الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية كانت موضوع الندوة التلفزيونية، الإثنين 21 رمضان 1407هـ، وقد اشترك في تلك الندوة عضوان من الأعضاء المؤسسين للهيئة، هما: عبد الله علي المطوع، رئيس جمعية الإصلاح الاجتماعي، وأحمد سعد الجاسر، رئيس جمعية النجاة الخيرية، وقدَّم الندوة وأدار النقاش فيها د. عادل الفلاح.
وإيماناً من «المجتمع» بضرورة دعم الهيئة الخيرية على كافة المستويات الإعلامية، فإنها تنشر أهم ما جاء في الندوة التلفزيونية ليتسنى لقرائنا خارج الكويت التعرف عن كثب على الهيئة من خلال إجابات السيدين المطوع، والجاسر، خلال الندوة:
< جاءت الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية في وقت مهم وضروري كي تسد حاجة المسلمين في هذا الواقع الذي يعيشونه ولتحقق آمالاً جساماً وأهدافاً عظيمة، فكيف برزت فكرة هذه الهيئة؟ وكيف أصبحت واقعاً عملياً نراه بيننا؟
– المطوع: قامت الهيئة الخيرية في وقت مناسب، وأعتقد أن قيامها جاء متأخراً خمسين سنة لما سبقها من هيئات عالمية منذ أكثر من خمسين أو ستين عاماً تشتغل ضد التوجه الإسلامي، ولكن عندما بلغ السيل الزبى، تحرك المخلصون في الكويت والأقطار الإسلامية الأخرى، وكان قيام الهيئة في يوم تجمع فيه المسلمون في الكويت في مؤتمر البنوك الإسلامية منذ ثلاث سنوات، وقام الشيخ يوسف القرضاوي يدعو المسلمين إلى ضرورة إنشاء هيئة خيرية إسلامية لصد التيارات المعادية للإسلام، وسد عوز الفقير وإنشاء المصانع لتشغيل أبناء المسلمين في أفريقيا وجنوب شرق آسيا والبلدان الإسلامية التي تتعرض للجفاف والمجاعة والفقر، فنادى هذا الرجل وذكَّر المسلمين بأن هناك هيئات أخرى اجتمعت في أمريكا ودعت الشعوب الأمريكية وغير الأمريكية لجمع ألف مليون دولار لتنفقها على المناطق الأفريقية والمناطق الآسيوية لتطرح فكراً وتوجهات تدفع بالمسلمين إلى عكس ما يراد لهم من عقيدة إسلامية صحيحة وتوجه فكري سليم، لقد قامت تلك الهيئة بدعوة المواطنين في أمريكا وغير أمريكا بفكرة جمع ألف مليون دولار، وفعلاً جمعت في جلسة واحدة ألف مليون دولار لغزو المسلمين في ديارهم، ومنذ أن نادى الشيخ القرضاوي تجاوب معه أهل الكويت والمجتمعون في ذلك الاجتماع من المسلمين من البلاد العربية والإسلامية؛ فبدأت الهيئة منذ ذلك الوقت ونودي بذلك الاجتماع برئيس لهذه الهيئة وهو يوسف جاسم الحجي، وفقه الله للخير، الذي قبل مشكوراً رئاسة هذه الهيئة والسير بها قدماً.
< هل يمكن أن تشرحوا لنا كيف تم اختيار الكويت مقراً للهيئة الخيرية الإسلامية العالمية؟
– المطوع: الحقيقة الفكرة بدت في الكويت، وطرحت في اجتماع أشرت إليه في حديثي، وقد لاقت ترحيباً على المستويين الشعبي والرسمي، وكان الأمير حفظه الله مؤيداً لهذه الهيئة منذ اليوم الأول لقيامها، وبلقائي مع الأمير قال: إنني مقتنع بهذه الهيئة وبأهدافها الخيرية وبأعمال البر التي سوف تقوم بها بإذن الله، فكان التأييد من الأمير وولي العهد، وفقهما الله للخير، منذ أنشئت هذه الهيئة، كذلك فإن المسؤولين بشكل عام ومعهم الشعب الكويتي أيضاً يؤيدون هذه الهيئة، ويشترك بالهيئة مائة وستون عضواً من كافة أرجاء العالم الإسلامي، حيث جاؤوا أيضاً تلبية لهذا النداء الطيب.
