لا تزال أزمة الطالبات المسلمات بـ«أكسوم» بإقليم تيغراي شمال إثيوبيا تبارح مكانها منذ اندلاعها قبل أكثر من شهرين، ظهرت على الساحة بوقفة احتجاجية للطالبات المسلمات في بلدة أكسوم، مطالبات برفع حظر الحجاب الذي فرضته إدارة التعليم بالمنطقة وحرمتهن من متابعة دراستهن بهذا الزي؛ ما عُد انتهاكاً لحقوقهن الدستورية في التعليم والحرية الدينية.
بداية الأزمة
في 27 ديسمبر 2024م، شهدت أكسوم وقفة احتجاجية، حيث اصطفت طالبات مسلمات أمام إحدى المدارس في المدينة، محتجات على منع دخول الطالبات المحجبات إلى حرم المدارس، واعتبرنه انتهاكاً لحقوقهن الدينية والتعليمية.
وقالت إحدى الطالبات المحتجات، لوسائل إعلام محلية: إن المدارس تنكر حقهن في التعليم فقط؛ لأنهن يرتدين الحجاب، وإن إدارات هذه المدارس رفضت الجهود المبذولة للتوصل إلى حل وسط على الرغم من أن الطالبات قبلن بارتداء حجاب يتناسب مع لون وشكل الزي المدرسي، لكن إدارات المدارس رفضت السماح بذلك.
وأرجع وهب ربي ياسين، رئيس اتحاد مسلمي تيغراي، اندلاع الأزمة إلى رفض بعض المدارس في مدينة أكسوم دخول الطالبات المحجبات إلى المدرسة قبل شهرين، مشيراً إلى أن امتناع 4 مدارس بالمدينة من دخول الطالبات إليها (3 ثانوية، وواحدة متوسطة).
وأوضح ياسين، لـ«المجتمع»، أن المشكلة في بداية الأمر كانت في دائرة المدينة، وتمت مساع لاحتوائها بين إدارات المدارس ومكتب التعليم بالمنطقة من جهة، وأولياء الأمور والمجلس الإسلامي بالمدينة من جهة أخرى، لكن مع اقتراب موعد التسجيل لامتحانات الشهادة العامة تصاعدت المشكلة على وسائل التواصل الاجتماعي، وأحدثت ردود فعل من مؤيد ومعارض بالمدينة لقرار المدارس، ثم كانت الوقفة الاحتجاجية للطالبات أمام المدارس هي الأكثر تأثيراً وتحريكاً للأزمة حتى وصلت المحكمة المحلية التي دعت لجلسة في أواخر الشهر الجاري.
الموقف الرسمي
وبالرغم من أن الأزمة تحمل بُعداً دينياً، فإن الموقف الرسمي المقسم بين إدارة التعليم بالمنطقة والمجلس الإسلامي الإقليمي والفيدرالي، لم يكن بمستوى الحساسية للأزمة، وإن كان موقف المجلس الإسلامي بالمنطقة آنذاك أوضح ما يجري في المدينة، ونقلت وسائل الإعلام المحلية عن الشيخ محمد كحساي، ممثل مكتب الشؤون الإسلامية في المنطقة الوسطى، قوله: إن مكتبه يعمل مع مكتب التعليم في المدينة لحل القضية، ولفت إلى أن الجدل بدأ قبل شهرين عقب إرسال خطاب إلى مكتب التعليم، سُمح للطالبات في البداية بحضور الفصول الدراسية، قبل أن يمنعن مرة أخرى من دخول المدارس قبل أسبوعين.
وكان مكتب الشؤون الإسلامية بأكسوم حث المدارس على احترام الحقوق الدينية للطالبات، وأوضح، في 10 أكتوبر 2024م، أن ارتداء الحجاب التزام ديني، وأن الحظر شمل مدارس وري، وكينديا، وأدي باباي، وميسي نادو، و140 طالبة، بينهن طالبات الصف الثاني عشر، حُرمن من التسجيل للامتحانات الوطنية.
يشار إلى أن المجلس الإسلامي بالإقليم، خلال مطالبته لفت لوجود تحديات أخرى تواجه المسلمين في أكسوم، ولا تزال دون حل، وهي قضايا تتعلق بأماكن الصلاة ومقابر الدفن، وقال: إنها إجراءات تتعارض مع قيم بلد تتعايش فيه الديانات المختلفة باحترام، في إشارة إلى قوانين حقوق الإنسان الدولية والمادة (27) من الدستور الإثيوبي.
ومع بداية الأزمة، حذر المجلس الإسلامي في الإقليم من أنه سيتخذ إجراءات تصعيدية قانونية في حالة لم يتم معالجة الحظر المفروض على ارتداء الحجاب في غضون 3 أيام.
بدوره، انتقد المجلس الإسلامي الفيدرالي الوضع الذي يواجه الطالبات المسلمات بمدينة أكسوم، موضحاً، في بيان، أنه أجرى مناقشات مع المجلس الإسلامي في إقليم تيغراي.
تطورات الأزمة
وفي تطور للأزمة، أكد مصدر من المنطقة، لـ«المجتمع»، أن بعض الطالبات المسلمات في الصف الثاني عشر بمدينة أكسوم فاتهن الموعد النهائي للتسجيل عبر الإنترنت للامتحانات الوطنية المؤهلة للمرحلة الجامعية، بعد أن رفضت المدارس السماح لهن بإكمال تسجيلهن ما لم يزلن الحجاب.
وقالت إحدى الطالبات (طلبت عدم الكشف عن هويتها): إن الحظر المفروض على الحجاب عرَّض مستقبلنا الأكاديمي للخطر بشكل مباشر، وتلاشت أحلامنا في الالتحاق بالجامعة، لكنها استدركت بالقول: لا يمكننا خلع الحجاب للتسجيل في الامتحان الوطني؛ لأن ديننا يحرم ذلك وفضلنا التخلي عن تعليمنا بدلاً من انتهاك التزامنا الديني.
وأضافت الطالبة، لـ«المجتمع»، أن عشرات الطالبات بالمدينة فقدن فرصتهن للجلوس للامتحان الوطني، بعد أن حرمن فرصة التسجيل عبر الإنترنت من خلال المدارس، وبحسب مصدر مطلع في مكتب تعليم بتغراي، يقدر عدد الطالبات بالصف الثاني عشر في أكسوم بنحو 140 طالبة مسلمة حُرمن من التسجيل الذي انتهى في 10 يناير الجاري.