قال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية، إن قرار تأجيل العملية الانتخابية ليس له أسباب مقنعة، مؤكدًا أن حركته كانت تأمل بأن تمضي العملية الانتخابية بمراحلها الثلاث حتى منتهاها، ولكن للأسف الشديد أنها لم تكتمل.
وأكد هنية في كلمة متلفزة، بثت أمس الجمعة، أن “حماس قدّمت مرونة عالية جدًّا، وتحلّت بأعلى درجات المسؤولية الوطنية والتاريخية، في سبيل تحقيق الوحدة والمصالحة الوطنية الفلسطينية”.
ذللنا الصعوبات
ولفت إلى أن “حماس” وافقت على إجراء الانتخابات قبل الحوار، ووافقت على قانون التمثيل النسبي رغم أن هذا يتعارض مع اتفاق القاهرة 2011، وتنازلت عن شرط التزامن في الانتخابات، وقبلت بتوالي المراحل الانتخابية، ضمن فلسفة تذليل العقبات والصعاب، للوصول إلى محطة الانتخابات التشريعية ثم الرئاسية، ثم المجلس الوطني، ضمن خارطة الطريق التي اتفق عليها في إسطنبول والقاهرة، بحيث تنتهي العملية الانتخابية في غضون 6 أشهر”.
وبين هنية: “وصلنا إلى هذه المحطة الإيجابية والمتقدمة، نتيجة لتوفر الإرادة السياسية، بدءًا بحركتي حماس وفتح، ومرورا بكل القيادات الفلسطينية”.
وأشار هنية إلى أن السبب الثاني لإنجاز هذا التقدم في الحوار، هو “توفر الإرادة الشعبية ورغبة شعبنا في التغيير واختيار قياداته وإنهاء الانقسام عبر صناديق الاقتراع، مدللًا على ذلك بالنسبة العالية في المشاركة في التسجيل والترشح، بالإضافة إلى رغبة فصائلية محتضنة من دول صديقة وشقيقة رغّبت في الحوار، وساعدت في إنجازه وتذليل بعض الصعوبات”.
الانتخابات في القدس
وأوضح هنية أن الاجتماعات التي عقدت في رام الله، واجتماع الأمناء العامين للفصائل في بيروت، وتفاهمات إسطنبول، وحوارات القاهرة توجت بالاتفاق على تحديد مواعيد الانتخابات وفق مرسوم رئاسية، مشيرا إلى رسالة وجهها إلى عباس تفيد بقبول “حماس” بإجراء الانتخابات على مراحل خلال ستة أشهر.
وفيما يتعلق بالقدس، بيّن هنية أنه خلال حوار القاهرة، “كنا نعلم وندرك أن الاحتلال قد يمنع الانتخابات في القدس، وأن الحكومة الصهيونية، تتمسك بصفقة القرن، وأن الاحتلال متمسك بالقدس عاصمة موحدة له، ومع ذلك كل الفصائل والمشاركين في الحوار أكدوا أننا سنمضي في هذه المعركة، وأن القدس معركة وطنية واشتباك سياسي، وأننا سنجري الانتخابات في القدس مهما كانت التحديات والعقبات”، وأن الجميع كان يتحضر للانتخابات في القدس كما في الضفة وفي غزة.
وأضاف: “نحن في حمـاس نؤكد بأنه يجب أن تجرى الانتخابات في القدس، وبالنسبة لنا لا دولة ولا معنى لفلسطين بدون القدس، فهي مرتبطة بأبعاد كثيرة سياسيًا واجتماعيًا ودينيًا وثقافيًا”، مؤكدا أن القدس عاصمة سياسية لفلسطين، وأن “حماس” لا تختلف مع “فتح”، ولا مع أي جهة فلسطينية على ضرورة إجراء الانتخابات في القدس، ولكن الخلاف مع عباس هو “أن نرهن قرارنا وإرادة شعبنا إلى الاحتلال الإسرائيلي، أو أن نرضخ لإرادة المحتل، أو أن نستجيب لرغبة هذا الطرف أو ذاك”.
لدينا الوقت الكافي
ولفت هنية إلى توفر الوقت اللازم لإجراء الانتخابات في القدس، موضحًا: “لدينا شعب في القدس قادر على أن ينتزع هذا الحق، كما انتزع حقوقه من قبل في ملف البوابات الإلكترونية وباب الرحمة، وساحة باب العمود”.
وبين أن الفصائل اتفقت على خوض مواجهة جامعة في القدس من أجل إجراء الانتخابات.
قرار التأجيل مرهون بالاحتلال
وأشار هنية إلى تأكيده لعباس على ضرورة الاستمرار في الانتخابات، وضرورة إجراء الانتخابات في القدس، وفي حال رفض الاحتلال ذلك، فنضع صناديق الاقتراع في المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، ومدارس الوقف، وإذا قام الاحتلال ببلطجة سياسية، “فليكن اشتباك سياسي واجتماعي، وليرى العالم بلطجة الاحتلال”.
