الإخلاص شرط لقبول الأعمال؛ لذا يقول ابن عطاء الله: “ربما فتح لك باب الطاعة ولم يفتح لك باب القبول”.. فالخوف من الرياء والهرب منه شعور إيجابي يجب أن يكون لدى كل مسلم؛ لأن الرياء يحبط العمل، ويذهب به هباء، كما قال الله عز وجل في الحديث القدسي: “أنا أغنى الأغنياء عن الشرك؛ فمن عمل عملا أشرك فيه غيري فهو للذي أشرك”. وقال صلى الله عليه وسلم: “إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى…”.
وقد حدد العلماء شرطين أساسيين لا بد من توافرهما حتى يكون العمل متقبلا وهما: الإخلاص في العمل لله، وصحة العمل بموافقته منهج الله ورسوله؛ ولذلك يكون المؤمن دائما في حذر وخوف من تسلل الشرك أو الرياء إلى عمله فيحبطه.
ولكن هل معنى هذا أن يترك المؤمن العمل خوف الرياء؟
يجيب على ذلك قول الفضيل بن عياض: “العمل من أجل الناس شرك، وترك العمل من أجل الناس رياء، والإخلاص أن يعافيك الله منهما”؛ فلو أن كل إنسان خاف من الرياء ترك العمل، لما قام أحد بفعل خير على وجه الأرض! ولكن حال المؤمن دائما أنه يؤدي ما عليه من تكليفات وواجبات، ثم بعد ذلك يكون حاله بين خوف من عدم القبول فيحاول الأخذ بأسباب القبول، ورجاء في رحمة ربه عز وجل؛ حتى يرزقه الله الإخلاص ويعافيه من العمل من أجل الناس وتركه من أجل الناس.
وقد قيل: “إذا علمت أنك مخلص فاعلم أن إخلاصك يحتاج إلى إخلاص”؛ فلا أحد يعلم مدى إخلاصه وهل تقبل الله منه أما لا.
دلائل المخلصين
هناك بعض الدلائل التي لو تحققت في الشخص فإنه إن شاء الله يكون من المخلصين:
– أن يستوي عنده عمل العلن والخفاء؛ فلا ينشط أمام الناس ويتكاسل إذا كان منفردا.
– أن يكثر من أعمال السر؛ فلا بد أن يكون بين العبد وربه عمل لم يطلع عليه أحد من الناس.
– أن يستوي لديه مدح الناس وذمهم؛ ذلك لأنه لا ينظر إلا لله عز وجل في عمله.
– أن يشعر بسعادة بتفوق الآخرين في أعمالهم، ولا يبخل عليهم بكلمة ثناء وشكر.
– أن يستشعر أن أي عمل يقوم به إنما هو من توفيق الله عز وجل.
الطريق للإخلاص
هذه بعض النصائح التي تساعد على تحقيق الإخلاص منها:
1– أن يجعل لكل عمل نية حتى وإن كان عملا صغيرا؛ فرب عمل عظيم تحقره نية، ورب عمل صغير تعظمه نية.
2– مراقبة النية وتجديدها أثناء أي عمل؛ حتى لا تحيد نيته فيفسد عمله.
3– أن يستشعر أن أي عمل يقوم به إنما هو من توفيق الله عز وجل.
4– أن يحذر أن يأتيه الرياء من حيث لا يراه الناس؛ بمعنى أنه إذا كان يقوم بعبادة في وقت خلوة فربما تحدثه نفسه بأنه لو رآه الناس الآن لعرفوا مدى إخلاصه.
5– أن يواظب على محاسبة نفسه بعد كل عمل لقياس مدى إخلاصه.
6– أن يدعو الله بعد كل عمل بالقبول، وليعلم أنه ربما فتح الله باب الطاعة ولكن لم يفتح له باب القبول.
7– ألا يغتر بأعماله الصالحة، ويضع نصب عينيه دائما أنه “رب معصية أورثت ذلا وانكسارا خير من طاعة أورث عزا واستكبارا” كما قال ابن عطاء الله.
أسأل الله عز وجل أن يجعل عملنا خالصا لوجهه الكريم وألا يجعل فيه لمخلوق حظا، وأن يصرف عنا وساوس الشيطان، وأن يهدينا وإياك إلى سواء الصراط..