دأب نفر من الأساتذة المغمورين في جامعة الكويت على الهجوم بشكل سافر ومنظم على الدين الإسلامي، محاولين تشويه صورته، وذلك عبر أعمدة وصفحات فتحتها لهم بعض الصحف.
وقد غرَّ النفرَ المغمورين صمتُ الناس عن الرد عليهم احتقاراً لهم، واستهانة بشأنهم، ويقيناً بجهلهم بالدين، وأنهم طلاب شهرة وليسوا علماء أو أصحاب فكر، يتخذون الطعن في الدين سبيلاً، لكي يظهروا أمام الناس، ويعتبرهم ضعاف النفوس -حسب اعتقادهم- مفكرين، لكنهم لا يحصلون كل يوم إلا على مزيد من احتقار الناس لهم وازدرائهم لأفكارهم، وكأن الدرس الذي تلقاه أحدهم على يد مجموعة من المفكرين الإسلاميين حينما قام ببث أفكاره الكنسية المهترئة وأسقطها على الدين الإسلامي في مؤتمر عقد مؤخراً في الكويت، معتقداً أن الجلوس جهلاء مثله لم يردعه، وقد كان رد هؤلاء عليه مفحماً أمام الجمهور، حتى إنه كانت تصطك أسنانه ويرتعد أمام الحضور وهو يعلق باضطراب على أقوال من أفحموه وأفهموه أن هذا الطرح الذي يتحدث به عن الإسلام الآن إنما هو طرح العلمانيين الأوروبيين الذين عارضوا الكنيسة قبل مائتي عام، وأن هذا الطرح لا يسقطه على الإسلام إلا جاهل لا يعرف عن الإسلام شيئاً، أو حاقد يريد أن يشوّه فكرة الإسلام وصورته لدى الناس، وتساءل أحد الحضور وهو يرد عليه قائلاً: إني أتعجب كيف يصدر هذا عن رجل يدعي أنه أستاذ جامعي يعلّم أبناء المسلمين في الجامعة؟! إن هذا الطرح لم يعد يطرحه العلمانيون الغربيون عن الإسلام على اعتبار أن كثيراً منهم صاروا يفهمون الإسلام ويعلمون أن هناك فرقاً كبيراً بين الإسلام والمسيحية.
وهذا هو بيت القصيد الذي نقصده، كيف يُسمح لهؤلاء الذين يجاهرون بجهلهم بالإسلام ويحاربونه على صفحات الصحف بتعليم أبنائنا في الجامعة؟
فحينما يقوم أحدهم في ختام مقال مليء بالطعن في الإسلام: «وقد تكون الحقيقة القاسية أنه لا الإسلام ولا القومية ولا أي شعار أحادي هو الحل لمشكلات المسلمين وشؤونهم»، فيهدم بذلك أركان الإسلام وأصوله ويسويه بدعوات أرضية، وأفكار بشرية، أثبتت فشلها ونقصها.
وحينما يطالب آخر بإلغاء مصطلح الجهاد من مصطلحات التعامل الآن على اعتبار أن الجهاد في المفهوم الإسلامي لا موضع له الآن -حسب زعمه- فيُسقط بذلك ذروة سنام الإسلام، وأحد أركانه الأصيلة.
ويطالب ثالث بإبراز أفكار المعتزلة والقرامطة وإخوان الصفا والزنج على أنها ثورات إسلامية قامت بانتفاضات خلال التاريخ الإسلامي.
وحينما يقول أحدهم: «إننا نختلف مع الذين يدعون إلى الحكم بالإسلام؛ لأن الإسلام دين وليس دولة، فالإسلام كدين لا نختلف معه بل نلتزم به خاشعين، لكن الإسلام كدولة نختلف معه لأن القرآن الكريم والسُّنة النبوية الشريفة لم يوضحا لنا ماهية هذه الدولة».
هذه المفاهيم الغريبة المليئة بالإسقاطات الخاطئة والخلط المتعمد والتشويه والهدم في دين الإسلام وغيرها كثير من كتاباتهم السيئة أصبحت تنتشر الآن كل يوم في بعض الصحف الكويتية من أناس يعملون أساتذة لأبنائنا في الجامعة، وهذا والله هو البلاء العظيم والطامة الكبرى، فأي جيل هؤلاء يعدون؟! وأي طرح يقدمون لأبناء المسلمين؟ إن كل أب غيور على دينه وعلى أبنائه يجب أن يسعى للحفاظ عليهم، وأن الأمر الآن أصبح بيد المسؤولين عن الجامعة والمسؤولين عن الأجيال القادمة من أبناء هذا الوطن، فوجود هؤلاء وأمثالهم في هذه المواقع الحساسة يسممون من خلال تواجدهم فيها أفكار أبنائنا، ويشوهون صورة ديننا، ويحاولون هدم عقائدنا تحت دعوى الليبرالية وحرية الفكر والاعتقاد، تلك المسميات التي يتخذونها غطاء لأفكارهم الهدامة، وأطروحاتهم المليئة بالجهل والخلط والتدليس والتشويه للدين الإسلامي وعقيدة الأمة.
إننا نطالب المسؤولين بأن يتخذوا الخطوات الإيجابية لإيقاف هؤلاء المرجفين عند حدودهم، وأن يُحال بينهم وبين الاستمرار في مواقعهم في الجامعة، فالمعلمون يجب أن يكونوا أصحاب علم ودين لا أصحاب جهل وزندقة، وإن الأمانة تقتضي من المسؤولين أن يحافظوا على أبنائنا وأجيالنا القادمة من هؤلاء المبطلين وخرافاتهم البالية عن الدين، تلك الخرافات اللاهوتية الكنسية التي تجاوزها من وضعوها في الغرب قبل عقود.
إننا نضع القضية كاملة الآن بين يدي المسؤولين الكبار، آملين أن يكون لهم موقفهم الإيجابي الحاسم تجاه هؤلاء النفر من الأساتذة الذين أصبحوا معروفين ومكشوفين للجميع.
ألا هل بلغت.. اللهم فاشهد.
[1] العدد (1150)، عام 1995م، ص16.