يوم 24 يوليو 2023، كشفت صحيفة “الجارديان» البريطانية أن حزب المحافظين البريطاني أجَّل تطبيق الخطط التي تستهدف معالجة «الإسلاموفوبيا» ضد المسلمين خصوصاً والأشكال الأخرى من الممارسات التمييزية داخل صفوف الحزب.
وقالت: إنه بعد مرور عامين على نشر تقرير حول «الإسلاموفوبيا بين أعضاء حزب المحافظين» لم يتخذ أي تدابير رسمية للتعامل مع الشكاوى المرتبطة بالسلوك التمييزي المتعلق بكبار أعضاء الحزب تجاه المسلمين، وفق تقرير كتبه البروفيسور سواران سينغ.
وأكدت الصحيفة أن المراجعة داخل الحزب أظهرت أنه كانت هناك 212 شكوى مرتبطة بـ137 حادثة في الأشهر الثلاثة السابقة ليونيو 2023م.
وعلق مقال نشره موقع «ميدل إيست آي»، في 25 يوليو 2023م، للكاتب بيتر أوبورون على فشل حزب المحافظين في مواجهة مشكلة معاداة الإسلام أو «الإسلاموفوبيا»، قائلاً: «إن الحزب أصبح مجموعة من المتعصبين».
وقال: إنه حزب يحتقر حكم القانون وشعبوي يغازل اليمين المتطرف، ولا يأبه في العادة للأقليات وبخاصة المسلمون المعادي لهم بعمق، وباختصار، أصبح حزب المتعصبين».
وتوجه كثير من التهم لحزب المحافظين بأنه حزب «غير صديق» للمسلمين في بريطانيا، وهناك اتهامات بأنه يغطي على تنامي «الإسلاموفوبيا» داخل صفوفه.
ومنذ سنوات، يحذر المسلمون من تصاعد ما يسمونه «إسلاموفوبيا المحافظين» حيث تتصاعد الكراهية بشكل غير عادي داخل الحزب الحاكم مقابل التعاطف مع الكيان الصهيوني.
وفي 25 مايو 2021م، وجد تقرير أعده عضو المحافظين سواران سينغ أن الحزب سجل 1400 شكوى بشأن 727 حادثة تمييز في الفترة بين عام 2015 وحتى عام 2020م، ثلثاها تمييز ضد المسلمين (إسلاموفوبيا)، بحسب صحيفة «إندبندنت».
لكنه زعم، في تقريره عام 2021م، أن ادعاءات وجود «عنصرية مؤسسية» لم تثبت بالأدلة، وهو ما وصفه أعضاء الحزب المسلمون بأنه «تبييض للحزب».
عداء للمسلمين
وسبق أن اعترف الجيش البريطاني بأن جندياً مسلماً وقع ضحية «تحيز»، بعد تسوية قضية تمييز ديني بارزة، رُفِعَت بعد رفض زملائه الجنود السماح للمدعي بأداء شعائر شهر رمضان بشكل صحيح أثناء عمله في قبرص، بحسب ما قالت صحيفة «الجارديان» البريطانية، في 4 يوليو 2023م.
وقال إبريما بايو (39 عاماً): إنه حُرِم من الطعام الساخن الذي يُقدم لزملائه الجنود عند الإفطار، وأُجبِر على توقيع تنازل يُلزِمه بقضاء وقت إضافي في صالة الألعاب الرياضية، بزعم أن ذلك ضروري للتأكد من لياقته البدنية.
وأضاف بايو: ما فهمته هو أنهم كانوا يحاولون كسر إرادتي وكأنهم يقولون: لقد قلت: إنك ستصوم، لكننا سنجعل الحياة صعبة عليك، وفي النهاية ستنهار وتنكسر وتتوقف.
وقال الجندي السابق: إنه تعرض للسخرية والمضايقة من زملائه عند الخروج لأداء صلاة الجمعة خلال رمضان الماضي، بينما الجنود المسيحيون كانت تُوفَر لهم سيارة لحضور صلوات الكنيسة أيام الأحد.
ورفضت وزارة الدفاع شكوى بايو، واستغرق الأمر من الجندي السابق 5 سنوات ونصف سنة للحصول على اعتذار وتعويض، ولم يحدث ذلك إلا في مارس 2023م بعد صدور حكم يقضي بإمكانية النظر في قضية بايو أمام محكمة توظيف عامة.
وقال الجيش: إنه يعتذر عن التحيز ضد الإسلام، سواء المتعمَّد أو غير المتعمد داخل الوحدة، وعن سلوك سلسلة القيادة غير الحساس تجاه الثقافات، وأضاف أنَّ بايو كان جندياً «ممتازاً» وتلقى تعويضاً لم يُكشَف عن قيمته.
