في ظل الظروف المناخية القاسية التي تواجهها الكويت، والتي بلغت ذروتها بتسجيل خامس أعلى درجة حرارة في العالم عام 2016، يتصدر التصحر والعواصف الرملية قائمة التحديات البيئية التي تؤثر سلباً على البيئة والصحة العامة. يأتي مشروع الحزام الأخضر كأحد الحلول الاستراتيجية التي تهدف إلى مواجهة هذه الظواهر، إلا أن تأخر إنجازه على مدى 30 عاماً تسبب في تفاقم المشكلة، ما يدفع للتساؤل عن جدوى الجهود الحالية لتحقيق أهداف المشروع.
حقائق وأرقام عن التصحر في الكويت
90% من مساحة الكويت أراضٍ جافة ومتصحرة، نتيجة العوامل المناخية والجغرافية، مثل قلة الأمطار والحرارة المرتفعة.
تكلفة التأخير في تنفيذ مشاريع الحزام الأخضر تصل إلى 300 مليون دينار كويتي سنوياً، تشمل خسائر الرعاية الصحية وصيانة المنشآت المتضررة من العواصف الرملية.
نسبة 1 من كل 4 كويتيين يعانون من أمراض تنفسية مزمنة، مثل الربو، بسبب الغبار والتلوث البيئي.
تأخر المشروع وأثره على البيئة والصحة
بدأت ملامح مشروع الحزام الأخضر في الكويت في عام 1991، لكن التنفيذ الفعلي انطلق فقط في عام 2015. ورغم زراعة أول شجرة ضمن المشروع في يوليو 2021، إلا أن نسبة الإنجاز لم تتعدَّ 20%. تأخر التنفيذ انعكس سلباً على الصحة والاقتصاد، إذ:
تفاقمت العواصف الرملية التي تضرب البلاد 4 أشهر سنوياً، وتسبب خسائر تصل إلى 190 مليون دينار كويتي سنوياً.
ازدادت الأمراض التنفسية المزمنة بسبب ارتفاع معدلات الغبار والجفاف.
انخفضت جودة الحياة الصحية والبيئية للمواطنين، مع تهديد مخزون الأكسجين الطبيعي في البلاد.
أهداف مشروع الحزام الأخضر
يهدف المشروع إلى:
زراعة 315 ألف شجرة خلال 10 سنوات على طول الخط الحدودي للكويت، بمسافة تصل إلى 420 كيلومتراً، للحد من زحف الرمال.
زيادة الرقعة الخضراء عبر زراعة 35 مليون شتلة لإعادة تأهيل الحياة الفطرية.
تخفيف تأثير العواصف الرملية بنسبة تصل إلى 70% محلياً، و30% من العواصف القادمة من خارج البلاد.
خفض درجات الحرارة بين 3 إلى 7 درجات مئوية في محيط المناطق المزروعة.
التحديات التي تواجه المشروع
التأخير الحكومي:
تأخر وضع خطة استراتيجية متكاملة لتنفيذ المشروع منذ الإعلان عنه عام 1991، بسبب نقص التنسيق بين الوزارات المعنية والتمويل.
التوسع العمراني:
زادت عمليات التطوير الحضري من إزالة الغطاء النباتي، مما فاقم من معدلات التصحر.
الممارسات البشرية الخاطئة:
الرعي الجائر مسؤول عن 70% من التصحر في الكويت.
التخييم العشوائي يدمر التربة والنباتات، خاصة مع وجود أكثر من 40 ألف مخيم ربيعي سنوياً.
ضعف المشاركة المجتمعية:
غياب الحوافز والدعم الحكومي للمبادرات الفردية أو المجتمعية، مثل مبادرات التشجير، يقلل من جهود مكافحة التصحر.
الآثار البيئية والاقتصادية للتأخر
تدهور جودة الهواء وزيادة العواصف الرملية، ما يؤدي إلى تكاليف إضافية لإزالة الرمال المتراكمة من المنشآت والشوارع.
خسائر سنوية ضخمة تشمل الرعاية الصحية بسبب الأمراض التنفسية، وصيانة المرافق المتضررة من التصحر.
تهديد طويل الأمد لمخزون الأكسجين الطبيعي في الكويت، مما قد يؤثر على الأجيال القادمة.
الحلول المقترحة لتنشيط المشروع ومواجهة التصحر
إعادة هيكلة المشروع:
وضع خطة زمنية واضحة ومحددة، مع توفير التمويل اللازم لتنفيذها.
التوسع في التشجير:
زراعة 1 إلى 4 ملايين شجرة في المناطق الأكثر عرضة للتصحر باستخدام تقنيات حديثة، مثل الدرون الزراعي.
تنظيم الأنشطة البرية:
وقف المخيمات الربيعية لمدة 5 سنوات على الأقل، وتحديد مناطق مخصصة ومحصورة لإقامتها.
فرض قوانين صارمة على الرعي الجائر، وتخصيص أراضٍ كمحميات مؤقتة.
تعزيز المشاركة المجتمعية:
تشجيع الأفراد والجمعيات على المشاركة في جهود التشجير من خلال تقديم حوافز مالية ودعم حكومي.
التوعية البيئية:
زيادة حملات الإعلام والتثقيف حول أهمية الحزام الأخضر ومخاطر التصحر على الصحة والاقتصاد.
نظرة مستقبلية: الكويت الخضراء بحلول 2040؟
في حال تبني الحكومة مساراً مضاعفاً لزراعة الأشجار، يمكن أن يبدأ الحزام الأخضر بالظهور بوضوح بحلول عام 2040. عند اكتماله، سيسهم المشروع في:
تحسين جودة الهواء وتقليل الغبار والعواصف الرملية.
خفض درجات الحرارة في المناطق السكنية والمرافق الحيوية.
تعزيز الاستدامة البيئية والصحية للأجيال القادمة.
يعد مشروع الحزام الأخضر فرصة ذهبية للكويت للحد من التصحر، وتحسين الظروف البيئية والصحية. ومع ذلك، فإن تحقيق هذه الأهداف يتطلب تعاوناً شاملاً بين الجهات الحكومية، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص، لضمان استدامة المشروع وتأثيره الإيجابي على المدى الطويل. فقط من خلال التخطيط الجيد والعمل المشترك، يمكن للكويت أن تتحول إلى واحة خضراء وسط الصحراء.
المصدر: مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (بحثي كويتي) بعنوان زيادة انكشاف الكويت على مخاطر الاحتباس الحراري: المخاطر والتحديات