يعد د. إبراهيم المقادمة الملقب بأبي أحمد أحد أبرز المفكرين والمنظرين وقادة المقاومة الإسلامية الفلسطينية الذين جمعوا بين العمل السياسي والعسكري.
ولد المقادمة في مخيم جباليا أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين شمال غزة، في 14 مايو 1950م، ونشأ في أسرة متدينة تعود أصولها إلى قرية بيت دراس المهجرة قضاء غزة، ثم انتقل إلى العيش في مخيم البريج وسط القطاع، وقد تلقى تعليمه الأساسي في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا).
انضم المقادمة إلى جماعة الإخوان المسلمين في سنوات شبابه الأولى، وبعد أن أنهى دراسته الجامعية من كلية طب الأسنان في جامعة القاهرة عام 1976م وعاد إلى قطاع غزة، وأصبح أحد قادة جناح الجماعة الفلسطيني، وكان من المقرَّبين إلى الشيخ أحمد ياسين رحمه الله.
وُصف المفكر المقادمة بأنه ظاهرة فريدة في العمل الإسلامي والجهادي، فكان يتمتع بفكر عميق وعلم غزير، وجمع في مسيرته إنجازات عظيمة في مجالات مختلفة أهمها السياسية والعسكرية.
خلال اعتقاله في سجن النقب، اختير أميرًا لكل أقسامه، فأضاف إلى حياة السجن الكثير، حيث أسس «جامعة يوسف»، ووضع لها برامجَ ثقافية متطورة، وشكّل لجانًا لتحضير المساقات، وبدأ هو ورفاقه بعقد المحاضرات في مواعيد رسمية، وكان من واضعي المنهاج التربوي والثقافي لأسرى التيار الإسلامي في سجون الاحتلال.
يقول المقادمة في لقاء مصور جرى تسجيله قبل استشهاده بشهور قليلة: إن السجن غدا مدرسة تربوية، ومحطة لعلها من أهم المحطات التربوية في تاريخ الحركة، التي أثرت بصورة إيجابية في نفوس شبابها.
ويبيّن المقادمة أن جامعة يوسف التي أسسها داخل السجن خرّجت آلافاً من أبناء حركة «حماس» وقادتها، وعوّضت جانباً كبيراً من الفراغ الذي ينشأ داخل السجن، ليُحوّل السجن إلى منارة للفكر ومخرجة للرجال.
وقالت «حماس»، في سيرة ذاتية له نشرتها: إن المقادمة كان من أكثر الشخصيات القيادية في الحركة أخذاً بالاحتياطات الأمنية، ومن أشد المعارضين لاتفاق «أوسلو» الموقع في عام 1993م.
ووفقًا للموقع الإلكتروني لـ«حماس»، شكّل المقادمة النواة الأولى للجهاز العسكري الخاص بالإخوان المسلمين في قطاع غزة «مجد»، هو وعدد من قادة الجماعة، وعمل على إمداد المقاتلين بالأسلحة، وفي عام 1984م اعتقل للمرة الأولى بتهمة الحصول على أسلحة وإنشاء جهاز عسكري، وحُكم عليه بالسجن 8 سنوات قضاها في سجون الاحتلال.
وقد ألف عددًا من الدراسات والكتب، منها «معالم في الطريق إلى تحرير فلسطين»، و«الصراع السكاني في فلسطين»، وله ديوان شعري بعنوان «لا تسرقوا الشمس»، وكتب عشرات المقالات في الصحف الفلسطينية، وقد وصفه الاحتلال بأنَّه «نووي» حركة «حماس»، في حين خلَّده تلاميذه من «كتائب القسام» بإطلاق اسمه على أحد صواريخهم «M75»، وهو أول صواريخ الحركة بعيدة المدى.
وكشفت «القسام» خلال معركتها «طوفان الأقصى» عن صاروخ جديد يحمل اسم الشهيد المقادمة من طراز «M90»، قصفت به «تل أبيب» رداً على المجازر الصهيونية في غزة.
عانى المقادمة من آثار النكبة وواجه قساوة الحياة في المخيم، وقد هدم الاحتلال بيت أسرته في مخيم جباليا عام 1971م، وطارده لفترة وجيزة ثم اعتقله عام 1984م لمدة 8 سنوات، وفصله من العمل في مستشفى الشفاء، ثم اعتقله مرات أخرى، واعتقلته أجهزة السلطة الفلسطينية وأمضى ما يقارب 4 أعوام في سجونها، وبقي مطاردًا لعام كامل إلى أن اغتاله الاحتلال في 8 مارس 2003م، بقصف من الجو استهدف سيارته في مدينة غزة.
__________________
1- مركز رؤية للتنمية السياسية.
2- موقع «فلسطين أونلاين».
3- وكالة «شهاب».