وأعرب الجندي المخضرم عن اعتقاده بأنَّ الجيش البريطاني يتسم بالعنصرية المؤسسية، ويرجع ذلك جزئياً إلى ما حدث والطريقة التي تعامل بها مع شكواه منذ البداية، ثم طعن وزارة الدفاع عليها لفترة طويلة.
أيضاً، خلصت توصيات وردت في تقرير، يهدف إلى إعادة ضبط نهج الحكومة البريطانية في التعامل مع الجماعات الدينية، إلى أن السياسيين البريطانيين يتعين عليهم التوقف عن وصم المسلمين بأمور تُشعرهم بأنهم مسؤولون عما يُوصف بـ«الإرهاب الإسلامي»، بحسب ما أفادت صحيفة «الجارديان» البريطانية، في 26 أبريل 2023م.
حيث كشف تقرير المستشار الديني للحكومة البريطانية كولين بلوم أن المسلمين يتعرضون للتهميش في كثير من مجالات الحياة في بريطانيا، ويتضمن ذلك دفعَهم في أحيان كثيرة إلى ما يُشعرهم بأنهم مضطرون إلى إعلان نبذهم للأعمال الإرهابية.
«إسلاموفوبيا» المحافظين
وتوجه كثير من التهم لحزب المحافظين بأنه حزب «غير صديق» للمسلمين في بريطانيا، وهناك اتهامات بأنه يغطي على تنامي «الإسلاموفوبيا» داخل صفوفه.
ومنذ سنوات، يحذر المسلمون من تصاعد ما يسمونه «إسلاموفوبيا المحافظين»؛ حيث تتصاعد الكراهية بشكل غير عادي داخل الحزب الحاكم مقابل التعاطف مع الكيان الصهيوني.
وأظهرت نتائج استطلاع للرأي أن 7 من كل 10 مسلمين في بريطانيا، بنسبة 44%، يتعرضون لممارسات «الإسلاموفوبيا» في أماكن عملهم، في المقابل أشارت نتائج استطلاع الرأي نفسه إلى زيادة اندماج المسلمين في المجتمع البريطاني.
وأجرى الاستطلاع موقع «Hyphen» الذي يركز على قضايا المسلمين في بريطانيا وأوروبا، في الفترة بين 22 أبريل و10 مايو 2022م، وشارك فيه 1503 مسلمين؛ 700 منهم تتراوح سنهم بين 18 و24 سنة.
وواجه حزب المحافظين الحاكم طيلة السنوات الأخيرة انتقادات على خلفية تورط عدد متزايد من مسؤوليه في وقائع متعلقة بظاهرة «الإسلاموفوبيا».
وحين استقال رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون تمنى المجلس الإسلامي البريطاني، في 7 يوليو 2022م، عبر أمينته العامة زارا محمد أن يكون خليفته أقل عداء للإسلام وينهي حالة الكراهية للمسلمين بين قرابة نصف أعضاء الحزب.
وانتقد الناطق باسم «مجلس مسلمي بريطانيا» مقداد فيرسي، في مقال بصحيفة «الجارديان» في 3 أغسطس 2022م، سياسة سوناك في هذا الموضوع.
واتهمه بأنه يريد معاقبة الشخص الخطأ، عبر توسيع تعريف التطرف، ولن يكون ضحايا لهذه السياسة الجديدة غير المسلمين البريطانيين العاديين.
وقبل أن يصبح رئيساً للوزراء، سخر جونسون من النساء المسلمات؛ ما تسبب في تصاعد الهجمات المعادية للإسلام، ومع ذلك اختاره حزب المحافظين كزعيم؛ ما أكد انتشار «الإسلاموفوبيا» داخل الحزب وفي السياسة البريطانية بشكل عام.
وفي عهده، اشتكت الوزيرة البريطانية المسلمة نصرت غني من إقالة الحكومة لها من منصبها كوزيرة الدولة للنقل لكونها مسلمة بدعوى «شعور زملائها بعدم الارتياح»، بحسب «الإندبندنت».
وذكرت صحيفة «ذا ناشيونال نيوز»، في 27 يوليو 2022م، أن استطلاعات الرأي أظهرت أن أكثر من نصف أعضاء حزب المحافظين يعتقدون أن الإسلام يشكل تهديداً على القيم البريطانية.
ودعا «منتدى المسلمين المحافظين» على مدار السنوات الماضية إلى إجراء تحقيق مستقل في مظاهر «الإسلاموفوبيا» والتعصب ضد المسلمين في حزب المحافظين، لكن دون جدوى.