيوت المدمرة، الحصار ضرب مقومات الحياة والبنية التحتية، البطالة فوق 65%، والفقر تجاوز هذه النسبة، وأعداد العاطلين بعشرات الآلاف، أكثر من 75 ألف خريج جامعي بالقطاع بلا عمل”.
وشكر هنية تركيا وقطر، على جهودهما لمساعدة قطاع غزة.
كما أشاد باستمرار فتح مصر لمعبر رفح البري، مضيفاً: “منذ فترة العلاقة مع الأشقاء في مصر جيدة، وفي معبر رفح، هناك حركة تجارية ومحاولة تخفيف عن أهلنا عبر هذه البوابة الوحيدة”.
غزة ما تزال تعاني منذ 15 عاماً من الحصار والاعتداءات “الإسرائيلية”
“إسرائيل” ولقاح كورونا
وندد هنية بتسييس “إسرائيل” قضية لقاح كورونا، حيث ترفض تزويد الفلسطينيين به، رغم أنهم واقعون تحت احتلالها المباشر.
وأضاف: “الإسرائيلي” دائماً يوظف القضايا الإنسانية لمزيد من الابتزاز والضغط في محاولة لأخذ مواقف سياسية مقابلها، هذه سياسة ثابتة وبالتالي لم يتعامل مع أزمة كورونا تعاملاً إنسانياً ولا نتوقع تعامله الإنساني في هذا الملف”.
وختم حديثه بالقول: “نضم صوتنا للرئيس أردوغان، بأنه يجب ألا يكون هناك تمييز في الأبعاد الإنسانية بالتعامل مع وباء مس البشرية جمعاء، الدول الغنية أقدر على شراء واختراع اللقاحات، ونحن في فلسطين بحاجة لأن تقوم هذه الدول بالتزاماتها تجاه فلسطين والمحاصرين”.
وكان الرئيس التركي قد قال، الثلاثاء، في رسالة مسجلة بعث بها إلى فعالية افتراضية نظمتها الأمم المتحدة: إن لقاح كورونا المحلي الذي تطوّره تركيا، “سيكون متاحاً للبشرية جمعاء” عند إتمام تطويره.
وأفاد أردوغان في رسالته أن هناك نحو 100 دولة حول العالم لم تتمكن من الوصول إلى اللقاح المضاد لفيروس كورونا، في حين أن هناك بلداناً تلقى جميع سكانها تقريبًا اللقاح، مضيفاً: “هذا أمر يبعث على القلق”.