تعنى هيئة (I.H.H) التركية بحقوق الإنسان وحرياته، وتعمل في 140 دولة، في أربع مجالات: الإغاثة، والمفاوضات، والدبلوماسية الإنسانية، وحقوق الإنسان
وأكد رئيس هيئة (I.H.H) «بولنت يلدرم» أن الأمم المتحدة لم تحسن إدارة ملف الإغاثة في سورية، كما أن شاحنة الأسلحة لعبة من قبل عناصر الدولة العميقة في سورية،
وقد أجريت هذه المقابلة على هامش مؤتمر الداعمين لإغاثة سورية الذي عقد في الكويت مؤخراً.
وقال في حوار خاص لـ«المجتمع»: إن علاقتنا بـ«أردوغان» وأغلب قادة حزب «العدالة والتنمية» قوية وقديمة، فيما أشار إلى أن الهيئة رفعت قضايا ضد قادة الانقلاب في مصر، في المحاكم الدولية.
وطالب «يلدرم» بضرورة التعاون بين المسلمين وتكامل الجهود، فالحرب علينا شرسة، كما أن الدم المسفوك من المسلمين لا يساوي في نظر الصهاينة وحلفائهم قطرة بترول.. وإلى تفاصيل الحوار:
* الكل أعجب بهيئة (I.H.H) خاصة بعد جهدها في رفع الحصار عن غزة.. متى أنشئت الهيئة؟ وماذا يعني اسمها المختصر؟
– تعنى هيئة (I.H.H) بحقوق الإنسان وحرياته، كما أن هذا الاختصار يعتبر شعاراً عندنا، وهو الإحسان «هير زمان وهير مكان»؛ أي في كل وقت وفي كل مكان، وقد أسست إبان حرب البوسنة في عام 1992م، وهي الآن تعمل في 140 دولة، والهيئة تعمل في أربع مجالات: الإغاثة، والمفاوضات، والدبلوماسية الإنسانية، وحقوق الإنسان، فنحن نرعى 35 ألف يتيم، وقمنا ببناء العديد من المستشفيات والمدارس، إلا أننا لا نكتفي بالجانب الإغاثي فقط، وإنما نسعى إلى رفع معاناة الإنسان من جميع الجوانب.
حصار غزة
* تعتبر هيئة (I.H.H) أكبر من مؤسسة إغاثية، فقد فعلت ما عجزت عنه دول عديدة في فك حصار غزة، فما جهودكم الحالية في رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني؟
– مازلنا نرفع أصواتنا في المطالبة برفع الحصار عن غزة، وفي قمة التعاون الإسلامي الأخيرة بإسطنبول بدأنا حملة جديدة لدعم إخواننا في غزة، إلى جانب تنظيم برامج لكل مدن تركيا عن القدس والمسجد الأقصى، ونحن بصدد توسعة هذه البرامج لتصل إلى مناطق آسيا الوسطى، وبسبب هذه الجهود فإن الصهاينة منزعجون جداً، حتى إن وزير خارجيتهم أصدر بياناً يعتبر فيه الهيئة تهديداً كبيراً لهم، بالإضافة إلى ذلك لدينا أعمال إغاثية كثيرة في غزة، ويكفي أن تعرف أن الفرع الوحيد لها خارج تركيا في غزة.
*بمناسبة زيارتكم للكويت للمشاركة في مؤتمر المانحين للشعب السوري، ما تقييمكم للجهود الدولية في هذا الصدد؟
– نشكر أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد؛ لجهوده الطيبة، كما نشكر رئيس الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية د. عبدالله المعتوق، على إقامتهما مؤتمر دعم الشعب السوري، وقد قامت المنظمات الأهلية بالتبرع بقيمة 400 مليون دولار، ونتمنى أن تصل ليس إلى الأماكن التي تحت سيطرة النظام فقط، بل حتى الأماكن المحررة، فالحاجة شديدة، وقد هدمت بيوتهم، واضطر البعض إلى أكل لحم القطط، والحقيقة فالأمم المتحدة لم تحسن إدارة ملف الإغاثة في سورية.
