كشف محللون ومراقبون للأحداث، عن أن موسكو لا تنظر إلى المفاوضات المزمع إجراؤها في نهاية الشهر الجاري بين ثوار سورية ونظام بشار الأسد في جنيف بأي أهمية، فيما تمضي في تحقيق مخططاتها بضرب مواقع الثوار، وتمكين عصابات بشار من السيطرة على ريف اللاذقية.
وأوضحت مجلة “العصر”، في تقرير لها، نقلاً عن مراقبين ومحللين أنه بعد سيطرة النظام على معقل الثوار في جبل الأكراد، تمكن من اقتحام بلدة الربيعة التي تعتبر أكبر معقل للثوار في جبل التركمان المحاذي للحدود التركية، إلى أن بات أكثر ريف اللاذقية تحت سيطرة النظام بقوة الصواريخ الروسية الجوية والعابرة للقارات.
ويرى الثوار ـ بحسب تقرير “العصر” – أن هذا التقدم لن يخدم قوات الأسد كثيراً، لأن الروس حوّلوا بهذا القصف، المعركة إلى حرب كمائن ومقاومة داخلية، خصوصاً وأنه اضطر إلى النزول من الجبال التي يتحصّن فيها ليسيطر على المدن.
ولفت التقرير إلى أنه لا يبدو أن بعض الناشطين في ريف اللاذقية فوجئوا لهذا التقدم الميداني لقوات النظام بتغطية جوية من الروس، فيما توقع الناشط “علي عدره” هذا، فهو سبق وأن حذر: “إذا لم تتدارك فصائل المقاومة الحال بعد سقوط سلمى فإننا سنودع الربيعة، وهذا ما حصل”، مضيفاً: “بعد السيطرة على منطقة القصب، والتقدم باتجاه سلمى وجبل الأكراد، تحوّلت مدافع النظام وطائرات روسيا نحو ربيعة، وتمت محاصرتها بشكل كامل، وتقدم النظام باتجاهها وقطع طريق الإمداد إليها، واتبعت روسيا في قصفها سياسة الأرض المحروقة والقتل الهمجي، ما أدّى إلى انسحاب الثوار بأقل الخسائر”.
وأشار عدره إلى أن “النظام يسعى إلى إقامة الدويلة العلوية، وسيقوم بالمستحيل لأجل هدفه”. كما يستبعد أيّ تحرك من تركيا إزاء هذه التطورات، ويقول: “لم يعد هناك سوى 10% من جبل التركمان محررًا، ولو كانت تريد التحرك لقامت بذلك سابقاً، واقتصر الأمر على إمداد النازحين التركمان والأكراد بالمواد الغذائية والإغاثية”.
من جانبه، رأى المحلل السياسي والعسكري العميد الركن أحمد رحال، أن “مدينة الربيعة تشكل أهمية عسكرية ومعنوية بالنسبة إلى الثوار، والنظام يستفيد حالياً من الخبرات الروسية والطيران الروسي والمرتزقة، ولا ننفي أن النظام يتقدّم في بعض المناطق في جبلي الأكراد والتركمان، وحقق اختراقاً نوعياً في المنطقة، لكن هذا لا يعني انكساراً للثورة، وخسارة منطقة أو قرية أو بلدة رغم أهميتها العسكرية أو المعنوية، لا يعني انكسارنا بقدر ما تعني أنها مرحلة من مراحل الثورة ومعارك كر وفر”.
ولفت رحال إلى أنه “يخطئ من يظن أن الإمدادات تأتي من الخارج فقط، ونحن لا ننكر أن أصدقاء الشعب السوري يقدمون إمدادات، لكنها جزء فقط، وهناك وسائل أخرى كالغنائم والتصنيع المحلي، وهناك النقطة الأهم أننا نشتري من النظام وضباطه ذخيرة وسلاح”.
وأوضح الخبير العسكري أن “جبهة الساحل لا تحتاج إلى السلاح الثقيل والكبير أو الصواريخ الكبيرة بالنظر إلى طبيعتها الجبلية وجغرافيتها، وأن من يقاتل فيها هم أبناء المناطق والبلدات ويعرفون كل تلة وجبل وواد وصخرة، وقناعتي أن الروس ونظام الأسد ورّطوا أنفسهم بأمر لا قدرة لهم على الخروج منه”، ويضيف: “هناك، حاليَا، موجة صدمة مع الاندفاعة التي يقوم بها النظام، لكن مجرد تهدئة الأمور سيكون هناك نوع جديد من القتال، ويعتمد على نظام المقاومة والكمين والإغارة والأنفاق وأساليب قتالية متنوعة، وخلال الأيام الثلاثة حصلت ثلاث عمليات شبيهة، كمينان في جبل الأكراد قتل في إثرهما 25 شخصاً وكمين بالأمس في جبل التركمان في توروس قتل فيه 18 جندياً من قوات الأسد”.
فيما اعتمد رحال في نظريته على المثل الآتي: “كي تصطاد الثعلب يجب أن تستدرجه إلى خارج منطقته، وقد كان لدينا مشكلة أن النظام يتمترس في القمم العالية وخلفها ولا نستطيع أن نصل إليه، لكن الآن أتى إلينا، وهذه نقطة يمكن أن تُستثمر وتوقعه في استنفار كبير”، ولا يستبعد أن “يكمل النظام تقدمه، ولا ننكر أن جبل التركمان خط الدفاع الأول عن جسر الشغور، وجبل الأكراد خط الدفاع الأول عن سهل الغاب، وبالتالي قد يشكل النظام نوعاً من الخطورة، لكن لا اعتقد أن جيشي الفتح والنصرة سيبقيان مكتوفي الأيدي”.
بدوره، أشار قائد الفرقة الشمالية التابعة للجيش السوري الحر، المقدم فارس البيوش، إلى أن: “سقوط ربيعة يترتب عليه أموراً كثيرة جداً، وأهمها أن العدوان الروسي لم يقتصر على الدعم الجويّ، وإنما ازداد ليصبح دعمًا بريًّا بعتاد جديد وكثيف، ويعني أن الثوار أصبحوا بمواجهة دولة عظمى مثل روسيا، وهذا الأمر يحتاج إلى إعادة ترتيب وتخطيط جديد لان العمل العسكري مختلف عن سابقه”.