في مشهد مهيب، استقبل السوريون أُم شهيد الحرية منشد الثورة السورية عبدالباسط الساروت، أو كما يعرفه السوريون «بلبل الثورة»، عند وصولها إلى بلدها حمص.
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي لقطات لوالدة الناشط السوري الراحل الساروت، وهي توصي المستقبلين لها بعودتها إلى سورية، بالدفاع عن فلسطين، حيث قالت في مقابلة لحظة استقبالها عند معبر باب الهوا مع تركيا: «خليكم إيد واحدة.. وخلصوا من سورية، وساندوا فلسطين».
وقد انتشرت مقاطع فيديو تظهر استقبال أهالي حمص خنساءهم استقبالاً حاشداً وخالداً يليق لمن يطلقون عليها أم الشهداء والأبطال ووالدة الأيقونة الثورية عبدالباسط الساروت، وهم يهتفون «أم الشهيد نحن ولادك» (كما كان ابنها يفعل ذلك عند منزل كل شهيد عندما كان يقود المظاهرات في بداية الثورة السورية).
مع بداية الاحتجاجات ضد النظام، في مارس 2011مم، برز اسم الساروت حيث شارك فيها بل قاد أحياناً تلك التظاهرات عبر أناشيده وهتافاته التي تحوّلت فيما بعد إلى أغانٍ يتغنى بها الثوار، لم يُكمل الساروت تعليمه بعد قيام الثورة -التي سيكونُ أحد رموزها فيما بعد- كما أعلنَ اتحاد الكرة السوري فصل اللاعب الساروت من الاتحاد ومنعه من لعب كرة القدم مرة أخرى.
ظهر الساروت مجدداً في الموجة الثانيّة من الانتفاضة التي قُمعت بالقوّة والعنف الممنهج قبل أن يقود هو والممثلة السوريّة الأخرى فدوى سليمان التظاهرات في حمص أشهراً طويلة حتى بداية عام 2012م.
العمل المسلح
تزايدت وتيرة قمع المظاهرات على يد جنود الجيش السوري، كما كثرت الاعتقالات والتصفيّات، فرصد النظام جائزة قدرها مليونا ليرة سورية (35 ألف دولار أمريكي) لمن ينجح في تسليم الساروت لأحد الفروع الأمنية، بل قامت القوات النظاميّة عينها باستهداف منزل الساروت بالبياضة؛ ما تسبّب في مقتل شقيقه الأكبر وليد، وأولاد خالته.
تعرّض الساروت، في 14 ديسمبر 2011م، لمحاولة اغتيال نجا منها بأعجوبة، وأُصيب في ساقه بعدة طلقات، كما ظهر في تسجيل فيديو مشاركاً في إحدى التظاهرات وساقه لم تتعافَ بعد.
بدأت الثورة تتحوّل شيئاً فشيئاً إلى صراع مسلح بعد الحصار الذي فُرض على عدد من البلدات والمدن، وبعد استهداف الجيش السوري بالأسلحة الثقيلة والدبابات منازل المدنيين بدعوى وجود «عناصر إرهابيّة» داخلها؛ فأسّس الساروت كتيبة «شهداء البياضة» لحماية المدينة، كما انضم في وقت لاحق إلى «فيلق حمص» الذي أُسّس لذات الغرض تقريباً.
واصل الساروت كفاحه ضد الجيش السوري الذي كان قد بدأ في الاندحار بعد انشقاق الكثير من ضباطه وتشكيلهم لـ«الجيش الحر» الذي نجح في السيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي التي سيخسرها لاحقاً بفعل الدعم الذي تلقّاه النظام من عدد من المليشيات الإيرانية على الأرض والدعم الآخر من سلاح الجو الروسي.
حينَها كان الساروت ما زال مشاركاً ونشطاً في الثورة، وظل حاضراً فيها بالرغم من استشهاد خاله محيي الدين الساروت، ومن ثمّ استشهاد شقيقه محمد أوائل عام 2013م، وكذا استشهاد آخر شقيقيه وهما أحمد، وعبدالله، اللذين استشهدا في 9 يناير 2014م.
تعقّد الوضع أكثر في ظل انخراط قوى دولية في الحرب الدائرة في سورية، واستغلال «الجماعات المتشددة» الانفلات الأمني الحاصل لبسطِ سيطرتها هي الأخرى.
شارك الساروت في المعارك الدائرة شمال حماة بين فصائل المعارضة السوريّة والنظام باعتباره أحد القادة العسكريين لجيش العزة.
وأصيب الساروت خلال معركة السيطرة على قرية تل ملح بريف حماة الشمالي، وفارق الحياة مع ظهر يوم السبت 8 يونيو 2019م، متأثراً بالجراح التي كان قد أُصيب بها شمال حماة.