شاحنة مساعدات
* تداولت أخبار بشأن ضبط شاحنة تابعة لكم تحمل أسلحة لمعارضين في سورية.. ما حقيقة هذا الأمر؟
– هذه لعبة من قبل عناصر الدولة العميقة، فنحن ليست لدينا أي صلة بها، ولم نعلم عنها إلا عبر وسائل الإعلام، وتم طرد من قام بالافتراء علينا، وتقدمنا بشكوى أمام القضاء لإنصافنا والمستهدف الأساسي من ذلك الحكومة التركية، وما ضرب الهيئة إلا وسيلة، وللأسف هذه المؤامرة كانت من قبل أشخاص يدعون أنهم من أنصار الشيخ «فتح الله كولن»، وقد قام رئيس الوزراء بنفسه بإعلان براءة الهيئة من ذلك، وأن الشاحنة إنما تحمل مساعدات لتركمان سورية.
قضايا الفساد
* تمر تركيا حالياً بما يعرف بأزمة قضايا الفساد، ما تقييمكم للوضع الحالي؟ وهل من انعكاسات له على عمل الهيئة؟
– كما تعرفون علاقات تركيا مع «إسرائيل» كانت قوية، وتم تجميدها بعد حادثة «مرمرة»، وتحركت «إسرائيل» وحلفاؤها في تركيا لمحاولة إعادة تنشيط هذه العلاقات عن طريق محاولة القيام بانقلاب قضائي، واستخدموا شبكاتهم الأمنية والقضائية بتركيا، فتم مداهمة مكاتب الهيئة بصورة غير قانونية، وتم معاقبة من فعل ذلك وطردهم من العمل، وقمنا برفع قضايا ضدهم، وسبب هجوم «إسرائيل» وحلفائها علينا قيامنا برفع قضايا ضد قادة الكيان الصهيوني أمام المحكمة الجنائية الدولية، وأمام العديد من المحاكم الأوروبية، الأمر الذي جعلهم محصورين لا يتمكنون من السفر بسهولة، وسيفشلون في حربهم ضدنا بإذن الله تعالى.
علاقة الهيئة بالحزب
* ما طبيعة العلاقة بين الهيئة وحزب «العدالة والتنمية»، خاصة أنكم كنتم من أبرز داعميه أثناء «أحداث تقسيم»؟
– قلت لكم: إن الهيئة أسست عام 1992م أثناء أحداث البوسنة، وفي عام 1995م أسست في إسطنبول بعد المشاورات بيني وبين «نجم الدين أربكان»، و«أردوغان»، فقد كنت وقتها رئيس شباب حزب «الرفاه» وحركة «الملي جورش»، فعلاقتنا بـ«أردوغان» وأغلب قادة حزب «العدالة والتنمية» قوية وقديمة، ولكن قراراتنا في الهيئة مستقلة وذاتية، وفي «أحداث تقسيم» كان الهجوم في الحقيقة منصباً على مواقف «أردوغان» الإسلامية، إلا أننا قمنا بدعمه وتأييده.
حقوق الإنسان
* ما جهودكم في الدفاع عن حقوق الإنسان في مصر؟
– لقد طلبنا من النائب العام المصري زيارة المعتقلين، وأرسلنا وفداً من المحامين والحقوقيين المختصين منذ بداية الانقلاب إلى مصر لمتابعة الأحداث في رابعة، وقمنا بنشر تقرير حقوقي ضد الانقلاب، وعمل مظاهرات في كل أنحاء تركيا والعديد من دول العالم تنديداً بالانقلاب، كما رفعنا قضايا ضد قادة الانقلاب في المحاكم الدولية أسوة بما فعلنا بقادة الكيان الصهيوني فكلهم مجرمو حرب.
