تستعد حركة النهضة لعقد مؤتمرها العاشر في الربيع القادم، حيث انطلقت المؤتمرات المحلية وعلى مستوى المحافظات أعمالها تحت إشراف قيادات مركزية من المكتب التنفيذي للحركة ومجلس الشورى.
ويناقش أبناء الحركة في المحليات والمحافظات لائحة مضامين للنقاش، ورفع التوصيات.
وتنتخب الجهات والمحليات والمحافظات حالياً ممثليها الذين سيشاركون في المؤتمر العام في شهر مارس القادم على أكثر تقدير.
وقال عضو المكتب التنفيذي للحركة، رياض بالطيب لـ”المجتمع”: مؤتمراتنا تمر بثلاث مراحل، وهي المؤتمرات المحلية التي يشارك فيها كل أعضاء الحركة، وتناقش اللوائح العامة التي ستناقش في المؤتمر العام، ثم المؤتمرات الجهوية التي تنتخب ممثلي المحافظات في المؤتمر المركزي، ويشارك في المؤتمر أبناء الحركة في الخارج، وتابع: الحركة تريد أن تكون حزباً سياسياً مدنياً ديمقراطياً، تميز بين العمل السياسي وغيرها من المسائل.
وكان علي العريض قد أشار في حديث سابق مع “المجتمع” إلى أن أبناء الحركة يناقشون حالياً لوائح، من بينها لائحة إعادة هيكلة الحركة وفق مشروعها السياسي المستقبلي، ومرجعيتها الفكرية، وتقييم مسارها خلال الفترة الماضية.
وأردف: لا خوف على الهوية الإسلامية في تونس، رغم بعض مظاهر الاستهداف التي تتعرض لها.
لا خوف على الحركة
القيادي في حركة النهضة أحمد قعلول، أكد لـ”المجتمع” أن ما يجمع أبناء الحركة هي جملة التعاقدات المؤسسة على مبادئ، وطرح القضايا الكبرى على المتعاقدين في صلب الحركة، هو الذي يحفظ وحدتها، وذلك رداً على سؤال حول مخاوف البعض من عدم موافقة جانب من أبناء النهضة على المسار الجديد للحركة.
وتابع: لا بد من أن يكون الناس قابلين لهذه التعاقدات وعدم عرضها هو التهديد، لذلك لا بد من آلية لتثبيت محاسن الماضي وتجنب سوءاته، بل إن الحركة منفتحة على وجهات النظر من خارجها ولا سيما من قبل النخبة، فالقضية وطنية.
وتطرق قعلول لمؤتمرات الحركة خارج تونس قبل الثورة، محيلاً إلى الوثائق التي تؤكد أن الحركة تعيش ديناميكية متجددة، وقد ساهمت الثورة في توفير أجواء الحرية التي تمكن من طرح الأفكار الجديدة، والتجديد في الأساليب بصورة أكثر عمقاً واتساعاً، لكنه شدد على أن الحركة ستبقى وفية لمبادئها، لا أحد يتصور أن تصبح الحركة شيئاً آخر، فالكيانات الكبرى لا تتحول بشكل فجائي، كما أن الواقع الموضوعي له دور في بلورة الأفكار بهذا الشكل أو ذاك وفقاً لطريقة قراءته واستحضار مختلف الموازين.
وأوضح أن الوثيقة المطروحة للنقاش والإثراء تعبر عن المسار الذي اتخذته حركة النهضة وفقاً للتطورات التي عرفتها المسيرة، وهو مشروع تقدمه الحركة للشعب التونسي من أجل تموقع أفضل في الساحة.
فشل مشروع إقصاء النهضة
الباحث الأكاديمي سامي براهم قال لـ”المجتمع”: إن مشروع إقصاء النهضة وإعادتها للوضع الذي كانت عليه قبل الثورة، فشل، إقصاء النهضة من الحياة السياسية فشل فشلاً كاملاً، ووقع الإجهاز عليه بشكل كامل من خلال جائزة “نوبل”، التي ذكر في ديباجتها وحيثيات تبرير إسنادها للرباعي الراعي للحوار، بأنها تتويج لنجاح الحوار الإسلامي العلماني، وهو تعليل صريح، لذلك لا يمكن الحديث اليوم عن النهضة خارج المنتدى السياسي والمعادلة السياسية.
وأردف: كل التساؤلات والتعبيرات مشروعة ومهمة وعلى النهضويين الاستماع إليها بجدية، بما في ذلك الاتهامات التي تبدو فيها مزايدات، ويبدو أن الوثيقة تمت صياغتها ضمن هذا الإطار.
وأصر الباحث سامي براهم المعروف في الأوساط السياسية والأكاديمية داخل تونس وخارجها على التأكيد بأنه لا يمكن في أجواء التضييق والحصار والإكراه والملاحقة والسجن والاتهام والضغوط أن تجري حوارات، أو تحدث تطورات في فكر جماعة أو حزب، وهذا ما تقوله البحوث السيسولوجية.
أسس ثابتة وآفاق واسعة
أربع ركائز أو ورقات اعتمدتها حركة النهضة في مؤتمرها العاشر؛ أولها ورقة التقييم، ويشمل مسار الحركة من عام 1986م؛ أي منذ مؤتمرها الرابع، معتبرة الفترة التي سبقت ذلك الموعد كانت مرحلة تأسيس، كما أن فترة ما بعد عام 1986م كانت الفترة التي تم فيها إقرار الاهتمام بالجانب الاجتماعي والثقافي، وإقرار الرؤية الفكرية والمنهج الأصولي، لكن التطورات وضعت الحركة في مواجهة انقلاب عام 1987م وما تلاه من حملات تجفيف المنابع، ومشروع استئصال الحركة بالقتل والسجن والتهجير، لاسيما وأن انتخابات عام 1989م قد كشفت حجم الحركة، وهو ما كان له تأثيرات سلبية على مسار الحركة وتموقعها داخل المجتمع، والتقييم يخطئ المشاركة بتلك الكثافة.
الركيزة الثانية، أو الورقة الثانية هي الرؤية الفكرية للحركة، ومراجعة رؤية عام 1986م والتوجه لبناء حزب يفصل بين الدعوي والسياسي، أو كما قال عضو مجلس شورى النهضة، عبدالعزيز التميمي لـ”المجتمع”: حزب يركز على تجربة حركة الإصلاح في تونس مثل خير الدين التونسي، وعبدالعزيز الثعالبي، والطاهر بن عاشور.
والركيزة الثالثة؛ هي المشروع السياسي، والذي يعتمد الدستور التونسي كمرجعية، تصلح للمرحلة وموازين القوى فيها، والانفتاح على الخارج وحماية الاستقلال، والديمقراطية، والوحدة الوطنية، ومناصرة قضايا الحرية والعدل، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
أما الورقة الرابعة؛ هي الهيكلة والتنظيم.