وأبدى هنية أسفه لتأجيل الانتخابات، معتبرا التأجيل رهنا للقرار الفلسطيني بالاحتلال وبروتوكولات أوسلو، و”معنى ذلك أن التأجيل يعني الإلغاء، ومصادرة حق شعبنا الفلسطيني في اختيار قياداته”.
وتابع:” طالبنا بأن يكون اجتماع رام الله لبحث الأدوات الفلسطينية؛ لطريقة إجراء الانتخابات في القدس، لا أن نؤجل الانتخابات، أو نخرج القدس من العملية الانتخابية”.
وطالب هنية خلال كلمته عباس، توضيح موضوع الشروط الدولية التي تحدث عنها خلال خطابه، قائلا إن الأمر جديد ويحتاج إلى توضيح أكثر من ذلك، مشيرا إلى أن هذا الموضوع لم يطرح على طاولة الحوارات من قبل.
وأكد أنه لم يكن في أي فترة من الحوار عن الشراكة والانتخابات، يتطلب أن توافق “حماس” على الشروط الدولية، مضيفا أن الموافقة على تلك الشروط التي تلغي حقوق شعبنا أمر مرفوض ولا يمكن قبوله.
وبين أن الحوارات التي عقدت خلال الشهور الأخيرة بمحطاتها المختلفة هي المرجعية السياسية للفصائل، ولا يمكن التضحية بحقوق الشعب الفلسطيني من أجل الانتخابات.
متمسكون بالحق الفلسطيني
وأشار إلى أن “حماس” تسير وفق حقوق الشعب الفلسطيني ولا تخجل من موقفها ورؤيتها واستراتيجيتها، مؤكدا انه لا يمكن أن تضحي بحق العودة وحق شعبنا في القدس وتحرير الأسرى، مقابل اشتراط إجراء الانتخابات بموافقة حمـاس على الشروط الدولية.
وأوضح هنية: “بعد قرار التأجيل المؤسف، وضعنا الساحة الفلسطينية في منطقة تشبه الفراغ، وهناك قضايا كبيرة كان يجب معالجتها من خلال المؤسسات التي ستشكل بعد الانتخابات”.
وتابع: “هناك قضايا كبيرة، كإنهاء الانقسام الجغرافي والسياسي، وإنهاء الانقسام في الرؤية السياسية للتوصل إلى رؤية جامعة”، مضيفا: “مسار الوحدة الوطنية لم يكن مقتصرًا فقط على الانتخابات، بل اتفقنا على القيادة الموحدة، والمقــاومة الشعبية، والشراكة في كل النظام السياسي الفلسطيني”.
الوحدة ليست بالانتخابات فقط
وأوضح أن مسار الوحدة الوطنية ليس مقتصرًا على الانتخابات، وهناك نقاط متعلقة بقيادة موحدة وترتيب منظمة التحرير الفلسطينية.
وأكد: “استطعنا أن نحقق لأهلنا في الضفة وغزة إنجازات من بينها الحريات السياسية، ونريد أن نحافظ على هذه الإنجازات، ولا نريد مجددًا أن ننقض عليها، لأنه هذه قضايا أصيلة من حقوق أي مواطن فلسطيني، وخاصة لأهلنا في الضفة”.
ورأى هنية أن قرار التأجيل فيه من التعقيدات ما يمكن أن يعيد الوضع الفلسطيني إلى مربع المناكفات، مشيرا إلى أن:” حمــاس لا تريد أن نحول هذا الوضع إلى صراع فلسطيني داخلي، بل نريد أن نستمر في لغة الحوار والتواصل والتوافق مع الكل الفلسطيني”.
ودعا هنية إلى لقاء وطني جامع تشارك فيه القوائم والفصائل لكي نتدارس بيننا كيف يمكن أن نمضي في المرحلة القادمة، وأن نتجاوز هذه المرحلة، مضيفا “ما زلنا نعتقد أنه بإمكاننا إجراء الانتخابات في موعدها، وفي القدس أولًا”.
كفى لعباً بالنار
وفي ظل تهديدات الاحتلال باقتحام المسجد الأقصى، قال هنية:” التهديدات الصهيونية باقتحام المسجد الأقصى يوم 28 رمضان، نقول للاحتلال كفى لعبًا بالنار، ولا يمكن أن نقبل بهذه العربدة، ولا يمكن أن نترك أهلنا وشعبنا وحدهم في هذه المعركة”.
وأضاف:” أقول لأبناء شعبنا في غزة والضفة والأراضي المحتلة عام 48 والمنافي والشتات، يجب أن تكونوا على مستوى المسؤولية، ويجب أن نقف إلى جانب القدس وننتصر في معركتها”.