جاءت حادثة إسقاط الطائرة الروسية في الـ24 نوفمبر الماضي من قبل مقاتلات تركية كسابقة خطيرة في تاريخ علاقات الدولتين التركية والروسية، وبحسب تقرير لمركز صناعة الفكر للدراسات، فإن تركيا أكدت أن طائرة روسية من نوع “سوخوي 24” اخترقت أجواءها، وسبق تحذيرها مرات عدة، إلا أن تجاهل قائد الطائرة لكل تلك النداءات أدى إلى اعتراضها وإسقاطها.
في الوقت ذاته، نفت روسيا، في بيان صدر عن وزارة الدفاع، أن تكون الطائرة اخترقت الأجواء التركية، وأكدت أن وسائل المراقبة أشارت إلى أنها كانت تحلق فوق الأجواء السورية.
ردود أفعال عالمية
قال الرئيس الأمريكي أوباما: إن من حق تركيا الدفاع عن أجوائها، فيما علق أمين حلف “الناتو” بقوله: إن المعلومات التي لدينا ولدى بقية الحلفاء تؤكد صحة المعلومات التركية، في إشارة إلى دعم الحلف ووقوفه مع تركيا.
علاقات البلدين قبل الحادثة
تعد تركيا خامس أكبر شريك تجاري لروسيا؛ إذ راوحت نسبة وارداتها من روسيا ما بين ١٠ و١١% من إجمالي وارداتها، كما أنها تستورد أكثر من نصف احتياجها من الغاز الطبيعي من روسيا.
وبلغ مؤشر التبادل التجاري بين البلدين في عام 2014م أكثر من 44 مليار دولار، أما في جانب السياحة فتعد تركيا الوجهة الأكثر اختياراً للسياح الروس، ففي عام 2014م قصد أكثر من 4 ملايين سائح روسي الأراضي التركية.
تركيا وروسيا يهدفان إلى بناء علاقة اقتصادية قوية، ويصل عدد المشروعات المشتركة بين البلدين إلى أكثر من ٣٠ مشروعاً اقتصادياً وتجارياً.
الهدف الروسي في سورية
في تصريح للمتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية على موقع شبكة “CNN” الأمريكية، أن معظم الغارات الروسية كانت تصب في مصلحة نظام الأسد، حيث لم تستهدف مواقع لتنظيم الدولة كما يدعي الروس.
ولم ينتهِ الرئيس بوتين عن تكرار وصفه لتركيا بدعم الإرهابيين بعد الحادثة، فضلاً عن اتهامه لها بشراء النفط من “تنظيم الدولة”.
بدورها، نفت تركيا تلك الاتهامات؛ مؤكدة أن الجميع يعلم من أين تأخذ تركيا النفط والغاز، وأن من يدعم نظام بشار يعلم أنه قاتل ومجرم.
التزامات تركيا الداخلية والخارجية
الحكومة التركية أمام التزام وطني داخلي بحماية سيادة الدولة ومنع انتهاك أجوائها، وكما هو واضح أن دولاً كبرى، من بينها روسيا، مقدمة على حرب قد لا تبدو قصيرة ضد ما يطلق عليه الإرهاب في سورية.
أما في الشأن الخارجي فيظهر أمام تركيا التزامان يتعلقان بعلاقاتها مع روسيا؛ الأول: وقوف تركيا مع خيار الشعب السوري منذ قيام ثورته المطالبة برحيل بشار الأسد، والثاني: يتجلى في سياسة تركيا الخارجية التي سعت إلى إنهاء الملفات العالقة مع بعض الدول، واعتماد الانفتاح السياسي والاقتصادي، وتذليل العقبات أمام تحقيق مصالح اقتصادية وإستراتيجية.
سيناريوهات التوتر والتصعيد
هناك 3 سيناريوهات محتملة للعلاقات التركية الروسية عقب حادثة إسقاط الطائرة؛ أولها: استمرار التصعيد الروسي، وربما الإعلان عن قطع العلاقات بين البلدين، وإيقاف كافة أشكال تعاون التجارية والدبلوماسية، ثانيها: ذهاب روسيا لاستغلال الحادثة والخروج منها بأكثر المكاسب من الحكومة التركية، خاصة أنها تلمح إلى قطع العلاقة مع تركيا، وهذه المكاسب يمكن أن يكون أولها متعلقاً بالثورة السورية؛ من خلال قطع الدعم التركي عن بعض الفصائل المعتدلة، إضافة إلى تحقيق تركيا لمطالب روسيا الاقتصادية والعسكرية، وثالثها: المواجهة المباشرة؛ من خلال قيام روسيا بضربات محدودة لمناطق عسكرية تركية على الحدود التركية السورية، في رد اعتبار على إسقاط الطائرة، وهذا الفعل قد يفجّر حرباً غير محسوبة بين البلدين.