وفكرة إنشائها في الكويت جاءت عندما نودي فيها في الكويت حيث لاقت الترحاب من المسؤولين والأهالي والحمد لله، فكانت دولة المقر للهيئة العالمية ذات الرسالة العالمية، وسوف تسجل في جميع الهيئات الدولية، والكويت دائماً وأبداً تحتضن التوجهات الخيرية الطيبة.
< كثيراً ما نقرأ في إعلانات الهيئة أنها عالمية التأسيس وعالمية التمويل وعالمية الاستثمار وعالمية الإنفاق، فهل لكم أن توضحوا طبيعة هذه العالمية ومعناها؟
– الجاسر: تأتي فكرة العالمية لهذا العمل الخيري فكرة رائدة، حيث إننا نعهد في كثير من الهيئات الخيرية أنها تقوم على فكرة تخصصية، إما أن تقدم خدمات لأغراض محددة كأن تكون في مجال التعليم أو في مجال الإغاثة أو في مجال تقديم العلاج أو في مجال بناء المساجد.. قد تكون هذه الخدمات تقدم لمناطق جغرافية محددة، إنما المفهوم الجديد لهذه الهيئة هي أنها هيئة عالمية، فمجال أهميتها هو مكان تواجد المسلمين على هذه الأرض لتفقد أحوالهم والأخذ بيد المحتاج ودعم أعمال الخير، وعن عالمية التأسيس: أقول: إنه يتمثل في هيئتها التأسيسية أعضاء من معظم دول العالم الإسلامي ومن الجاليات المسلمة في غير الدول الإسلامية، وهي عالمية التمويل، حيث إن كل مسلم يرى هيئة تقوم بهذا الشكل العام على الأعمال الخيرية في المجالات الاجتماعية والإنسانية والتعليمية والعلاج، ويقال فيه عالمية التمويل وعالمية الدعم في مجال الخبرة والجهد الطوعي، وكذلك فإن اهتمامات الإنفاق لهذه الهيئة العالمية سوف تتفقد أحوال المسلمين في كل مكان وتقدم ما تستطيعه من عون ودعم في المجالات الخيرية المختلفة التي ذكرتها، وهي هيئة كل مسلم أينما وجد.
< فكرة الاستثمار فكرة رائدة في مجال العمل الخيري، وهي إحدى المميزات للهيئة التي طورت العمل الخيري، فهل تعطونا فكرة عن الاستثمار الخيري؟ وهل يشمل الصدقة والزكوات، أم يقتصر على جانب معين من التبرع؟
– المطوع: جانب الاستثمار في الهيئة جانب مهم، فهناك ضرورة وجود الأموال لتحريك هذه الهيئة وما تخططه من مشاريع مستقبلية، والهيئة إذا جمعت وأنفقت ما جمعت فلا يمكنها أن تحقق المشاريع المدروسة؛ لذا فقد قرر القائمون عليها بأن تجمع ألف مليون دولار بإذن الله في مشاريع إنمائية وفي استثمارات صناعية وفي استثمارات إنمائية مشروعة، وسيبقى أصل المبلغ ثابتاً وما يأتي من ربح سوف ينفق على المشاريع، والهيئة كذلك تقوم بتنفيذ الوصايا وتحقيق رغبات المساهمين، وإنني على ثقة بأن المواطنين في الكويت ودول مجلس التعاون والعالم الإسلامي سيقومون بدعم هذه الهيئة ودعم مشاريعها واستثماراتها، والله الموفق.
< إذاً، نستطيع أن نقول: إن ما يتبرع به المسلم هو كشعار صدقة جارية وليس منقطعاً ومستهلكاً فهو دائماً في ربح ودائماً في صنعة تجارية، فما رأيكم حول هذه النقطة؟
– الجاسر: لا شك أن هذه الأمة جُبلت على عمل الخير، وذلك من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، حيث وجهنا القرآن الكريم والسُّنة النبوية الشريفة إلى أعمال الخير المختلفة، وهناك النصوص القرآنية والأحاديث الشريفة التي تحث على عمل الخير في مختلف المجالات، ومن الأشياء السائدة هنا في الكويت من أعرافنا «الصدقات» التي تخرج في مواعيدها المحددة، وأحياناً نقول على بعضها: «دفعت بلا»، هذه مشتقة من حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام مثل: «عليكم بصنائع المعروف، فإنها تقي مصارع السوء»، ومثل: «ما نقص مال من صدقة»، وإلى جانب الآيات الكريمة الكثيرة التي تحث على أوجه الإنفاق، مثل:
(وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) “سبأ:39″، (وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ ۚ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ ۚ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) (البقرة: 272)، ومن هذا الدافع الديني البحت الذي يقصد به وجه الله سبحانه وتعالى، يتقدم المسلمون في هذه الأمة في مختلف أصولها بزكواتهم وصدقاتهم وتبرعاتهم لأعمال الخير المختلفة، وتسعى هذه الهيئة في عمل رائد كي يكون رأس مال ثابتاً لا يصرف، وإنما يصرف من ريعه، ولو قلنا: إن هذا رأس المال الذي تستهدف الهيئة الوصول إليه في هذه المرحلة هو ألف مليون دولار، سوف تقوم على جمع هذا المبلغ ثم تستثمر وتستثمر من عائده بحيث تضمن المشاريع الخيرية والإنسانية المختلفة في بقاع بلاد المسلمين.
