الانقلابيون الدمويون الفاشيون؛ فاشلون في كل شيء: في الاقتصاد والسياسة والدبلوماسية والأمن والثقافة والتعليم والإعلام والتموين والسياحة، فضلاً عن الزراعة والصناعة والتصدير والاستيراد.. حتى المرور فشلوا فيه، وأثبتوا أنهم لا يصلحون إلا لشيء واحد، هو قتل
الانقلابيون الدمويون الفاشيون؛ فاشلون في كل شيء: في الاقتصاد والسياسة والدبلوماسية والأمن والثقافة والتعليم والإعلام والتموين والسياحة، فضلاً عن الزراعة والصناعة والتصدير والاستيراد.. حتى المرور فشلوا فيه، وأثبتوا أنهم لا يصلحون إلا لشيء واحد، هو قتل الشعب المصري بالرصاص الحيّ!
من ينظر إلى الطرقات السريعة والفرعية، ويحصي عدد الضحايا والمصابين في الحوادث اليومية يتأكد أن الدولة بلا ضابط ولا رابط ولا قانون، لا توجد دولة في العالم يموت فيها آلاف الضحايا سنوياً نتيجة فشل السلطة في ضبط المرور إلا مصر، ولا توجد دولة في العالم تحصل من أجل المرور على إتاوات مشروعة وغير مشروعة غير بلادنا المنكوبة حسب تعبير كاتب انقلابي نصّاب!
المرور في بلادنا قطعة من الجحيم، ويبدو أن المسؤولين الفاشلين يتلذّذون بتعذيب الشعب الذي رقص على أشلاء الضحايا في رابعة وأخواتها، وغنّى للقتلة “تسلم الأيادي”، فضلاً عن الاستمتاع بتعذيب الشعب الذي يعبد الله دون الفرعون.
يستطيع أي إنسان أن يمرّ على الطرق السريعة وغير السريعة فلا يجد عسكري مرور واحداً، وإن وجده فهو يتسكع بين السيارات ليحصل على نصيبه من الإتاوات غير المشروعة من قادة سيارات النقل والميكروباص والأجرة.
الدمويون الفاشلون يكتفون بالكمائن ويزعمون أنها تضبط المرور، وهي للأسف الشديد تربك المرور وتعطل حركة السيارات، ولا تنجز شيئاً ذا بال يحمي الناس ويسهّل الحركة، الكمائن مجال استعراض العضلات لبعض الضباط والأمناء والعساكر الذين من شدة ذكائهم لا يفتشون السيارات إلا في أوقات الذروة فتتراكم وتتوقف الحركة، ولا يستطيعون الوصول إلى المخالفين أو المطلوبين الحقيقيين؛ لأن هؤلاء يعرفون كيف ومتى يتحركون، وأي الطرق يسلكون، ويصعب الإمساك بهم من جانب أهل السلطة الدمويين، ولديهم تراث عريق من الفهلوة والدفع لإسكات رجل المرور.
هل توجد كمائن للمرور في الدول الأخرى الحريصة على حياة الناس وكرامتهم؟ لا أظن!
الكمائن موجودة في الدول الفاشلة فقط، في إسطنبول العاصمة الاقتصادية لتركيا، وتعادل القاهرة في عدد السكان والسيارات، لا توجد كمائن، ولكن المرور الناجح هناك يظهر فقط عند وقوع الحدث وعند الحاجة بسرعة البرق، رجل المرور هناك في دوريات متحركة سريعة، ومهمته تسهيل المرور وليس تحصيل الإتاوة المشروعة أو غير المشروعة، أو استعراض أبهة السلطة بتوقيف السيارات الذاهبة والآيبة، وتعطيل مصالح خلق الله.
