الطبيبة ناهد الحرازين لم تكن طبيبة عادية، بل كانت مَعْلماً من معالم الطب المشهورة جداً في قطاع غزة، فكانت قريبة جداً للقلب في موقعها الجغرافي لأمهات غزة، فكانت بمثابة الأم قبل أن تكون الطبيبة في حبها ونصحها واهتمامها بالنساء خاصة الحوامل منهن.
حملت يداها الحانيتان المئات من أطفال غزة الذين شهدت ولادتهم منذ أكثر من عشرين عاماً.
عملت بكثير من الحب والعطاء بمهنة الطب من خلال تخصصها الطب والجراحة في مرحلة البكالوريوس، وتخصص العقم وأمراض النساء والتوليد في مرحلة الماجستير.
أداء مناسك الحج
الطبيبة ناهد كانت بمثابة الأم الحنون قبل أن تكون الطبيبة لنساء غزة، فقد اشتهرت بلقب «طبيبة أمهات غزة».
الحب الكبير الذي حملها قلبها الحنون الذي يحمل دفء الأمان للنساء وخاصة الحوامل منهن جعل مكانتها كبيرة في قلوبهن؛ الأمر الذي كان واضحاً حينما كن ينتظرن مع أهلهن قدومها من أداء مناسك الحج، حيث كانت ضمن البعثة الطبية التي خرجت من غزة قاصدة مكة المكرمة قبل شهور قليلة جداً من اشتعال نيران «طوفان الأقصى».
فقد استقبلنها بالورد والحلوى والأحضان، فكانت لها مكانة كبيرة في قلوب نساء غزة.
كفاءة عالية
خبرتها الممتدة على مدار سنوات طويلة جعلتها تتولى مسؤولية قسم النساء والتوليد في أكبر مستشفيات غزة التي عملت بها سنوات عديدة، رغم كل الظروف الصعبة والحروب الكثيرة المتوالية وكانت آخرها بالنسبة لها «طوفان الأقصى».
عملت في ظروف صعبة جداً، فصواريخ الاحتلال لا تعرف هدنة أو حتى استراحة قصيرة، ورغم ذلك لم تغادر إنسانيتها ومهنتها، الأمر الذي جعلها تمكث في مقر عملها حيث كانت تعمل لساعات متواصلة، بل لأيام تحت معاناة المجاعة والخوف والقلق وعدم القدرة على الاتصال بأهلها، فلا وقت لذلك، فالجرحى في توافد مستمر، ومنهم النساء الحوامل.
استهداف متعمد
خبرتها وتخصصها الذي يعد من الأعداد القليلة في قطاع غزة جعل من استهدافها ليس عشوائياً من قبل صواريخ الاحتلال، فاغتيالها كان متعمداً.
كانت تجتمع مع أشقائها في بيتهم بحي الشجاعية، وتم استهداف شقيقيها بصاروخ؛ الأمر الذي جعل الطبيبة ناهد تتوجه مسرعة في محاولة الإنقاذ، إلا أن الاحتلال لم يترك لها فرصة بذلك، فقد اغتالها بصاروخ مباشر؛ الأمر الذي أدى إلى ارتقائها مع عدد من أشقائها وزوجاتهم وأطفالهم.
طبيعة الاستهداف تؤكد تعمد اغتيال الشخصيات ذات التخصصات والخبرات النادرة في غزة.
فناهد لم تكن الطبيبة الوحيدة، بل كانت ضمن سلسلة طويلة من الكوادر الطبيبة التي كانت عبارة عن بنك أهداف في حربه التي تجرد بها العدو الصهيوني من كل معاني الإنسانية والأخلاقية.