والمطلوب عائد وإيراد ثابت لاستمرار العمل، وإلى جانب هذا العمل الرائد طبعاً تقبل الزكوات، وتصرف الزكوات في مصارف شرعية من خلال هيئة شرعية تشرف على هذا العمل أيضاً، وتجمع الصدقات المختلفة والتبرعات سواء أكانت محددة من قبل المتبرع، كأن يتبرع لبناء مسجد أو مدرسة أو مستوصف أو لتمويل رواتب أئمة أو مدرسين أو ما إلى ذلك، أو يطلق الحرية للقائمين على الهيئة وهم أدرى بالحاجات المختلفة في مختلف المناطق، ويمكن للهيئة التحرك ضمن المجالات التالية:
– مجال جمع الزكوات وتوزيعها.
– القيام نيابة عن متبرع لتحقيق ما يريد من مشاريع محددة، واستقبال تبرعاته لأغراض مختلفة، أو في إسهامه بالألف مليون دولار.
< التبرع هل هو خاص بمبالغ كبيرة دفعة واحدة، أم يمكن أن يكون هناك تبرع مهما كان بسيطاً؟
– المطوع: هناك كثير من الناس يرغب في استمرارية الدفع، ولا سيما الموظف؛ حيث يريد أن يستقطع من راتبه مبلغاً شهرياً للهيئة، وهذا أمر طيب، وقليل دائم خير من كثير منقطع، وكونه أن يساهم دفعة واحدة فهذا شيء طيب أيضاً، وكلا الأمرين خير ويصب في قناة الخير.
< هل ستقتصر هذه المشاريع على أفريقيا الفقيرة وشرق آسيا، أم ستشمل الكويت ودول الخليج؟
– الجاسر: طبعاً العالم الإسلامي يعيش حالة مأساوية في شتى المجالات، ويحتاج إلى تضافر الجهود لتحسس أحوال المسلمين في هذه البقاع، والأخذ بيدهم، ويأتي قيام الهيئة تجسيداً لتوجهات الخير عند الناس، فهم يجدون أمامهم مؤسسة قائمة على أسس حديثة، وتتبع أحدث الأساليب لتسيير عملها، ونريد لهذه الهيئة أن تكون متواجدة أمام الجميع لتنفذ نواياهم الخيّرة في مختلف المجالات، وهناك الكثير من المنظمات الدولية، ونريد لهذه المنظمة الإسلامية أن تأخذ دورها الفعَّال في مجال الخدمة الإنسانية للمسلمين، وإذا كان سابقاً هناك العذر للشعوب والأجهزة الرسمية لأن تلتجئ للمنظمات الدولية لتوجيه عونها في مختلف المجالات، فلم يعد هناك عذر لمؤسساتنا وأجهزتنا الرسمية لتوجيه دعم هيئتهم الخيرية الإسلامية العالمية، وسوف تتصل بمختلف المنظمات وتعرف نفسها، وسيكون مجال خدمة هذه الهيئة رحباً يشمل كل العالم الإسلامي ودولة مقر الهيئة الكويت ودول الخليج التي تمثل العمود الفقري في مرحلة التأسيس، وسوف تحظى مستقبلاً بمشاريع خيّرة إن شاء الله، والصدقة نور، والصدقة برهان، وهي مظلة تقي كل المسلمين من شرور عديدة، ويكفي المنفق بالرضا من الله عز وجل.
وختاماً، شكراً للسيد عبدالله العلي المطوع، والسيد أحمد سعد الجاسر، ونتمنى من المسلمين دعم هذه الهيئة، والتبرع لها من أجل خدمة المسلمين في شتى بقاع الأرض، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
[1] العدد (819)، عام 1987م، ص16.