فلسطينيون ينشرون عبر حساباتهم في موقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو قالوا: إنها لعمليات تصفية لفتية وشبان تظهر تعمد جنود “إسرائيليين” إطلاق الرصاص عليهم وهو الأمر الذي أزعج “الإسرائيليين”
ينشط فلسطينيون هذه الأيام عبر صفحات المواقع التواصل الاجتماعي، في نشر صور ومقاطع فيديو دعماً لـ”هبة الضفة والقدس”، وإظهار ما يصفونها بـ”الجرائم الإسرائيلية” بحق فتية وقاصرين.
وتثير تلك الصفحات انزعاج الحكومة “الإسرائيلية” التي وصفت مواقع التواصل الاجتماعي الفلسطينية بـ”التحريضية”، وهو ما اعتبره مراقبون فلسطينيون دليلاً على نجاحها في كسب تعاطف الرأي العام العالمي.
وقال بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء “الإسرائيلي”، خلال مؤتمر صحفي، في الثامن من أكتوبر الماضي: إن معركة “إسرائيل” الأساسية يجب أن تتركز ضد مواقع التواصل الاجتماعي، وفي مقدمتها “فيسبوك” و”تويتر”.
ومؤخراً كشفت صحيفة “هاآرتس” العبرية عن إنشاء الشرطة “الإسرائيلية” لقسم إلكتروني عربي مهمته تعقب ما أسمته بـ”النوايا الجنائية” لدى الفلسطينيين، للقيام بعمليات ضد مواطنيها.
وستكون مهمة هذه الوحدة، وفق الصحيفة، التجسس على الشبكات الاجتماعية الفلسطينية لجمع المعلومات، ورصد ما تصفه بـ”التحريض”.
ويرى ناجي شراب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، أن مواقع التواصل الاجتماعي، أو ما يُعرف اليوم بوسائل “الإعلام الجديد”، نجحت في إيصال رسائل الفلسطينيين، وإعادة الاعتبار لقضيتهم.
وقال شراب: وسائل الإعلام العربية والعالمية مشغولة بما يجري في سورية، والضربات الموجهة لتنظيم “داعش”، إلى جانب أحداث اليمن، وأحداث وملفات أخرى تغطي على القضية الفلسطينية، واليوم مع الانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي، يقود الفلسطينيون هبتهم الجماهيرية؛ لكشف الانتهاكات “الإسرائيلية” بحقهم.
واعتبر شراب أن انزعاج الحكومة “الإسرائيلية” من هذه المواقع غير مبرر، مضيفاً: عليها أن تقلق من ممارساتها، فما يتم نشره هو عبارة عن كشف لانتهاكاتها، لإطلاقها النار تجاه الأطفال والفتية.
وبث نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات قالوا: إنها لعمليات تصفية لفتية وشبان فلسطينيين، تظهر تعمد جنود “إسرائيليين” إطلاق الرصاص عليهم.
وقُتل وأصيب عشرات الفلسطينيين أغلبهم فتية قاصرون، خلال تنفيذهم هجمات بالسكاكين ضد “إسرائيليين”، أسفرت أحياناً عن مقتل بعضهم، والبعض الآخر تم اعتقاله.
من جهته، قال الخبير في الشؤون “الإسرائيلية” أنطوان شلحت: إن حكومة تل أبيب تعيش اليوم هاجساً إزاء ما ينشره الفلسطينيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي حديث مع “الأناضول”، أشار شلحت إلى أن “إسرائيل” تريد إخضاع مواقع التواصل الاجتماعي الفلسطينية للمراقبة والمحاسبة، حيث أنشأت دوائر إلكترونية خاصة خلال الأيام القليلة الماضية، من أجل هذه المهمة.
ولفت الخبير الفلسطيني أن الهوس “الإسرائيلي” وصل اليوم إلى حد مراقبة “النوايا”، مستدركاً بالقول: لقد نجح الفلسطينيون في إظهار رسالتهم، هم ببساطة يكتبون، ويصورون ما تفعله “إسرائيل” التي عليها أن تدرك أن التصعيد والعنف يقابله عنف آخر.
ومنذ الأول من أكتوبر الماضي، تدور مواجهات في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، بين شبان فلسطينيين وقوات “إسرائيلية”؛ بسبب إصرار يهود متشددين على مواصلة اقتحام ساحات المسجد الأقصى تحت حراسة قوات الجيش والشرطة “الإسرائيلية”.
وأطلقت منظمة “إسرائيلية” تُدعى “شورت هدين” (حقوقية غير حكومية تنشط في مجال مكافحة الإرهاب)، دعوى ضد موقع “فيسبوك”، وقالت: إنها تنوي مقاضاة الشركة في الولايات المتحدة الأمريكية، بتهمة مساهمة الموقع في نشر الكراهية والتحريض، بصورة غير مباشرة، على صفحاته.
وتقول المنظمة التي أطلقت الخميس الماضي، حملتها على الإنترنت، بهدف جمع أكبر عدد ممكن من التوقيعات، قبل الانتقال إلى مقاضاة الموقع: تحولت صفحات “فيسبوك” إلى حيز حافل بالتحريض والكراهية، حيث امتلأت بالفيديوهات والمنشورات التي تحرض ضد “الإسرائيليين” وتشجع على قتلهم.
في السياق ذاته، رأى مصطفى إبراهيم، الكاتب في عدد من الصحف الفلسطينية، والحقوقي في الهيئة المستقلة لحقوق المواطن، أن “إسرائيل” تسعى إلى مراقبة الحسابات الشخصية لمستخدمي مواقع التواصل في فلسطين لمعرفة نواياهم.
وقال: إن حكومة نتنياهو تعيش الآن حالة من الإرباك، الفلسطينيون اليوم يعبرون عن آرائهم فيما يجري، ويصورون الحقائق، هذا الانزعاج سببه أن مواقع التواصل نجحت فيما لم تنجح به وسائل الإعلام التقليدية.
وأضاف أن مستخدمي وسائل الإعلام الجديد، نجحوا في فضح الممارسات “الإسرائيلية”، والانتهاكات اليومية بحق الفلسطينيين، مشيراً إلى ضرورة تطوير هذه الوسائل، وجعلها أداة توثيقية لمحاكمة قادة “إسرائيل” في المحاكم الدولية، واستغلال تعاطف الشعوب مع ما يجري بحق الفلسطينيين من انتهاكات يومية.
وفي الأيام الماضية، خرجت تظاهرات في عدة عواصم أوروبية، بينها لندن وباريس، تندد بالعنف الذي تستخدمه السلطات “الإسرائيلية” في الأراضي الفلسطينية.
وتقول وزارة الصحة الفلسطينية: إن 51 شخصاً بينهم 7 أطفال قتلوا منذ بداية المواجهات مع الجيش “الإسرائيلي”، مطلع أكتوبر الماضي، في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، فيما أصيب أكثر من ألف شخصٍ آخرين.
أما في الجانب الآخر، وبحسب بيانات رسمية، فقد قُتل خلال الفترة نفسها، 10 “إسرائيليين”، فيما أصيب 125 آخرون.
وأطلق فلسطينيون حملة إلكترونية عبر موقعي التواصل الاجتماعي “فيسبوك” و”تويتر”؛ لدعم ما وصفوها بـ”الانتفاضة الفلسطينية الثالثة”.