كتاب «في ظلال القرآن» للشهيد الأديب سيد قطب من الكتب التي وضعت لنفسها مكانة خاصة في مكتبة التفسير، حيث يُعد الكتاب مرجعًا تربويًا ونفسيًا واجتماعيًا لكل باحث عن الدرر التي تكمن بين جنبات وصفحات كتاب الله، وهو كتاب يمد قارئه بمزيد من المعاني الجديدة والمفاهيم التأصيلية الصحيحة والتوجيهات الربانية الرشيدة؛ لأنه يهدف لرسم الصورة المثلى والغاية الكبرى للمسلم في هذه الحياة وطريقة العيش بها، وكل ذلك عبر استخراجها من بين أسطر آيات الذكر الحكيم عن طريق التبحر بين كلمات وحروف هذا الكتاب الذي لا ينضب خيره أبدًا، فهو كتاب أراد منه مؤلفه من كل قارئ أن يتأمل كلماته بحق وأن يؤدي حقه بعد ذلك.
فكتاب «الظلال» الذي خرج للنور بعد سنوات من التأليف والتمحيص والتدقيق، يرسم خطًا واضحًا للسائر في طريق الله حتى لا تتلقفه الملذات والشواغل والشبهات والململات.
وأما حقه الذي يجب أن يُؤدي فهو طرح أفكاره النيرة ومفاهيمه الخصبة على القريب والبعيد وعرضها في أحسن أسلوب وإيصالها بكل السبل المتاحة لكي يستشعرها القاصي والداني، ويكون له نصيب كبير من فهم مراد الله لعباده من هذه الآيات والسور.
وإذا أردنا أن نتجول في بستان هذا الكتاب المبارك ونطوف بين جنباته في جولة سريعة سنجد أن مؤلفه الشهيد الأديب الأريب قد جمعه في 6 مجلدات، تتسابق فيما بينها بما تحتويه من الدرر الكامنة والجواهر اللامعة على إثر ما تشتمل عليه من معين كتاب الله وآياته التي يخاطب الله فيها عباده بأوامر ونواهٍ تارة، وقصص وعبر تارة أخرى، وغيرها من الألوان التي حواها كتاب الله، فيغوص قطب في ماء هذا البحر العميق ليخرج الكنوز الثمينة ويطرحها بين يدي قارئه في أبسط أسلوب وأدق عبارات وأجمل تأصيل وأفضل طريقة لتزكية النفوس وشفاء القلوب من عللها ورسم معالم الطريق لها.
وقد جاءت مجلدات الكتاب الستة على النحو التالي:
المجلد الأول:
يحتوي على تفسير الأجزاء الأربعة الأولى من كتاب الله، التي تبدأ من سورة «الفاتحة» وتنتهي بالآية الثالثة والعشرين من سورة «النساء».
المجلد الثاني:
يحتوي على تفسير الأجزاء الخامس والسادس والسابع من كتاب الله، التي تبدأ من الآية الرابعة والعشرين من سورة «النساء» وتنتهي بالآية العاشرة بعد المائة من سورة «الأنعام».
المجلد الثالث:
يحتوي على تفسير الأجزاء الثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر التي تبدأ من الآية الحادية عشرة بعد المائة من سورة «الأنعام» وتنتهي بنهاية سورة «يونس».
المجلد الرابع:
يحتوي على تفسير الأجزاء من الثاني عشر حتى الثامن عشر، ويبدؤه من سورة «هود» ويُنهيه بنهاية سورة «النور».
المجلد الخامس:
يحتوي على تفسير الأجزاء من التاسع عشر حتى الخامس والعشرين، ويبدؤه من سورة «الفرقان» ويُنهيه بنهاية سورة «الجاثية».
المجلد السادس:
يحتوي على تفسير الأجزاء من السادس عشر حتى الثلاثين والأخير، ويبدؤه من سورة «الأحقاف» ويُنهيه بنهاية سورة «الناس».
منهجه في «الظلال»
كان منهج قطب مختلفًا لما اعتمد عليه المفسرون من قبل، حيث جاء بأسلوب جديد ومنهج مترابط متماسك يضع القارئ في تراتبية واضحة، فكان منهجه في هذا الكتاب على النحو التالي:
– البداية بمقدمة طويلة حول السور القرآنية وتحديد مكيتها أو مدنيتها وأسباب نزولها، وبيان الإطار العام الذي تتناوله السورة والموضوعات المختلفة التي تشتمل عليها، مع محاولة الربط بينها.
– الانتقال إلى تفسير السورة وذلك بإيراد مجموعة الآيات ذات الموضوع الواحد وتفسيرها مجتمعة بطريقة عميقة، ثم محاولة الكشف عن السر الكامن الذي يجمع بين آيات السورة كاملة.
– تجنب الخوض عند تفسير الآيات فيما يعرف بـ«الإسرائيليات» وفي أمور غيبية وعقدية قد تُبعد الإنسان عن الغاية الأساسية المتمثلة من فهم القرآن الكريم وما جاء به.
– الاعتماد على مجموعة من كتب التفاسير المختلفة بجانب الأحاديث النبوية، وبعض كتب الفقه والسيرة النبوية، ولكنه في النهاية يعرض فكره وتفسيره بطريقته الخاصة، موضحًا ومشيرًا إلى الجماليات المتعددة في السور القرآنية.
– الربط بين قضايا القرآن الكريم وواقع العصر الحالي وما يشهده من التقدم العلمي الكبير وتطور تكنولوجي هائل.