في خطاب مليء بالعزة والفخر، أكد الناطق باسم «كتائب الشهيد عز الدين القسام» أبو عبيدة أن معركة «طوفان الأقصى» أحدثت تحولاً تاريخياً في مسار الصراع.
ففي الوقت الذي أسقطت فيه هذه المعركة المفاهيم الصهيونية للأمن والردع، وقدمت نموذجاً ملهماً لصمود الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، أبرز أبو عبيدة تضحيات شعب غزة والجهاد العظيم الذي خاضته المقاومة، مسلطاً الضوء على تضحيات الشهداء، وعلى رأسهم قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الذين قدّموا حياتهم في سبيل تحرير فلسطين.
كما وصف أبو عبيدة، في كلمته، التي تزامنت مع الإعلان عن وقف إطلاق النار، كيف أن هذه المعركة لم تقتصر على حدود غزة فقط، بل أصبحت ملحمة تاريخية ألهمت المنطقة والعالم، وعزّزت قيم الحق والإيمان في مواجهة أبشع أنواع العدوان.
وقال: 471 يوماً منذ بدء معركة «طوفان الأقصى» التاريخية التي أشعلت شرارة تحرير فلسطين، ودقت المسمار الأخير في نعش هذا الاحتلال الزائل لا محالة بقوة الله، مؤكداً أن المقاومة في غزة وشعبها الأبي قدما نموذجاً فريداً في التصدي والصمود، حيث قال: أقامت مقاومتنا في غزة وشعبها العظيم الحجة على كل العالم، وقدمت نموذجاً مذهلاً في قدرة أصحاب الأرض على الفعل الكبير المؤثر، وصناعة التاريخ، وقهر المحتلين.
1- الإيمان والثبات في مواجهة الاحتلال:
وأضاف أبو عبيدة بكلمات مفعمة بالإيمان: قدمنا قافلة عظيمة من الشهداء، في أعظم موكب بين الأرض والسماء، على مدار أكثر من 15 شهراً، فربح البيع يا شهداءنا الأبرار ويا شعبنا الصابر المرابط، إن هذه التضحيات والدماء العظيمة لها ما بعدها، ولن تذهب سدى.
وأثنى على جهود المجاهدين قائلاً: طاب سعيكم أيها المجاهدون والصابرون، إذ بذلتم الغالي والنفيس من الأهل والأموال والجهد، وكنتم ممن قال الله فيهم: (فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) (آل عمران: 146).
وتوجه أبو عبيدة برسالة فخر واعتزاز إلى أبناء غزة قائلاً: يا أبناء شعبنا في غزة، أنتم تاج رؤوسنا ومفخرة الأمة وعنوان كرامتها، لقد صنعتم ملحمة تاريخية فريدة ستبقى محطة فارقة وعلامة مضيئة في تاريخ شعبنا وقضيتنا، أذهلتم بصمودكم وثباتكم العالم بأسره وأعدتم إحياء قيم العظمة والفداء، مضيفاً: يا أبناء غزة، كتبتم بدمائكم وسواعدكم تاريخاً يضاهي أرفع معاني التضحية، فتحتم كتاباً مشهوداً أمام العالم يغني عن ملايين الكتب، سلام عليكم بما قدمتم من صبر وتضحيات.
2- الأثر الإقليمي والدولي لـ«طوفان الأقصى»:
وأشار أبو عبيدة إلى أن معركة «طوفان الأقصى» انطلقت من غزة، لكنها لم تتوقف عند حدودها، بل غيَّرت وجه المنطقة، وأعادت رسم معادلات الصراع، فقد أضعفت هذه المعركة أسس نظرية الأمن الصهيونية، وأسقطت مفاهيم الردع، وألحقت خسائر بشرية ومادية هائلة بالعدو.
وأكد أن المقاومة فرضت على الاحتلال واقعاً جديداً قائلاً: أرغمنا الاحتلال على التهجير والنزوح من مناطق واسعة، وفتحنا جبهات متعددة أظهرت هشاشته، كما كشفت هذه المعركة وجه الاحتلال الوحشي أمام العالم وشوَّهت صورته الدولية.
