على أرض أفريقيا الوسطى تدور واحدة من أبشع المحارق ضد المسلمين
على أرض أفريقيا الوسطى تدور واحدة من أبشع المحارق ضد المسلمين في العصر الحديث، ولا يضاريها إلا المجزرة الدائرة بحق مسلمي بورما.. وما خفي كان أعظم!
تلك المحارق تجري على مرأى ومسمع من قوات حفظ السلام الأفريقية (ميسكا)، وتحت حماية القوات الفرنسية التي وصلت بسرعة إلى هناك بزعم إقرار السلام في المنطقة.. وإقرار السلام لدى فرنسا والغرب عموماً في المناطق المتوترة التي يعيش فيها مسلمون يعني استئصال شأفتهم تماماً؛ ليستقر الأمر للمليشيات المسيحية أو للحكومات المحاربة للإسلام والمسلمين.. وهكذا دأبهم عبر التاريخ مع المسلمين!
وليست هذه المرة الأولى التي تتدخل فيها قوات دولية وتصل فيها قوات غربية إلى مناطق إبادة للمسلمين بدعوى تحقيق الاستقرار، فقد شاهدت بعيني في البوسنة والهرسك عند زيارتي لها عام 1992م – حين كانت تدور رحى مجزرة صربية أرثوذكسية بحق المسلمين هناك – شاهدت قوات الأمم المتحدة في عهد «بطرس غالي» (الأمين العام حينها) تحاصر مدناً مسلمة بالكامل؛ بدعوى تحويلها إلى ملاذات آمنة حماية لهم من إبادة الصرب الأرثوذكس، لكن تلك القوات الدولية حولتها إلى سجن كبير، وتم تمكين الصرب من سكانها ليُعملوا فيهم آلة القتل، حيث ارتكبت أبشع المجازر والاعتداءات الجنسية على النساء، وما حدث في مدينة «سربرينتسا» خير مثال.
ما جرى في البوسنة على أيدي المليشيات الصربية الأرثوذكسية.. وما يجري في بورما بحق المسلمين الروهينجيا على أيدي عبدة النار.. يتكرر اليوم على أيدي المليشيات النصرانية الإرهابية في أفريقيا الوسطى، وكذلك في أنجولا تحت حماية دولية غربية.
وكالة الأناضول للأنباء رصدت نحو 4 آلاف نازح مسلم يحتمون بالمسجد الرئيس في العاصمة «بانجي» انتظاراً للفرار إلى دولة تشاد المجاورة.. وما خفي من فصول المأساة أشد وأقسى!
وهكذا.. يموت الضمير الإنساني على أرض أفريقيا الوسطى، وتمرغ مصداقية أدعياء حقوق الإنسان في التراب، وتذبح الإنسانية والكرامة والمواطنة.. وتستحيي الغابة أن تُوصف بتلك الأخلاق الشيطانية.. وتخجل الحيوانية من الانتساب لهؤلاء البشر.
لقد خجل «الصمت» من «صمت» العالم، وخار «الجبن» من «جبن» وإهمال العالمين العربي والإسلامي حيال محرقة المسلمين المستعرة في أفريقيا الوسطى منذ تنحية الرئيس المسلم «ميشال جوتوديا»، وإقالة حكومته على يد القوات الفرنسية في سبتمبر العام الماضي!
بابا الفاتيكان يلتزم الصمت حيال جرائم أتباعه، كما أصيب كل بابوات الكنائس بالخرس، ولم يرفعوا العتب عن أنفسهم بالتبرؤ من تلك الجرائم والمذابح على أيدي أتباعهم.. ولِمَ يفعلون ذلك، وقد أصيبت الحكومات الإسلامية بالخرس والصمم والشلل عن فعل شيء، وقد يكون بعضها – من جنود إبليس وعبدة الشيطان – يمول تلك الحرب على بني دينهم؟!
إننا لم نسمع في العالم الإسلامي سوى صوت بيانات من منظمات شعبية مدنية، ولم نسمع صوتاً.. لا للجامعة العربية التي تمثل ما يقرب من 300 مليون عربي مسلم، ولا منظمة التعاون الإسلامي التي تمثل أكثر من مليار مسلم، ولم نسمع صوتاً رسمياً واحداً في العالم الإسلامي يندد بتلك المجازر التي تنتشر صورها المروعة يومياً دون أن تحرك شعرة لدى السادة القابعين على سدة الحكم.. ولم تحرك تلك الأحداث ساكناً لدى المنظمات الدولية ولا منظمات حقوق الإنسان التي تتحرك لإنقاذ كلب كاد أن يغرق، بينما جثث بني الإنسان تنتشر في شوارع بورما وأفريقيا الوسطى بعد حرقها أو تقطيعها إرباً إرباً.. والسبب أنهم مسلمون.. ولا حول ولا قوة إلا بالله!
فيا مسلمي العالم.. يا أصحاب الضمائر.. يا من لديه ذرة من الإنسانية.. إبادة المسلمين متواصلة في وضح النهار.. وذبح المسلمين في الساحات والشوارع على الملأ ودون توقف على أيدي المليشيات النصرانية، وفي حماية القوات الفرنسية والقوات الأفريقية التي من المفترض أنها ذهبت لحمايتهم، فإذا بها تنقلب لإبادتهم.. بعد الانقلاب على رئيس الدولة المسلم.. فهل يخططون لنا في مصر أحداثاً مشابهة؟! فمطبخ الانقلابات واحد ومهندسه واحد ومموله واحد.. ومن يبيعون دينهم وإخوانهم كثيرون.. ألا شاهت الوجوه!
هي مذبحة كبرى تدور بحق المسلمين.. والمسلمين وحدهم على امتداد العالم.. من بورما.. إلى أنجولا وأفريقيا الوسطى.. ومن سورية إلى رابعة العدوية والنهضة في مصر.. هدفها إسكات صوت كل من يقول: «ربي الله»، حتى يعلو صوت عبَّاد البشر من «حثالة» البشر!