في الوقت الذي تُظهر فيه الإحصاءات الرسمية ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات الطلاق بالكويت، خاصة في السنة الأولى من الزواج، تبرز أصوات خبراء ومختصين لتقديم قراءات متباينة حول الظاهرة، ما بين القلق من تداعياتها على الأسرة والمجتمع، والتأكيد أن الأسرة الكويتية لا تزال من أكثر الأسر استقراراً عالمياً، بين الأرقام والآراء، يظل الطلاق قضية تستحق البحث العميق لفهم أسبابها ووضع الحلول المناسبة.
إحصاءات تكشف الحقائق
وفقاً لإحصائية حديثة صادرة عن وزارة العدل، انفصل 800 كويتي وكويتية قبل إتمام السنة الأولى من الزواج خلال عام 2023م؛ مما يشير إلى أن 18.4% من حالات الطلاق تحدث في السنة الأولى.
المؤهلات التعليمية للمطلقين في السنة الأولى:
– الجامعيون: 296 حالة.
– حملة الدبلوم: 191 حالة.
– حملة الثانوية: 149 حالة.
– الحاصلون على الماجستير والدكتوراه: 30 حالة.
مدة الحياة الزوجية:
– من سنة إلى أقل من 5 سنوات: 35.8% من إجمالي حالات الطلاق.
– من 10 سنوات إلى أقل من 20 سنة: 18.5%.
– من 20 سنة فأكثر: 9.6%.
الزوايا المختلفة للظاهرة
د. مصطفى أبو السعد، الخبير التربوي، يرى أن الأرقام ليست دائماً كما تبدو، موضحاً: إذا أخذنا عينة من 100 حالة زواج وتابعناها لمدة سنة، سنجد أن 8 حالات فقط انتهت بالطلاق؛ ما يعكس نسبة طلاق تبلغ 8%، هذه النسبة تُعتبر من أقل النسب في العالم، وهذا يدل على أن الأسرة الكويتية مستقرة بشكل عام.
تنوع الآراء حول الأسباب
المستشارة الأسرية عفاف الجاسم قالت: الزواج التقليدي يمكن أن يكون نموذجاً ناجحاً إذا توافر الاتفاق المبدئي بين الزوجين، حيث يؤدي ذلك إلى تأسيس علاقة قائمة على الاحترام المتبادل.
فيما قال الشيخ عثمان الخميس: أحد أبرز أسباب الطلاق هو عمل المرأة واستقلالها المادي؛ ما أدى إلى تغيّر أدوارها التقليدية داخل الأسرة، النظرة المادية للعلاقة الزوجية أصبحت أكثر شيوعاً؛ ما يضعف الروابط الأسرية.
بوصفك مستشاراً أسرياً، ما هو السبب الأول للطلاق؟
– الأول: عمل المرأة.
– الثاني: خروج المرأة اليومي (للعمل).
– الثالث: المال الذي تتقاضاه المرأة (من العمل).
– الرابع: الزميل الذي تلتقيه المرأة (في العمل).
– الخامس: الضغط الذي تتعرض له المرأة (بسبب العمل).
ومن جانبه، قال المحامي إبراهيم الكندري: قانون الأحوال الشخصية الحالي بحاجة إلى مراجعة شاملة، حيث إن تطبيقه الحالي لا يعكس التغيرات الاجتماعية التي طرأت على المجتمع الكويتي.
الكاتب الصحفي عبدالعزيز الكندري أكد أن الحياة الزوجية السعيدة أصبحت مطلباً نادراً في ظل التغيرات السريعة التي يمر بها العالم، التفاهم والاحترام المتبادل هما الأساس لاستقرار الأسرة، وهو ما نفتقده اليوم في كثير من الحالات.
الفئات الأكثر تأثراً بالطلاق
فئة العمر:
– من 45 سنة فأكبر: 28.1% من حالات الطلاق.
– من 30 إلى 34 سنة: 20.1%.
– من 25 إلى 29 سنة: 18%.
المحافظات:
– الأحمدي: 19.9%.
– حولي: 19%.
– الفروانية: 17.6%.
تحديات وأسباب
رغم الدعم الحكومي الكبير للمواطنين لتأسيس حياتهم الزوجية من خلال توفير القروض الحسنة والبيوت، فإن هناك عوامل أساسية تساهم في ارتفاع معدلات الطلاق، أبرزها:
– المشكلات المادية: غلاء المعيشة وارتفاع تكاليف السكن.
– ضعف الحوار: غياب مهارات التواصل بين الزوجين.
– التسرع في الزواج: خاصة بين الأزواج الذين لم يكوّنوا معرفة كافية ببعضهم قبل الزواج.
– تغير الأدوار: مع دخول المرأة سوق العمل وزيادة استقلاليتها المادية.
هل الأسرة الكويتية في خطر؟
رغم الأرقام المثيرة للقلق، يرى د. مصطفى أبو السعد أن الوضع ليس كارثياً كما يبدو: الأسرة الكويتية لا تزال من بين الأكثر استقراراً في العالم، التحديات موجودة، لكنها لا تعني أن الأسرة الكويتية مهددة، بل تحتاج فقط إلى دعم مجتمعي وبرامج توعية لتعزيز الروابط الزوجية.
تظل ظاهرة الطلاق في الكويت بحاجة إلى دراسة معمّقة لمعرفة جذورها ووضع الحلول المناسبة من خلال برامج التوعية للمقبلين على الزواج، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأزواج، إلى جانب مراجعة القوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية، هي خطوات ضرورية للحفاظ على استقرار الأسرة الكويتية التي تبقى نواة المجتمع وركيزته الأساسية.