مع كل منخفض جوي ماطر تتجدد معاناة أكثر من 33 ألف مقدسي يقطنون البلدة القديمة في القدس المحتلة في مساحة كيلومتر مربع، وتعاني منازل المقدسيين من تشققات خطيرة في الجدران وفي أرضيات المنازل، وقد هجرها العديد من أصحابها خوفاً من انزلاقات خطيرة تؤدي إلى موت محقق.
عائلة صيام في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى تعايش الانهيارات داخل منزلها بخوف وقلق، وقد هجرت منزلها بعد تزايد الشقوق وظهور علامات خطيرة في أرضية المنزل والسقف، ومع كل منخفض جوي يزداد الخطر بشكل لا يوصف.
ربة المنزل أم محمود صيام قالت عن مأساتها مع أولادها في حديث مع “المجتمع”: نحن مضطرون إلى هجر المنزل بعد أن قال لنا المهندسون: إن البيت آيل للسقوط في أي لحظة، والشقوق تزداد والحفر الأرضية تتسع، وهذا الأمر لا يطاق، وكنا نفصل الكهرباء في المنزل باستمرار خوفاً من وقوع تماس كهرباء بعد تسرب المياه داخل المنزل.
وتضيف أم محمود: الآن نغادر المنزل إلى المجهول، ونخشى من استيلاء المستوطنين عليه بحجة عدم وجودنا فيه، فالاحتلال يريد منا الهجرة كي يقوم بترميم كل منزل يتم هجرانه.
استنساخ تجربة يافا
الخبير المقدسي وعضو لجنة الإعمار للمنازل المقدسية د. جمال عمرو، تحدث لـ”المجتمع” عن ظاهرة التشققات الخطيرة في منازل المقدسيين وخصوصاً التاريخية منها قائلاً: الاحتلال يرفض سياسة الترميم، ويقوم باعتقال المهندسين والعمال والمقاولين لمنع ترميم منازل المقدسيين التي أصبحت مهددة بالانهيار نتيجة استمرار الحفريات، كما أن الترميم أصبح غير مجد مع استمرار الحفريات، وهناك تشققات خطيرة في مبانٍ تاريخية مثل المباني الواقعة على حدود البلدة القديمة في بلدة سلوان وحي وادي حلوة، فهذه المنازل تاريخية وتحتاج للترميم بفعل تقادم الزمن ومع وجود الحفريات أصبحت خطيرة جداً.
ولفت عمرو إلى أن المنازل ذات الأهمية التاريخية على امتداد نفق الحشمونئيم من حائط البراق حتى باب الغوانمة من الجهة الغربية، ومنها مبنى المجلس الإسلامي، تتعرض للانهيارات والتشققات بفعل النفق المذكور.
وأضاف: الاحتلال لم ينجح في طرد المقدسيين بالقوة، ولجأ إلى أسلوب تهديد منازل المقدسيين بالحفريات التي تنجم عنها الانهيارات الأرضية، ويريد استنساخ تجربة مدينة يافا التي كان يسكنها قبل النكبة 100 ألف فلسطيني، واليوم في مدينة يافا لا يتجاوز العدد 20 ألفاً، حيث فرض الاحتلال عليهم الحظر التام لعملية الترميم؛ الأمر الذي دفع أهلها إلى الهجرة منها خوفاً على حياتهم، إلا أن المقدسيين لم يستسلموا لقرارات منع الترميم واستمروا في الترميم رغم الحظر، إلا أن قوة الحفريات تزيد من أخطار انهيارات المنازل فوق رؤوس أصحابها كما حدث مع عائلة صيام.
وأضاف: بلدية الاحتلال تتآمر على المقدسيين من خلال إرسال إنذارات لسكان المنازل بضرورة إخلائها لخطورتها على حياتهم كي تخلي مسؤوليتها في حال انهيار المنزل على أصحابه.
وعن الأضرار الناجمة عن هجرة العائلات لبيوتها قال عمرو: هناك جملة من الأضرار؛ أولها الجانب الاقتصادي؛ فالسكن في القدس مرتفع جداً، ولا تستطيع العائلات دفع تكاليف الإيجار، وهذا يعني تشتت العائلة في مناطق بعيدة، إضافة إلى تغير البيئة على العائلة التي سكنت المنطقة منذ مئات السنين، واستمرار القلق لدى العائلات التي هجرت سكنها على مستقبل منزلها وكيف ستعود إليه في المستقبل.