3- معركة القيم والأخلاق:
وقال أبو عبيدة: كنا أمام مواجهة غير متكافئة لا من حيث القدرات العسكرية، ولا من حيث أخلاقيات القتال، بينما واجهنا عدونا بالإيمان وبالحق الأصيل في أرضنا مع القليل من السلاح المبارك، استعان عدونا المجرم بأقوى قوى العالم المتجبرة الظالمة التي أمدته بجسور جوية من القنابل وفتحت له مخازن الذخيرة، مضيفاً: بينما نوجه ضرباتنا منذ السابع من أكتوبر للجيش الصهيوني، إلا أن العدو واجهنا بقتل عوائلنا وأطفالنا وتدمير البيوت والأحياء والمرافق المدنية عشوائياً، وارتكب بكل قبح أساليب جديدة من الوحشية والتنكيل والانتقام من الأبرياء شاهدها كل العالم يوماً بيوم وساعة بساعة.
وتابع: بينما ابتدعنا كل الوسائل والأساليب، وبذلنا كل الجهود للحفاظ على أسرى العدو عملاً بأدبياتنا وحفاظاً على أهدافنا النبيلة، استمات العدو في محاولة قتلهم على مدار الساعة ونجح في قتل الكثير منهم كما بات معلوماً، مشيراً إلى أن أمام هذه المعادلات المختلة تتضح عظمة هذه المعركة، وكيف أنها ستصبح ملحمة تاريخية ملهمة للأجيال والأحرار، وستشكل مدرسة عسكرية جديدة ونموذجاً مبتدعاً في فنون القتال البطولي والجهاد المقدس من أجل الحرية وطرد المحتلين.
4- عظمة المعركة:
كما نوّه أبو عبيدة بأن مظاهر عظمة هذه المعركة تجلت في تقدم قادتها لقوافل الشهداء، وعلى رأسهم قائد المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، ونائبه القائد صالح العاروري، وقائد الحركة في قطاع غزة يحيى السنوار الذي كانت شهادته أيقونة للعالم.
5- المسؤولية المتعاظمة على الضفة:
وحول الضفة الغربية، قال أبو عبيدة: إن المقاومة في الضفة هي الركيزة المكملة لنضال غزة، ونوجه تحية إجلال وإكبار لأبطال جنين الذين كانوا شقيق الروح لغزة في التضحية والبطولة، داعياً شباب الضفة إلى تصعيد المقاومة والتصدي لكل محاولات الفتنة والتعاون مع الاحتلال.
6- التزام المقاومة باتفاق وقف إطلاق النار:
وأوضح أبو عبيدة أن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار كان هدفاً نسعى إليه منذ شهور طويلة، وما تحقق الآن كان ممكناً منذ أكثر من عام لولا تعنت حكومة نتنياهو الفاشية، نحن ملتزمون بهذا الاتفاق وجدوله الزمني للتبادل، مع التأكيد أن التزام العدو هو الشرط الأساسي لإنجاح الصفقة.
7- الانخراط مع «كتائب القسام»:
وأشار أبو عبيدة إلى أن «كتائب القسام» تلقت -وما زالت- ملايين رسائل الدعم والإسناد والتأييد، بل والتحرق للقتال مع الكتائب، وطلبات الانخراط والتجنيد في أي جهد ممكن مضاد للعدو من كل شعوب الأمة بلا استثناء، من شعوب الخليج العربي شرقاً، وحتى شعوب المغرب العربي غرباً، ومن كافة شعوب أمتنا الإسلامية، من طنجة إلى جاكرتا.
ووجه أبو عبيدة تحية لكل من دعمنا وساند قضيتنا، من «أنصار الله» في اليمن، والمقاومة الإسلامية في لبنان، والجمهورية الإسلامية في إيران، والمقاومة العراقية الباسلة، وأحرار الأردن، كما حيا شعوب أمتنا العربية والإسلامية وأحرار العالم الذين تظاهروا بالملايين لنصرة فلسطين.
8- عهد الصمود والبناء:
وختم الناطق باسم «القسام» خطابه برسالة أمل وإصرار، قائلاً: يا أهلنا في غزة، هذا وقت التضامن والتكافل والتراحم، وكما قدمنا نموذج البطولة والعظمة في الميدان، سنقدم نموذج الصمود والبناء وانتزاع الحق، وإفشال كل مخططات وأطماع الاحتلال، وهزيمته بإرادتنا ووحدتنا بإذن الله تعالى.