تحل اليوم الذكرى العشرون لاستشهاد بطل المقاومة الإسلامية والنضال الفلسطيني المهندس يحيى عياش الذي أذاق الاحتلال “الاسرائيلي”المرارة والألم.
ففي مثل هذا اليوم، الخامس من يناير من عام 1996م، استشهد عيّاش، بعد رحلة جهاد ومطاردة حافلة، في عملية اغتيال في بيت لاهيا شمال قطاع غزة، باستخدام عبوة ناسفة زرعتها مخابرات الاحتلال، في هاتف نقال كان يستخدمه أحيانًا، وأوصلته له عن طريق أحد العملاء الصهاينة من أقارب أحد الأشخاص الذين كان يتعامل معهم، وارتقى المهندس وتناثر جسده الطاهر، وخرج في جنازته نحو نصف مليون فلسطيني في قطاع غزة وحده.
بداية النضال
كانت بداية العمل العسكري له أثناء الانتفاضة الأولى عام 1990، وفي فبراير من عام 1994، وقعت مذبحة الحرم الإبراهيمي التي راح ضحيتها العديد من الفلسطينيين، مما جعل عياش يفكر في الرد سريعاً على هذه المذبحة الإسرائيلية بحق المصلين المسلمين.
العمليات الاستشهادية
أسس عياش، كتيبة كبيرة من الاستشهاديين، حيث كان يقوم عياش بتجهيز العبوات الناسفة والمتفجرات، وتسليمها للاستشهاديين؛ ليقوموا بتفجير أنفسهم، في قلب “إسرائيل” رداً على مجازر الاحتلال.
ومن هذه العلميات ما قام به مقاتلان من كتيبة الاستشهاديين، حيث فجرا نفسيهما في محطة للعسكريين “الإسرائليين” في منطقة بيت ليد قرب نتانيا؛ مما أدى إلى مقتل 23 جنديًا “إسرائيلياً”، وجرح أربعين آخرين، في هجوم وُصف أنه الأقوى من نوعه.
الشاباك يطارد عياش
طارد جهاز مخابرات الاحتلال “الشاباك” المهندس يحيى عياش لعدة سنوات، ولكنه أفلح طوال هذه المدة في الاختفاء عن أعينهم، حتى أن “الإسرائيليين” أطلقوا عليه اسم “الثعلب” وذلك لذكائه الشديد، وقدرته العجيبة على التخفّي.
وقد عبر الجنرال جدعون عيزرا، نائب رئيس الشباك السابق، عن إعجابه بيحيى عياش، في مقابلة مع صحيفة معاريف “الإسرائيلية”، قائلاً: “إن نجاح يحيى عياش بالفرار والبقاء، حولته إلى هاجس يسيطر على قادة أجهزة الأمن ويتحداهم، فقد أصبح رجال المخابرات يطاردونه وكأنه تحد شخصي لكل منهم، وقد عقدت اجتماعات لا عدد لها من أجل التخطيط لكيفية تصفيته، لقد كرهته، ولكني قدرت قدرته وكفاءته”.
الخيانة واغتيال البطل
وضعت أجهزة الأمن في “إسرائيل”، يحيى عياش على رأس قائمة الاغتيالات، وبالفعل أعدت خطة لاغتيال الشهيد، لكن الخطة كان لابد لها من عميل من قريب دائرة البطل، وكان هذا العميل هو كمال حماد، خال أسامه حماد الذي كان عياش مقيماً عنده في منزله.
وباع كمال حماد نفسه بدراهم معدودة وخان وطنه، وأرشد الصهاينة عن مكان يحيى عياش، ولم يكتفِ بهذا فحسب، بل سلمه الصهاينة تليفون “محمول” مليء بالمتفجرات ليرسله إلى مكان عيّاش، ليتم اغتياله به.
وفي صباح الجمعة الخامس من يناير من عام 1996، اتصل والد الشهيد يحيى عياش على التليفون ليطمأن عليه بعد أن قُطع عمداً خط التليفون الأرضي، وعندما تأكدت المخابرات “الإسرائيلية” من صوت عياش، قامت بتفجير الجهاز عن بعد، ليلقى عياش ربه شهيداً على أثر هذا التفجير.
المقاومة تجدد العهد
جددت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” بالضفة الغربية المحتلة، العهد بالسير على درب الشهيد الفذّ، ودرب تلاميذه من مهندسي القسام الأوائل، مؤكدة أن الشباب الرائد لانتفاضة القدس هم من تلاميذ مهندس العميات الاستشهادية.
وأكدت حركة حماس على لسان الناطق باسمها حسام بدران، في بيانٍ مساء الاثنين أن صدى تفجيرات العمليات الاستشهادية التي هندسها الشهيد عياش، لا يزال وقعه يرنّ في آذان أبناء المقاومة.
ونوه بدران إلى أن الأرض الفلسطينية المعطاءة التي اشتق منها الشهيد عياش مواده المتفجرة، لا تزال على عطائها وفي قمة عنفوانها، وأن شباب المقاومة المبدع في انتفاضة القدس سينهلون من ذات النبع الذي نهل من العياش.
من جهتها أكدت المقاومة الشعبية في الضفة الغربية السير على درب الشهداء حتى الحرية وتحقيق امال الشعب الفلسطيني في وطن حر، داعية دعو فصائل المقاومة الفلسطينية الى التوحد في ميدان المواجهة ودعم انتفاضة القدس بكل السبل والالتفاف حول خيار المقاومة.