أثارت رواية أجازتها وزارة الثقافة الأردنية تحت اسم “ميرا”، ووزعتها في إطار مشروع تنظمه تحت عنوان “مكتبة الأسرة”، غضب الأردنيين؛ لما تتضمنه من عبارات خادشة تمس قيم وأخلاق المجتمع.
وقرّر مجلس النواب الأردني، بعد جلسة شهدت مداخلات نواب معترضين، إحالة الرواية على لجنة التوجيه الوطني النيابية، مكلّفين إياها “التحقيق وتقديم التوصيات حول ما جاء في الرواية”.
وقال النائب ينال فريحات، في مداخلته أمام مجلس النواب: هذه الرواية أساءت للأسرة الأردنية والقيم الأخلاقية في الدولة الأردنية، ويجب محاسبة كل من أجاز طباعة وتداول تلك الرواية المشؤومة المسماة “ميرا”، ومن أجاز وجودها في مشروع مكتبة الأسرة.
وأضاف: في وقت تضحّي أجهزتنا الأمنية بأرواح أفرادها حتى يحموا شبابنا من المخدرات، تقوم وزارة الثقافة بعمل أخطر من خلال مخدرات ومفسدات أخلاقية تنشرها بين أبنائنا وأجيالنا.
الثقافة أمانة
بدوره، أكد الباحث والمختص الاجتماعي همام طوالبة لـ”المجتمع” أن الثقافة أمانة، والقلم مسؤولية ورسالة، فكلمة قد تهدم مجتمعاً، وكلمة قد تحيي أمة.
وأشار طوالبة إلى أنه ليس كل ما يروج في سوق الكتابة اليوم يتبناه الموجهون والمربون، موضحاً أن بعض الأقلام تنشر الشبهات التي تخلخل الأسس الفكرية للمجتمع، وبعضها تنشر الشهوات التي تستهدف أخلاق المجتمع وروحه، وثالثة تستنزف الأوقات دون فائدة أو قيمة.
وتابع: ليس غريباً في عصر الإنترنت أن تجد مثل هذه الكتابات الضارة في الفضاء الرقمي، ولكن الغريب أن تتبناها بعض الجهات الرسمية التي هي في الأصل محل ثقة المواطن واطمئنانه، هنا لا بد من وقفة عاجلة وعميقة!
وتساءل طوالبة عن الأسباب التي جعلت هذه الرواية تمر، خاصة في برنامج “مكتبة الأسرة” التابع لوزارة الثقافة؛ خيانة أم خطيئة؟! ولا فرق بينهما في النتيجة.
وقال: إذا لم يجد المواطن أمنه الثقافي في وزارة الثقافة ومكتبتها الأسرية، فأين يجده؟!
وتساءل أيضاً: هل يعتقد من يروج لهذه الأفكار عن طريق المؤسسات الرسمية أنه يحقق خرقاً ثقافياً في المجتمع؟
وأضاف طوالبة: إن الشعب الأردني والشعوب العربية شعوب محافظة تقدس العفة والطهارة، محذراً من الأخطاء الرعناء التي لن تغير من قيم المجتمع، بل ستفقد ثقة الناس بمؤسساتها الرسمية، وهذا خطير على المجتمع والدولة، وفق تعبيره.
ودعا طوالبة إلى معالجة الأسباب التي جعلت هذه الرواية في برامجنا الثقافية الرسمية، حتى نحافظ على ثقة المواطن بمؤسساته الوطنية.
غضب شعبي
وانتشرت نصوص الرواية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما أثار غضب المغردين الذين طالبوا بإقالة وزيرة الثقافة الأردنية ومحاسبة المسؤولين عن إجازتها.
من جانبها، علقت الكاتبة فاطمة الوحش، عبر حسابها على “تويتر”، قائلة: غضب شعبي عارم بعد نشر قصة إباحية للأطفال ذات أفكار شيطانية تورطت وزيرة الثقافة بنشرها مما فتح المجال أمام السؤال المهم، أين هويتنا؟ وما دور المؤسسات الأجنبية ودعمها لتشويه الناشئة ونشر الرذيلة؟! كما أن هذا الأمر سيفتح ملفات النوع الاجتماعي والأكاديميات المشبوهة.
