كافة الشركات التي تمد الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية “إيجاس” الحكومية، بالغاز تضررت بالفعل جراء التأخير في دفع مستحقاتها المالية.
وتدرس كافة الأطراف المزودة لمصر بالغاز أيضاً تعليق تعاقداتها مع مصر بالكلية، لكن العملية لا تبدو بتلك السهولة.
هذا ما قالته “وول ستريت جورنال” في تقريرها المنشور اليوم السبت على نسختها الإلكترونية، والذي نقلت فيه عن اثنتين من الشركات المزودة لـ”إيجاس” بالغاز الطبيعي أن الشركة المصرية قد أخفقت في صرف مستحقات شركات الغاز الأجنبية المزودة لها بالسلعة الحيوية في المواعيد المقررة، في وقت تكافح فيه القاهرة لتعزيز احتياطها من النقد الأجنبي بعد الضربات الموجعة التي تلقاها القطاع السياحي العام الماضي.
وصرح مصدر من شركة أوروبية لتجارة الغاز بأن صعوبات الدفع التي تواجهها مصر تؤثر سلباً بالفعل على كافة الأطراف، مضيفاً أن شركته كانت من بين المؤسسات التي لم تحصل على مدفوعاتها المستحقة لدى الحكومة المصرية حتى الآن.
وقال مصدر آخر من شركة نفط عالمية: إن شركته تنتظر هي الأخرى صرف مستحقاتها المالية الخاصة بتزويد مصر بشحنات الغاز الطبيعي المسال.
وأوضحت مصادر أن مشكلات الدفع عالقة منذ نحو ثلاثة شهور، وهو ما دفع المسؤولين في شركة “بريتيش بترليوم” البريطانية إلى إصدار أوامر بتحويل وجهة سفينة محملة بالغاز- بريتيش سفي ر- التابعة لها من مصر، بسبب تأخير صرف مستحقات الشركة، وهو ما نفته “إيجاس.”
وقال أوليفير جاكوب، المحلل في مؤسسة “بيتروماتريكس” التي تتخذ من سويسرا مقراً لها: إن أموال الطاقة في مصر ربما تأثرت بالسيولة النقدية المتدفقة من حلفاء مصر الخليجيين؛ السعودية والكويت والإمارات.
وأضاف جاكوب: مصر تُمول بصفة أساسية من دول مجلس التعاون الخليجي، وهو ما ينبغي وضعه في الاعتبار جيداً عندما تنخفض أسعار النفط.
وتابع: إذا ما تأثر التدفق النقدي من دول الخليج، سيكون لذلك تداعيات على مصر.
ويرى مزودو مصر بالغاز عديداً من الخيارات المطروحة أمام القاهرة في هذا الصدد، فربما تناقش مصر مبادلة الوقود مع المملكة العربية السعودية؛ مما سيعطي الأولى تفوقاً في نواتج التقطير والبنزين، مما سيدر عليها الأموال اللازمة لسداد مدفوعات شركات الغاز الأجنبية المتأخرة لديها.
كان أحد تجار المنتجات قد ألمح إلى اتفاقية منتجات نفطية وُقعت بالفعل بين القاهرة والرياض، فبراير ولمدة ثلاثة أشهر.
لكن تعذر التواصل مع شركة النفط السعودية الحكومية “أرامكو” للتثبت من صحة الخبر.
وتوقع تاجر منتجات آخر أنّ ينفذ أيًا من البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي نظاما لتقديم حزمة إنقاذ أو مساعدة مصر على دفع المستحقات المالية المستحقة عليها لدى شركات الغاز الأجنبية.
لكن كريس جارفيس، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي لمصر، أكد: لسنا في مباحثات حول برنامج أو قرض جديد، وحتى الآن، لم تطلب السلطات المصرية تمويلاً من الصندوق، لكننا مستعدون لأخذ هذا الطلب في الاعتبار عندما تشعر القاهرة أنه ضروري، فالصندوق مستعد تماماً لمساعدة مصر وشعبها.
وتدرس كافة الأطراف المزودة لمصر بالغاز أيضاً تعليق تعاقداتها مع مصر بالكلية، لكن العملية لا تبدو بتلك السهولة.
وقالت إحدى الشركات المزودة لمصر للغاز: العقود تتغير وبعض الشركات يحق لها إلغاء تعاقداتها، بعكس شركات أخرى، بسبب تأخير صرف المستحقات.
جدير بالذكر أن موعد صرف مدفوعات الغاز الطبيعي المسال تُستحق بعد 20 يوما تقريباً من تسليم الشحنة، وقانونياً، لا تعد المدفوعات المتأخرة سنداً قانونياً لوقف الإمدادات.
وتعاني مصر أزمة اقتصادية حادة ساهم في تفاقهما عدد من الأحداث التي تعرضت لها العام المنصرم، على رأسها سقوط الطائرة الركاب الروسية في نهاية أكتوبر الماضي في سيناء والهجمات المتكررة التي تستهدف السائحين في البلاد.
ومع ارتفاع مستويات التضخم، تكافح مصر لتعزيز احتياطها الأجنبي نتيجة الهبوط الحاد في إيرادات السياحة العام الماضي.