تنمية الصومال
*ما جهودكم في دعم تنمية الصومال؟
– نحن في الصومال منذ 15 سنة، وقمنا بإرسال وفد إلى هناك لدراسة الأوضاع، وحذرنا العالم من إمكانية حدوث كارثة إنسانية ما لم يتدخل المجتمع الدولي لإغاثة شعب الصومال، وقمنا بإرسال العديد من السفن المحملة بالمساعدات الانسانية، كما رتبنا أحوال اللاجئين في المخيمات الكينية، وأنشأنا المشاريع التنموية كمدارس الزراعة المنتشرة في أنحاء الصومال لتعليم الزراعة، واخترنا الطلبة من جميع القبائل الصومالية حتى نشروا ثقافة الإخاء والتسامح بينهم ونبني جيل السلام، كما أنشأنا العديد من المدارس والمستشفيات، وحفرنا العديد من الآبار التي يصل عمق بعضها إلى 400 متر، كما أنشأنا مجمع التعليم والأيتام في أقل من سنة، وهو أكبر مجمع في الصومال، ويضم مسجداً ومدرسة وسكناً وسوقاً وعيادات وإدارة، ويدرس به 2000 طالب، ويقيم به 200 يتيم، ولا يفوتني أن أذكر بالعرفان الشيخ عبدالرحمن السميط يرحمه الله تعالى، فقد كان لنا الدافع والقدوة، وقام بتوجيهنا كيف نعمل بأفريقيا، ونحن سائرون على خطاه.
إغاثة شعب آراكان
* كنتم من أوائل من قام بإغاثة شعب آراكان، ما الصعوبات التي واجهتكم؟ وكيف يمكن تنسيق الجهود لتسيير أعمال الإغاثة هناك؟
– أما الصعوبات فلا أحب التطرق لها، حيث مازلنا هناك نعمل على إزالتها، فلا نريد تعقيدها أكثر، والحمد لله قمنا بتقديم المساعدات لإخواننا في آراكان سواء بالداخل أو بمخيمات اللاجئين بالخارج، وأكثرها ببنجلاديش، فقمنا ببناء المساكن لهم والمستشفيات والمدارس، كما ساعدنا الطلبة على استكمال دراستهم بالخارج، وندعو الجميع إلى مد يد العون إلى إخوانهم بآراكان، وأخشى على الأغنياء الذين عندهم الإمكانية ولا يقدمون المساعدة لإخوانهم بأن حسابهم عند ربهم سيكون عسيراً، فشعب آراكان هو الشعب الوحيد الذي يبكي رجاله لفقدهم الأمل.
*ما رؤيتكم لمستقبل الهيئة؟
– رؤيتنا أن نكون نموذجاً للجمعيات المشابهة في العالم، والآن هناك العديد من المخططات للصراع الحضاري بين الحضارات الأخرى وحضارة الإسلام، فلابد من دراسة الواقع جيداً، وأن نكون مستعدين لذلك، وأن يتعاون المسلمون ويوحدوا طاقاتهم ويتكاملوا في إمكانياتهم لمحاربة الجهل والفقر والمرض، فالذي يحصل للمسلمين الآن إما أن يموتوا أو يهاجروا أو يسجنوا، فلابد أن نسعى للتعاون بجدية.
أحب أن أشكر مجلة «المجتمع» على هذا اللقاء الطيب، كما أؤكد ضرورة التعاون بين المسلمين وتكامل الجهود، فالحرب علينا شرسة، وكل الدم المسفوك من المسلمين لا يساوي في نظر الصهاينة وحلفائهم قطرة بترول واحدة، فليس لنا أصدقاء إلا أنفسنا، فعلينا أن نعمل بجد لرقي أمتنا، ولا نترك ثانية واحدة دون عمل، ونوجه إمكانياتنا التوجيه الأمثل، فالإسراف غصب لحقوق الآخرين.