ربح البيع يا يحيى، وثبت الثابتون على العهد، ومضت قوافل الشهداء تحمل رايات النصر التي خضّبها الدم الطاهر، قدّموا أرواحهم لمالكها، وباعوا دنياهم بما عند الله من خلود.
يا يحيى، حين اعتلى الدم المنابر، وأطلقت الزغاريد بين الأنقاض، علم المحتل أن لا مكان له هنا.
ولقد أدرك العدو لحظة رميك للعصا أن هذا الشعب لا يُقهر، وأن هذه القضية لا تموت، وأن القدس تلك التي أضاءت السماء بنور معراج نبيها ستبقى نبض الأمة وعنوان عزتها.
يا يحيى، ركع المحتل صاغرًا، كسرته عزائم الرجال وصرخات الحق التي لا تتوقف. أُذلّ على أعتاب غزة، تلك التي قيل يومًا أنها ستُكسر ولم تنكسر، لكنها كَسرت الغزاة، وأبقت رأسها عاليًا.
يا يحيى، هنا على الأرض التي باركها الله، ترتفع الأرواح إلى بارئها، تُزفّ إلى عليائها، تشهد أن الدم الذي سفك لم يضع، وأن الشهادة ليست موتًا بل حياة خالدة تُسطر بمداد الكرامة.
أتعلم أين أنت يا سنوار؟! أنت في كل خندق، في كل بيت، في كل زاوية من شوارع غزة. أنت صوت المقاومة الذي لم يخفت، وصدى الصمود الذي يقرع آذان كل خائن وكل جبان، أنت الروح الساكنة في قلب كل مقاوم، وفي كل نَفَس يرفض الذل والهوان.
أتعلم أين أنت يا سنوار؟! أنت في كل حرف كُتبت فيه بنود صفقة الانتصار، بل أنت من صغتها وكتبتها وأجبرت المحتل على توقيعها صاغراً، أنت المفاوض الذي كان يفاوض عن الأمة لتحريرها على طاولة المفاوضات.
أتعلم من أنت يا سنوار؟! أنت فكرةٌ تتجدد مع كل طلقة رصاصة، ومع كل صيحة تُعلن أن فلسطين لن تموت. أنت إرثٌ يعيش في وجدان الأحرار، وصوتٌ ينادي كل من ضل الطريق ليعود إلى درب العزة والكرامة. أنت عين كل أسير ينظر للحرية من خلالك. أنت سيد شهداء العصر، أنت الوعد الذي قطعناه على أنفسنا أن لا نتراجع، وأن نواصل المسير حتى نرى فلسطين حرة، والمقدسات مصونة. أنت الصورة التي تُلهم الأجيال، والقدوة التي تعلّمنا أن المقاومة ليست خياراً، بل واجبٌ وشرف، أنت أقصى ما يتمناه المسجد الأقصى.
فسيروا على الدرب يا رجال فلسطين، فكل خطوة تخطونها تُسقط من جبروت المحتل وتُقرّب وعد الآخرة الذي لا ريب فيه.