غضب شعبي عارم بعد نشر قصة إباحية للأطفال ذات افكار شيطانية ميتورية تورطت وزيرة الثقافة بنشرها مما فتح المجال امام السؤال الهام،، اين هويتنا وما دور المؤسسات الأجنبية ودعمها لتشويه الناشئة ونشر الرذيلة؟! كما أن هذا الامر سيفتح ملفات #النوع_الاجتماعي والاكاديميات المشبوهه #الاردن pic.twitter.com/yJVWsX8XaM
— الدكتورة فاطمة الوحش #القدس،،هي #الوعي (@fatimaalwahsh) November 30, 2022
وتساءلت النائبة أدب السعود في منشور لها على “فيسبوك”: كيف تم عرضها ضمن مكتبة الأسرة التي تنفذ سنوياً من قبل وزارة الثقافة، المعنية بنشر الثقافة التي يجب أن تنسجم مع الدستور أولاً “دين الدولة الإسلام”، والقيم الأخلاقية والاجتماعية؟
وقال المحامي محمد صويلح، في منشور عبر حسابه على “فيسبوك”: رواية “ميرا” مساهمة ساقطة ضمن مسلسل الانقلاب على الفطرة السوية، وهدم السلوك القويم وخير رد عليها تشجيع الناشئة للالتزام بالمساجد ودور القرآن الكريم.
أما محمود المغربي فقال، عبر حسابه في “فيسبوك”: رواية “ميرا” باب جديد من أبواب التهيئة لجيل جديد يتقبل أفكاراً قذرة وانحطاطاً أخلاقياً يستهدف الأطفال، وبموافقة وزارة الثقافة.
وقالت نيفين العياصرة، وهي كاتبة وراوية: أنا قدمت لوزارة الثقافة رواية تجسد مشكلات الوطن العربي، واعلم آلية التدقيق والتحويل من لجنة إلى أخرى، والوقت المستهلك للموافقة، لا يمكن أن تصدر رواية دون قراءتها وتدقيقها.
وأضافت: يعني “ميرا” قرئت من قبل لجان وتم الموافقة على الإيحاءات الجنسية، فأي تبرير مرفوض.
وقال قصي طراونة عبر حسابه في “تويتر”: رواية “ميرا” دليل على الانحطاط الفكري والتسويق لكل ما هو غير أخلاقي ولا يمت للدين الإسلامي بأي صلة، وأكثر شيء مخز هو الموافقة على نشر مثل هذه الروايات، نحن مسلمون نحمل إرثاً عظيماً من الأخلاق والمبادئ، لا نقبل بهذا أبداً.
سحب الرواية
وقد قررت وزارة الثقافة سحب رواية “ميرا” للكاتب الأردني قاسم توفيق، والصادرة منذ العام 2019، عن دار نشر أردنية، ورشحت هذه الرواية من بين عشرات الروايات من قبل لجنة مكتبة الأسرة لإعادة نشرها ضمن إصدارات هذا العام.
وفي مساء اليوم الأول من عرض الرواية في مراكز البيع، تبين وجود فقرتين تتنافيان مع الذوق العام وقيم المجتمع.
وقررت وزيرة الثقافة هيفاء النجار على الفور إيقاف عرض الرواية، وسحب جميع النسخ من مراكز التوزيع، مشيرة إلى أنه تم طباعة ألفي نسخة من الرواية المذكورة، وتم سحب القسم الأكبر منها وإيداعها في مستودعات الوزارة.
كما قررت الوزيرة تكليف اللجنة بوضع معايير وتعليمات وشروط وأسس جديدة لاختيار العناوين التي تعيد الوزارة طباعتها.
وعلى رغم سحب الرواية من معارض “القراءة للجميع” في مختلف مركز التوزيع بالأردن، فإن وزارة الثقافة دافعت عنها قائلة: إنها تقوم في بعدها الدرامي على تناقضات الواقع في بعديه السلبي والإيجابي، لإبراز الصور الإيجابية، وهو ما يعرف بتيار الوعي.
{mp4}145532{/mp4}