يشهد المغرب حالة من النمو الاقتصادي في وقت ما زالت معدلات البطالة في المملكة مرتفعة، مما يعد أحد أهم التحديات الاقتصادية التي تواجهها الحكومة المغربية الجديدة بقيادة عزيز أخنوش.
وقال الملك المغربي محمد السادس، في 8 أكتوبر الماضي: إن اقتصاد بلاده يشهد “انتعاشاً ملموساً” رغم الآثار “غير المسبوقة” لجائحة كورونا، متوقعاً نمواً في الناتج الإجمالي يفوق 5.5% خلال العام الجاري.
الاقتصاد المغربي يعاني من تفاقم عجز الميزانية إلى 7.6% من الناتج المحلي الإجمالي
وأضاف: من المنتظر أن يحقق المغرب نسبة نمو (بالناتج المحلي الإجمالي) تفوق 5.5% عام 2021م، وهي نسبة لم تتحقق منذ سنوات، وتعد من بين الأعلى على الصعيدين الجهوي والقاري.
بينما لم تلمس معدلات النمو والبطالة التي يعيشها أفراد المملكة، حيث ذكرت المندوبية السامية للتخطيط أن معدل البطالة في المغرب ارتفع إلى 12.8% في النصف الأول من العام من 12.5% قبل عام، على الرغم من المحصول الجيد الذي امتص الطلب على الوظائف في المناطق الريفية.
مؤشرات مضادة
ولكن رغم مؤشرات النمو المعلنة خلال العام الجاري عند 5.5% والمستهدفة خلال العام القادم عند 3.2%، فإن هناك مؤشرات مضادة تكبح هذا النمو ولا تعكسه على المجتمع المغربي وبخاصة على معدل البطالة.
حيث يعاني اقتصاد المغرب من تفاقم عجز الميزانية إلى 7.6% من الناتج المحلي الإجمالي، فيما تزايدت نسبة الدين العمومي إلى 76.4% من الناتج الإجمالي، نتيجة تراجع الموارد الجبائية، ومجهود الاستثمار الذي بذلته خزانة الرباط، مما يؤثر على القطاع العام ويجعله غير قادر على خلق فرص عمل لأن ميزانية الدولة لا تسمح.
بالإضافة إلى مطالبات رجال الأعمال بالحصول على تخفيضات ضريبية على شركاتهم كي تصل إلى المستوى المعمول به في بعض الدول المنافسة، حيث يستهدفون الوصول إلى معدل 25% عوضاً عن 31% حالياً، مما أضر الشركات المغربية وبالتالي تتخلى عن بعض موظفيهم.
حكومة أخنوش وعدت بتوفير مليون وظيفة خلال الـ5 سنوات القادمة
وقالت المندوبية المغربية السامية للتخطيط: إن مؤشر أسعار المستهلكين (التضخم) ارتفع 2.2% على أساس سنوي في يوليو الماضي.
كذلك ارتفاع أسعار السولار، الذي يعتبر الأكثر استهلاكاً من قبل أصحاب العربات، حيث شهد ارتفاعات متوالية في العام الحالي ليصل إلى 9.70 درهم للتر الواحد (1.06 دولار)، والبنزين الذي لم يسلم من تلك الزيادة، حيث قفز سعره إلى 11.50 درهم (1.26 دولار).
وبالتالي، مع ارتفاع معدلات التضخم وأسعار الطاقة محلياً، يتأزم الوضع العام في المملكة ويضيف مزيداً من فاتورة الإنتاج على المنتجين، وبالتالي تتخلى بعض المصانع والشركات عن فكر توظيف عمالة جديدة بل والتخلي عن بعض الموظفين الموجودين بهدف الحفاظ على أسعار منتجاتهم دون زيادة.
ويؤدي هذا التفاقم في معدل البطالة إلى مشكلات كثيرة مثل تراجع القدرة الشرائية للأسر المغربية، بالإضافة إلى أنه يزيد من الإحباط بين الشباب ويخلق حالة من التوتر المجتمعي.
تحديات الحكومة
وتعد البطالة أحد أبرز التحديات أمام حكومة أخنوش الجديدة التي وعدت بتوفير نحو مليون وظيفة خلال الـ5 سنوات القادمة.
كما يقع على عاتق هذه الحكومة تأمين حلول لمواجهة وضع اقتصادي واجتماعي صعب فرضه تفشي وباء كورونا، واستحقاقات مستقبلية تخص على وجه التحديد مناقشة والتصويت على مشروع قانون المالية لسنة 2022، وتطبيق النموذج التنموي الجديد للمملكة، واستكمال تطبيق الإطار القانوني للورش الاجتماعية.
يضاف إلى تلك التحديات النهوض بالوضع الاجتماعي للمغاربة، من خلال رفع الأجور ودعم الفئات الهشة، مع تعزيز العرض الصحي وإصلاح التعليم ومناخ الأعمال.
ويأتي في مقدمة تلك التحديات هو العمل على استقرار معدلات الدين بشقيه الخارجي والداخلي دون زيادة، والعمل فيما بعد على تقليص تلك المعدلات عبر جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية وتحفيز الاستثمار المحلي، مع سرعة تلقي اللقاحات وإجراء إصلاحات بالمؤسسات الحكومية وحماية حقوق الملكية وحقوق المستثمرين.
الصندوق الدولي توقع ارتفاع نسبة البطالة إلى 12% بنهاية 2021
توقعات 2022
ويتوقع مشروع موازنة المغرب للعام 2022م زيادة نسبتها 9% في إجمالي الإنفاق إلى 519 مليار درهم (تعادل 57 مليار دولار)، بحسب وثائق لوزارة المالية، بعجز يتوقع بنحو 5.9% بواقع 8 مليارات دولار من 6.2% متوقعة بنهاية العام الحالي.
وفي حال الموافقة عليها، ستحتاج مسودة الموازنة تمويلاً قدره 105 مليارات درهم (11.63 مليار دولار)، وتتضمن طلباً إلى البرلمان لزيادة سقف الدين الخارجي للحكومة إلى 40 مليار درهم (4.43 مليار دولار).
ويرى البنك المركزي أن مديونية الخزانة التي وصلت في العام الماضي إلى 76.4% من الناتج الداخلي الخام، ستصل في العام الحالي إلى 77.3%، وتقفز في العام المقبل إلى 79.6%.
وتوقع البنك الدولي استقرار نمو الاقتصاد المغربي عند معدل 3.4% عام 2022.
بينما توقع صندوق النقد الدولي في تقريره حول “توقعات النمو العالمي”، معدل نمو بنسبة 3.1% في عام 2022 مقابل 3.9% كما كان مرتقباً في تقريره الأخير.
كما توقع الصندوق أن ترتفع نسبة البطالة إلى 12% بنهاية عام 2021، قبل أن تنخفض بشكل طفيف إلى 11.5% خلال السنة المقبلة.
وأشار الصندوق أيضاً إلى أنه يتوقع أن يستقر مؤشر الأسعار عند الاستهلاك على التوالي عند 1.4% في عام 2021، و1.2% في عام 2022.