المستشفى في قيارا جنوبي الموصل يتلقى أحياناً العديد من الجثث التي لا يكون لها مكان في الثلاجة، وحينها تترك في الممرات، وداخل ثلاجة الموتى توضع الجثث ببساطة على الأرض وأحياناً فوق بعضها بطريقة شنيعة، ملفوفة في بطانية، بحسب وكالة “أسوشيتد برس” اﻷمريكية.
الجثث تأتي من الموصل حيث تقاتل القوات العراقية المدعومة بقوات التحالف الذي تقوده أمريكا، تنظيم الدولة اﻹسلامية المعروفة إعلامياً “بداعش” منذ أكثر من خمسة أشهر للسيطرة على المدينة.
ونقلت الوكالة عن الدكتور “منصور معروف” أحد أطباء المستشفى: “طلبنا رفوف إضافية لكنهم لم يعطونا شيئاً”.
مسشتفى “قيارة” واحدة من اثنين من المستشفيات الواقعة بين الموصل، ومدينة تكريت بوسط العراق، والنشاط في المستشفيات يعكس ضراوة المعركة، فقد كان هناك 21 قتيلاً الجمعة، ولا شيء السبت.
ومنذ إعادة افتتاحه في يناير الماضي، بعدما استعادتها القوات العراقية من “داعش”، عالج المستشفى أكثر من ألفين مريض، من بينهم 600 من ضحايا المعركة.
كما أن المستشفى مسؤول عن الرعاية الصحية العامة، بما في ذلك رعاية الأمومة، لمئات الآلاف من الناس الذين يعيشون في المنطقة المحيطة، إلا أنه لا يحصل على أي دعم حكومي، بل إن رواتب الأطباء تغطيها منظمة أجنبية، وليس لديهم سوى 6 جراحين لا ينامون عندما يبدأ الضحايا في التدفق.
والمستشفى تحتوي على 50 سريراً فقط لأن طوابقها العليا دمرت خلال القتال، ولم يتبق إلا الطابق الأرضي، كما تفتقر للمعدات الطبية أيضاً.
ونقلت الوكالة عن الدكتور منصور قوله: “من المخجل القول هذا لكننا لم نتلق أي مساعدة، ولا أي دعم من الحكومة على الإطلاق رغم تحرير المدينة قبل ثمانية أشهر”.
وأضاف: المساعدة الوحيدة التي نحصل عليها من المحافظة، هي إرسال مفتشين مرتين في الأسبوع لمحاولة التعرف على القتلى الذين يأتون بدون بطاقة هوية، فيما عدا ذلك كل شيء بما فيها المعدات الطبية تمولها المساعدات اﻷجنبية.
ويؤكد منصور أن التجاهل يدفع البعض للقول: إن المسئولين يتجاهلون المستشفى بسبب تشكيكهم في السكان الذين أمضوا أكثر من عامين في ظل حكم الدولة الإسلامية.
ويؤكد وضع المستشفى على أن جهود الحكومة العراقية لاستعادة المناطق التي سيطرة عليها داعش عام 2014 كانت متفاوتة في أحسن الأحوال.
العمليات العسكرية، تسير بشكل متساوٍ نسبياً، فقد كانت بطيئة، ولكنها كانت توفر الخدمات العامة، ناهيك عن إعادة الإعمار الذي بدأ بالكاد أو لم يبدأ إطلاقا في معظم المدن المحررة.
وأشار الدكتور منصور إلى أن المستشفى زاره مفوض المعونة الإنسانية التابع للاتحاد الأوروبي قبل عدة أسابيع وأعلن أن الاتحاد الأوروبي سيتبرع بمبلغ 42.5 مليون دولار من المساعدات الطارئة للعراق هذا العام، وبعضها مخصص للرعاية الصحية.
وعندما سئل عما إذا كان أي من تلك المساعدات وصلت حتى الآن، أجاب بالضحك.
وقال: “لقد طلبنا الكثير من الأمور، وأرسلنا الكثير من القوائم، وفى كل مرة نطلب منهم يقولون سوف نساعد، ولكن لا شيء يحدث”.