اليوم تكون انتفاضة القدس دخلت شهرها الثالث، مضى ستون يوماً في القتال ضدّ الاحتلال “الإسرائيلي” في كل مناطق القدس والضفة الغربية، وقدّم الشعب الفلسطيني 105 شهداء.
فوجئ الكيان الصهيوني بالانتفاضة، شعر بمستوى كبير جداً من الغرور والاطمئنان أمام عجز السلطة الفلسطينية والأزمات التي تلفّ العالم العربي، فصعّد اعتداءاته على الشعب الفلسطيني، ورفع مستوى انتهاكاته للقدس والمسجد الأقصى المبارك، انتفاضة القدس قلبت الموازين وفاجأت الاحتلال إلى حدّ الصدمة.
عاش الكيان الصهيوني في أجواء من التخبّط والعجز.. قرّرت الحكومة الصهيونية محاصرة الفلسطينيين واتخاذ إجراءات عقابية رادعة، فأمرت برفع مستوى العنف ضدّ المتظاهرين، وسرّعت إجراءات هدم منازل منفّذي العمليات، وعزلت مناطق، وزادت الاعتقالات، لكن الانتفاضة تواصلت، ومستوى العمليات ازداد، ووتيرة الشهداء ظلّت متصاعدة، ونقاط المواجهة وهي أكثر من 35 نقطة ظلّت ساخنة.
الحكومة “الإسرائيلية” تخبّطت في تحليلاتها، في البداية حمّلت السلطة الفلسطينية المسؤولية، ثم مواقع التواصل الاجتماعي؛ توقّف نتنياهو مرّتين عند دور مواقع التواصل في التحريض، وناقش هذا الأمر مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في زيارته الأخيرة.
الحكومة “الإسرائيلية” تخبّطت في قراراتها، تارة سيتعامل نتنياهو مع السلطة ويشيد بالتنسيق الأمني، وتارة تجتمع الحكومة “الإسرائيلية” المصغّرة، وبعد يوم واحد من زيارة كيري، لتدرس إمكانية انهيار السلطة الفلسطينية، وأحياناً أخرى تدرس حكومة الاحتلال إمكانية نقل مناطق لتكون تحت إدارة السلطة الفلسطينية من أجل قمع الانتفاضة.
الأراضي المقترحة تصل مساحتها إلى أكثر من 40 ألف دونم، وتتركز في المناطق الملتهبة مثل الخليل وطولكرم.
الحكومة “الإسرائيلية” التي تناقش خيار تسليم بعض المناطق للسلطة الفلسطينية هي نفسها الحكومة التي ترفض تقديم تسهيلات للسلطة في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية.
من جانبه، فشل جون كيري في انتزاع موافقة من نتنياهو على منح تسهيلات لمحمود عباس تمكّنه من التصعيد أكثر ضدّ الانتفاضة.
وقد وعد نتنياهو، في زيارته الأخيرة لواشنطن، الإدارة الأمريكية بتقديم تسهيلات للسلطة، لكنه عاد وتراجع بسبب تشدّد باقي حلفائه، وبسبب تفجيرات باريس التي يستغلها للتصعيد ضدّ الفلسطينيين، وبسبب استمرار وتيرة عمليات المقاومة.
الكيان الصهيوني يتخبّط
ويرى عاموس جلعاد، رئيس قسم التخطيط السياسي في وزارة الحرب الصهيونية، صعوبة في ضرب الانتفاضة، ويتحدّث عن ضرورة التفاهم مع السلطة الفلسطينية من أجل قمع الانتفاضة.
من ناحيته، قال وزير الحرب الصهيوني عامي أيالون: إنه لا يعرف “متى ستنتهي العمليات.. علينا الاستعداد لكل السيناريوهات”.
ستون يوماً، قاتل الشعب الفلسطيني بشدّة. رجالاً ونساء، دافعوا عن القدس والأقصى، حققوا إنجازات سياسية وإعلامية مهمة، أثبتوا حقّهم، وأوجعوا الاحتلال.
ليس سهلاً على “الإسرائيليين” أن يُقتل منهم قرابة 24 شخصاً في شهرين.
الانتفاضة كانت متميزة، جعلت عاموس جلعاد يقول: لا توجد بنية واضحة للانتفاضة حتى نضربها.
انتفاضة القدس هي انتفاضة شعبية واسعة، ليس لها هياكل عسكرية أو سياسية قائمة، لذلك يتخبّط الاحتلال.