من المؤلم أن تخرج من البيت وأنت في الشارع وربما ما زلت لم تتجاوز منطقتك التي تسكنها، فتقع عيناك على فتيات من أبناء جيرانك من أسر كريمة طيبة وهن يخرجن من البيوت بلباس لا نشاهده إلا في الغرب وعلى غير المسلمين!
فتجد تلك الفتاة من أسرة محافظة معروفة، جليلة القدر وذات نسب وحسب، وتجدها كذلك ذات خلق رفيع واحترام ورزانة، إلا أنها انتهكت ما أمر الله به وما وضع له حداً وقيمة في حياتها، والذي يمثل درعاً حصينة لشرفها، وباباً يوصد عن كثير من الشرور؛ ألا وهو الستر والحشمة، مجتازة بذلك حدود الحرام، ومحطمة للعادات الأصيلة التي فطرنا وتربينا عليها، التي تحمل قيماً ومعاني لصيانة الإنسان، فلم يأمرنا الله عز وجل بشيء إلا لحِكَم عديدة علِمناها أم لم نعْلَمها، وأيضاً هو اختبار لمحبتنا الحقيقية له، وهي طاعته والانقياد إليه.
نعم، ربما نجد تلك الفتاة فعلاً إنسانة عفيفة نقية، طيبة القلب وحسنة النية، سباقة وباذلة نفسها للخير والعطاء، نعم هي مصلية ولا تترك فروضها ولا تهمل أوقاتها، تصوم وتتسابق لكل بر.. ولكن!
أهملت نظر الله عز وجل لها ولم تستحِ منه في ذلك، مرتكبة كبيرة من كبائر الذنوب؛ وهي تعري جسدها، لبسها لقصير الثياب، أو لبس ضيق يظهر تفاصيل الجسد، أو كاشفة لذراعيها، أو ترتدي حجاباً ضيقاً ومتزينة تماماً، وكأن أحكام الله وأوامره ليست موجودة في قاموسها السلوكي!
قد تكون هناك عدة أسباب، ومنها حب المرأة للتجمل والتميز في الشكل، أو رغبتها بلفت النظر، أو عادتها بأن تكون متجملة بهذه الصورة من عدة منطلقات تؤمن بها مثل الحرية، وعدم تسلط أحد عليها، ورغبتها بما تريد هي لا كما يريده الناس، وغيرها العديد من الأسباب التي تتفاوت بين الفتيات اللاتي زين لهن الشيطان حسن ذلك العمل السيئ.
وقد تعتقد بعضهن بأنه من المبالغة الشديدة أن الرجل أو الشاب يتأثر عند رؤيتها بهذه الصورة، فهي إما أنها تعلم أو لا تعلم بأن منظرها هذا يؤدي إلا انحراف بعض الشباب والرجال، مؤثراً على سلوكهم وأخلاقهم!
ولا تعلم بأن فعلها هذا يُغضب الله عز وجل، فقد جاء في حديث أبي هريرة المتفق عليه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله تعالى يغار، وغيرة الله تعالى أن يأتي المرء ما حرم الله عليه”، فالله عز وجل يغار ويغضب على من عصاه وليس أحد أغير منه سبحانه وتعالى.
ربما الكثير من الآباء وأولياء الأمور الصالحين فقد السيطرة على ابنته وفتاته، ولم تطعه في سترها وحجابها، لكن الإنسان لا يكل ولا يمل من النصح والأمر بالمعروف، فالمحبة والرحمة وكثرة ترديد النصح لها سيلين قلبها يوماً من الأيام بإذن الله تعالى، ويسبق ذلك كله الدعاء لها وتحري أوقات الإجابة والإلحاح بذلك.
كما يجب تذكير الفتاة دائماً بحب الله تعالى، فالله عز وجل يحب أهل طاعته ويبغض من يعرف الحرام ويفعله وهم أهل معصيته.
قال تعالى: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ) (النور: 31).
لقد جاءت أدلة كثيرة من القرآن والسُّنة تأمر المرأة بأن تستتر وتتحجب ولا تظهر زينتها إلا للمحارم، ونحن هنا في هذه المقالة لسنا بصدد سرد الأدلة، فالوصول إليها سهل لمن أرادت أن تصلح نفسها مع الله عز وجل.
ولنعلم أن الاستهانة بأوامر الله وارتكاب كبائره تضعف قربنا منه، وتثبط همتنا عن طاعته والالتزام بتعاليمه، وتزلزل ثباتنا على الخير والدين.. فاللهم اهدنا للحق وثبتنا على دينك.