تعود من وقت لآخر ظاهرة «الإسلاموفوبيا» في أوروبا، في محاولة من اليمين المتطرف لترسيخ وجودها في الشارع الأوروبي؛ إيماناً منه بأن المسلمين يجب أن يكونوا في خانة العداء الدائم لا الموسمي، تحت مبررات واهية وبعيدة عن الواقع لإقناع المواطن الأوروبي بتعاظم الخطر الإسلامي.
ومن العجيب في هذا الأمر أن اليمين المتطرف استحدث مؤخراً أسباباً جديدة متناقضة للهجوم على المسلمين، من بينها ادعاء أن المسلمين ليس لديهم نية الاندماج مع المجتمع الأوروبي، ثم التحول إلى النقيض وزعم أن المسلمين الذين يندمجون بالمجتمع لديهم عداء واضح تجاه غير المسلمين.
فما خطة اليمين المتطرف، مؤخراً، لجذب أنصار جدد لأفكارهم؟ وما صدى الادعاءات التي يرددونها في الشارع الأوروبي؟ وكيف للمسلمين في القارة الأوروبية مواجهة هذه الخطة التي تستهدف وجودهم في المجتمع؟
تصاعد عداء اليمين المتطرف
تصاعد العداء ضد المسلمين في مختلف أنحاء القارة الأوروبية أصبح ظاهرة جلية تجاه أقلية يبلغ عددها 25 مليون نسمة، ويسعى اليمين المتطرف لتشويه أفرادها بسبب تمسكهم بتعاليم الإسلام.
القيم الأوروبية بديلًا للقيم الإسلامية
ومن النماذج الصارخة على ذلك، مناداة الحكومات الأوروبية بأهمية اندماج المسلمين في مجتمعاتهم، ولكن هذا الاندماج حسب تفسيرهم يجب أن يشمل تبني القيم الأوروبية المخالفة للإسلام كشرب البيرة وأكل لحم الخنزير.
زيادة التمييز تجاه المسلمين
وحسب تقرير للوكالة الأوروبية للحقوق الأساسية، اتضح أن هناك زيادة مرتفعة للغاية في التمييز تجاه المسلمين في كل أنحاء أوروبا، حيث يعاني تقريباً نصف مسلمي أوروبا من التمييز العنصري القائم على أساس الدين والعرق والأصل.
ومن أبرز الأسباب التي رصدها التقرير ارتفاع حجم التوترات المجتمعية خلال الـ14 شهراً الأخيرة التي تزامنت مع اندلاع الحرب في غزة، نتيجة لإصرار بعض الحكومات الأوروبية على مساواة أي نقد لـ«إسرائيل» بمعاداة السامية.
ومن أشكال التمييز المعادي للإسلام في هولندا، مؤخراً، الترويج لفكرة أن المسلمين الذين اندمجوا في الحياة العامة، أصبحوا يشكلون عبئاً مثلهم مثل الذين يُنظر إليهم على أنهم غير مندمجين وغير متكيفين مع الثقافة الأوروبية.
اليمين المتطرف ومعاييره الثقافية
ومن التطورات المثيرة في هولندا تقدم أحد الأحزاب السياسية المحسوبة على اليمين المتطرف باقتراح برلماني يطلب من الحكومة الحالية الحفاظ على تفاصيل المعايير والقيم الثقافية والدينية للهولنديين من أصول مهاجرة.
معاداة السامية
وقد صرح أحد الصحفيين الغربيين بشكل واضح قائلاً: إن المشكلة الحقيقية مع المسلمين في كل أنحاء أوروبا، هي أن معاداة السامية وكراهية الغرب أصبحت سمة مشتركة حتى لدى المسلمين المندمجين جيداً في المجتمع الأوروبي.
يرى مسلمو أوروبا أن مثل هذه التصريحات تهدف إلى إبقائهم في حالة دائمة من الغربة عن الدين، والهدف هو تأديبهم ومعاقبتهم في حال الرفض بسحب جنسيتهم إذا لم يفعلوا ما تريده منهم الحكومات الأوروبية، وخاصة من يتمتعون منهم بمستوى عال من التعليم ويشغلون مناصب مهمة.