أدركت المقاومة الفلسطينية منذ الرصاصة الأولى قبل عقود من الزمن أهمية دور الإعلام لعملها الجهادي في مقارعة الاحتلال؛ لذلك اهتمت بهذا الجانب حسب الأدوات المناسبة في كل وقت.
ورأت المقاومة أن الإعلام هو زيادة في الرعب وتعريف على هويتها في أحيان كثيرة، رغم أخطاره في الآونة الأخيرة مع التطورات التقنية التي أدخلت عليه، وتتبع من يقف وراءه في ظل تطور دولة الاحتلال من الناحية التكنولوجية.
فكان الإعلان عن حركة «فتح»، كبرى فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، في 1 يناير 1965م من خلال عملية «عيلبون» الفدائية.
أبو ضهير: الحرب الإعلامية رسخت روح الصمود والأمل عند المواطن الفلسطيني
في حين تزامن البيان الأول للإعلان عن انطلاق حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في 14 ديسمبر 1978م، مع اندلاع أكبر انتفاضة شعبية عرفتها فلسطين في تاريخها (1987 – 1994م) وما عرفت لاحقاً باسم «انتفاضة الحجارة».
حرب أدمغة
وقال أستاذ الإعلام في جامعة النجاح الوطنية بنابلس فريد أبو ضهير: إن إعلام المقاومة عزز الرواية الفلسطينية من خلال الوثائق في ظل سيطرة إعلام الاحتلال على القنوات الغربية.
وأضاف لـ«المجتمع»: «حماس» لم تكن تذكر على وسائل الإعلام إلا قليلاً، ولكن اليوم هي حاضرة بشكل دائم عبر وسائل الإعلام بفضل فعلها على الأرض ونجاح إعلامها العسكري في الترويج له.
وشدد أبو ضهير على أن حركة «حماس» أدركت منذ اليوم الأول أن الحرب مع الاحتلال هي حرب أدمغة وعقول، لذلك كان لها الكثير من الأذرع، لا سيما الذراع الإعلامية.
وقال: طالما هي معركة عقول يجب استخدام كل الأساليب لدعم المقاومة، وحشد الشعب الفلسطيني وشعوب العالم لمساندة المقاومة وتحطيم الروح المعنوية للمجتمع «الإسرائيلي» ومخاطبة الرأي العالمي.
ياسين: رواية المقاومة باتت تحظى بمصداقية كبيرة لدى المجتمع «الإسرائيلي»
وأكد أن الحرب الإعلامية رسَّخت روح الصمود والأمل عند المواطن الفلسطيني؛ لذلك سعى الاحتلال بكل قوة لعدم السماح بإدخال صحفيين أجانب إلى غزة خلال الحرب لإدراكه أهمية الإعلام.
وشدد على أن إعلام المقاومة خلق رمزيات مثل الكوفية الحمراء التي يرتديها أبو عبيدة والمثلث الأحمر الذي يرمز للهدف المستهدف وهي تساعد بشكل كبير على ترسيخ الفكرة.
رواية المقاومة
وعدَّد الكاتب والصحفي محمد ياسين الوسائل التي استخدمتها المقاومة في الإعلام العسكري بدءاً من البيان وليس انتهاءها بالفيديو مروراً بالصورة والتسجيل الصوتي.
وقال ياسين لـ«المجتمع»: البيان المكتوب كان أول وسائل الإعلام الحربي الذي كان قبل أن يشهد العالم التطورات التكنولوجية وثورة المعلومات في الألفية الثانية.
وأضاف أن العمليات المصورة عززت ثقة الشارع الفلسطيني في رواية المقاومة، وكذبت رواية الاحتلال الذي كان يحاول دائماً إخفاء خسائره أو عدم ذكرها.
وأكد ياسين أن رواية المقاومة باتت تحظى بمصداقية كبيرة لدى المجتمع «الإسرائيلي» في ظل الرقابة التي يفرضها الاحتلال، بل أصبحت المصدر الوحيد للمعلومة في ظل تعمد الاحتلال إخفاء خسائره.
وأدى إعلام المقاومة مؤخراً دوراً مهماً في إبراز الأعمال الجهادية، وكان له تأثير قوي على رفع الروح المعنوية للشعب الفلسطيني، وإدخال الخوف واليأس في قلوب المحتلين من خلال نشر فيديوهات لبعض عمليات المقاومة.