لست أريد المقارنة بين المرور في تركيا المتقدمة، وسلطتها الناجحة والفائقة وبين مرور مصر وسلطتها الدموية الفاشلة، فالبون شاسع، والمسافة بعيدة بُعْد السماء عن الأرض، ولكن أشير فقط، إلى أن القوم هناك استطاعوا تخفيض عدد السيارات التي تسير في شوارع إسطنبول، وتحديثها حين جعلوا عمر أقدم سيارة لا يزيد على ثلاث سنوات، ومنعوا مرور النقل الثقيل في المدن والطرق السريعة والفرعية إلا في أوقات الليل، وبالطبع لا توجد هناك سيارات النقل المقطورة التي تصنع الموت أينما حلت، بل لا توجد حتى في الدول المتخلفة، السلطة عندنا تخشى الحيتان أصحاب نقل المقطورة و”التريللا”، لأنهم إما شركاء في السلطة، أو من المقربين إليها، ولذا تمرح هذه السيارات الثقيلة في طرقنا السريعة والبطيئة بل في القرى والمدن الصغيرة، ويخالف قادتها أبسط قواعد المرور، وتستطيع أن تصوّر أحدهم وهو يقود السيارة ومبسم الشيشة في فمه، ومساعده يغير له الحجارة، ناهيك عما نشرته الصحف من مفارقات، منها أن أحدهم مبتور إحدى اليدين، ويقود سيارته منذ سنوات، دون أن يضبطه أحد أو يلومه مسؤول!
لوبي سيارات النقل الثقيلة لا يعبأ بقرارات السلطة الدموية الفاشلة، ولا العقوبات المضاعفة التي فرضتها، ولا القوانين التي شرعتها؛ لسبب بسيط جداً، وهو أنه يربح كثيراً من عمليات النقل التي لا تتوقف، مما يقويه ويجعله سلطة موازية أو أقوى!
ولعل هذا كان من وراء إهمال النقل عبر السكة الحديد، ونهر النيل، مع أنه الأرخص والأكثر أماناً، والأقل خسائر إذا وقعت حوادث، السكة الحديد تبدأ بالنقل من الإسكندرية حتى أسوان، ومن وسط الدلتا إلى مدنها الرئيسة وخط القناة وعبر الصحراء إلى مطروح والسلوم، وكان هناك خط يصل إلى رفح بل إلى إسطنبول قبل قيام الكيان الصهيوني العازل.
كانت الدولة – وهي الفقيرة المحتاجة إلى كل قرش بسبب الفساد الذي استنزف مواردها – تستطيع أن تضمن مورداً مهماً للدخل من النقل بالسكة الحديد، والنقل النهري، وفي الوقت نفسه تجعل نهر النيل مفتوحاً على حركة المراكب التي تحمل مختلف البضائع، وليس حكراً ونهباً لأصحاب الأقفاص السمكية الذين لوّثوه بالقاذورات ومخلفات المذابح والأشجار الخضراء التي تتعطن وتفسد مياهه أكثر مما هي فاسدة.
ولكن لوبي النقل الثقيل كان أقوى من السلطة الدموية، وأكثر قدرة على تحريكها في الاتجاه الذي يخدمه، ثم يجد الفرصة ليصنع حوادث ويقتل ضحايا، والعقوبة مع وقف التنفيذ!
إن الدمويين الفاشلين حتى في المرور، لم يسألوا أنفسهم يوماً: هل تستطيع الطرق الحالية، سريعة أو فرعية أن تحتمل حركة السيارات بأعدادها المهولة، وخاصة سيارات النقل الثقيل؟
لقد تكسرت الطرق في كثير من الأماكن، وغاصت بفعل السيارات الضخمة المحملة بأحمال ثقيلة، وتستطيع أن تجد في أماكن عديدة من الطريق الزراعي بين مصر والإسكندرية نماذج شاهدة لم تجد أحداً من المسؤولين الانقلابيين عن الطرق من يحنّ عليها ويردمها، وبقيت شاهدة على الفشل الذريع لسلطة الانقلاب الدامي منذ شهور!
والأعجب أنك تجد الطرق السريعة مكتظة بالتكاتك والجرارات والعربات الكارو والعربات الحديد التي يستخدمها الفلاحون وسيارات نقل الطوب والحجارة غير المغطاة ودون رباط وتتساقط منها قطع مؤذية للسيارات الصغيرة وراكبيها، ومعظم هذه المركبات البطيئة يسير في اليسار، أو في المقابل ولا يوجد عسكري مرور واحد يوحد الله، ثم يوجه السائرين وقادة السيارات.
لقد امتدت أزمة المرور إلى الطرق الفرعية ومفارق الطرق، ومداخل القرى والمدن الصغيرة، وصارت الطرق السريعة والكباري العلوية مواقف للتاكسي والسرفيس وغيرها، ولا حياة للمرور هنا أو هناك.
حياة المرور عند الرادار الذي يحاسب على كيلو زيادة أو اثنين، ويوزع الغنائم على الباشوات الفاشلين وأتباعهم ولا حول ولا قوة إلا بالله!