أكد مُختصون في الشأن الصهيوني أن نشر كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس لفيديوهات عن الجنود “الإسرائيليين” بغزة، خلط أوراق المجلس الوزاري الإسرائيلي المُصغر، الذي سينعقد اليوم لبحث قضية هؤلاء الجنود.
وشدد المُختصون على حنكة وذكاء مُعدي الفيديوهات من حيث الطريقة والتوقيت، خاصة أنه أتى في ظل حراك في الشارع “الإسرائيلي” حول القضية، ووضع القضية على طاولة الكابينت للمرة الأولى منذ العدوان على غزة عام 2014.
ونشرت القسام أمس مقطعي فيديو في ذكرى ميلاد الجندي “الإسرائيلي” الأسير “شاؤول أرون” الثالث والعشرين؛ وبدأ المقطع المصور بأنشودة “سنة حلوة يا جميل” و”عام جديد والجندي شاؤول بعيد عن أهله” باللغتين العربية والعبرية؛ وشاركه زملاؤه الأسرى الآخرون “فرحته” في يوم ميلاده بدق أطباق معدنية “والجاتو” بالشوكولاتة والمغطى بالكراميل والكريمة البيضاء.
كما ختم الفيديو بعبارة “القرار بيد الحكومة” -في إشارة إلى الحكومة “الإسرائيلية” بقيادة بنيامين نتنياهو- وظهر “شاؤول” في المقطع الثاني في مشهد تمثيلي وهو يحاول الفكاك من أسره وهو ينظر إلى باب زنزانة، ليظهر نتنياهو بلباس مهرج ويقترب منه ليطفئ شمعاته الثلاثة، كناية عن سنوات أسر.
كذب الحكومة
وقال المُختص في الشأن “الإسرائيلي” مصطفى الصواف لمراسل “وكالة قدس نت للأنباء”: “واضح أن كتائب القسام أرادت من خلال تلك الفيديوهات إرسال رسالة للمجتمع الإسرائيلي ولأعضاء الكابينت، تؤكد أن ما تتحدث به الحكومة الإسرائيلية ونتنياهو تحديدًا هو كذب، بأن الجنود الإسرائيليين لدى المقاومة هم عبارة عن جُثث”.
ولفت الصواف إلى أن ما نشرته القسام كان فيه ما يُشير إلى أنهم أحياء؛ مُشيرًا إلى أنها أرادت كذلك أن تُحرك الشارع والمستوى السياسي الإسرائيلي، حتى إتمام الملف.
وشدد على أنه يعتقد أن تلك الفيديوهات التي نشرتها كتائب القسام خلطت أوراق الكابينت اليوم، وربما يكون هناك شيء ما من قبل الحكومة الإسرائيلية.
ونوه الصواف إلى أن التوقيت الذي نشرت فيه الفيديوهات مدروس وناجح؛ استغل أولاً بداية حراك الشارع الإسرائيلي، ثم لقاء سياسي لبحث القضية، وكأنه يريد تحديد مسار الحديث في هذا الموضوع، وخلط فكرة أنهم جثث، وأن منهم أحياء، وما تضمنته الفيديوهات دليل على ذلك.
وأضاف “عندما يختار القسام نشر فيديوهات في الوقت الذي يُحدد فيه المستوى السياسي عقد جلسة لدراسة الحلول، لعودة الجنود الأسرى، فهذا الاختيار ناجح، والعقلية التي فكرت هي عقلية على مستوى عالي من التفكير ومُتابعة للشأن الإسرائيلي”.
وتابع المُختص في الشأن الصهيوني “كذلك أرادت القسام استغلال كل نقطة يمكن من خلالها تحريك الملف، بما يُحقق مصلحة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي”.
وشدد على أن تلك الفيديوهات هي كذلك ورقة ضغط قد تُحرك كثيرا من الموضوعات؛ ومناقشة الكابينت هو ربما التفكير في حوار غير مباشر مع القسام، بغض النظر عن أنهم أحياء أو أموات، والقسام استغل مناسبة الاجتماع ولعب هذا الضغط بشكل ناجح.
وأشار المُختص الصواف إلى أن إسرائيل لديها تجربة سابقة في صفقة وفاء الأحرار مع القسام حول التبادل، ونجحت المقاومة وفشل الاحتلال، ولا أعتقد أن الأخير سيبدأ من الصفر، وربما سيبدأ من حيث انتهت صفقة شاليط، حتى لا يطول أمد بقائهم في قبضة المقاومة، وقد ينجح هذا العام في إحداث حراك بشكل أو بآخر.
ومن المزمع أن يجتمع المجلس الوزاري “الإسرائيلي” المصغر (الكابينت) اليوم الأحد، لأول مرة منذ عامين لبحث إعادة جُثث الجُنديين المفقودين في قطاع غزة، وفقا لما نشره موقع القناة الثانية “الإسرائيلية”، الذي أشار إلى أن “الكابينت” سيبحث سبل تسريع استعادة جثتي الجنديين هدار غولدن وأرون شاؤول المفقودين في غزة منذ عدوان 2014.
تحريك الملف
بدوه، اتفق المختص في الشأن الإسرائيلي عامر خليل مع نظيره الصواف، على أن نشر الفيديوهات بهذا التوقيت من قبل القسام يقلب أوراق الكابينت، ورُبما يُدخل الحكومة والمجلس المُصغر في حالة من الإرباك، خاصة في ظل عدم وجود معلومات مؤكدة حول مصير الجنديين.
وشدد خليل خلال حديثه مع مراسل “وكالة قدس نت للأنباء”، على أن حالة الجنديين هي مثار جدل، خاصة أن الحكومة الإسرائيلية أعلنت مسبقًا أنهما قتلا؛ فالإعلان بهذا الشكل فيه كثير من علامات الاستفهام، لأنه ربما يكونان أحياء، خاصة أن عائلاتهم تُمارس ضغوطًا في هذا الاتجاه.
وتابع “هذا يُربك المجلس الأمني، ويضع علامات استفهام كبيرة حول كيفية التعامل مع الملف، لأنه إذا كان ميت يختلف عما إذا كان حيًا، وستحدد قيمة الصفقة ومهيتها، وعدد الأسرى الفلسطينيين في أي صفقة قد تتم مُستقبلاً”.
واعتبر المُختص في الشأن “الإسرائيلي” أن نشر الفيديوهات يُعتبر أيضًا جزءًا من العمل الذي يهدف إلى إثارة ملف تبادل الأسرى مُجددًا، ومُمارسة شكل من أشكال الضغط على الحكومة الإسرائيلية، من أجل الدخول في مفاوضات جدية في صفقة تبادل الأسرى.
وأضاف “كذلك أظهر للإسرائيليين وللعائلات بشكل خاص أن حكومتهم لا تهتم بموضوع الأسرى، ولا بد من ممارسة ضغوط عليهم، كي تلِج إلى حالة يُمكن فيها الوصول لتبادل أسرى وسراح أسرى فلسطينيين”.
وشدد خليل على أن الفيديوهات تُبين للأسرى الفلسطينيين أن موضعهم لن يطول، وأن المقاومة تبذل جهود حثيثة لأجل الدفع باتجاه إطلاق سراحهم.
أما فيما يتعلق بدلالات النشر، فأوضح إن للتوقيت دلالات، خاصة أنه للمرة الأولى يُبحث موضوع الأسرى الإسرائيليين لدى القسام بشكل مُعلن، خاصة في أروقة المجلس الوزاري المصغر؛ وربما يتمخض عنه التهديد بفرض عقوبات على الأسرى الفلسطينيين لإجبار القسام التجاوب مع المطالب الإسرائيلية للإفراج عن الجنود الأسرى لديه.
ونجحت كتائب القسام في أسر “شاؤول آرون” في حي التفاح بمدينة غزة خلال عدوان العام 2014 في عملية دمرت فيها ناقلة جند قتل فيها 14 جنديًا “إسرائيليًا”؛ فيما فقدت آثار الضابط “هدار جولدن” بعملية في الأول من أغسطس برفح، بينما تسلل لغزة ثلاثة من المدنيين “الإسرائيليين” لم يُعلن القسام عنهم رسميًا.