حذرت دولة الكويت، اليوم الإثنين، من تأثير استمرار الأوضاع الحالية في كل من سورية والعراق واليمن وليبيا على معدلات النزوح واللجوء عالمياً، واصفة الأرقام المعلنة في تقرير مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين حول أعداد ضحايا النزاع والحروب بأنها “مفزعة”.
جاء ذلك في كلمة ألقاها مندوب دولة الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف السفير جمال الغنيم أمام الدورة الـ68 للجنة التنفيذية لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي انطلقت اجتماعاتها اليوم وتستمر خمسة أيام.
وقال السفير الغنيم: إن “ما تحمله تلك الأوضاع في هذه الدول من معاناة كبيرة لأشقائنا وتهديد جسيم لأمنهم وزعزعة بالغة لاستقرار المنطقة ككل سيزيد من الانقسامات وإضعاف قدرات الدول وستحد من إمكانية الوفاء بالالتزامات التنموية والإنسانية على حد سواء”.
جهود متعثرة
ووصف الأرقام المعلنة في تقرير مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين حول أعداد ضحايا النزاع والحروب من المدنيين بأنها “مفزعة” إذ يتطلب إيجاد حلول عاجلة لنحو 65.6 مليون شخص ما بين لاجئ ونازح في العالم.
وقال السفير الغنيم: إن المجتمع الدولي لا يزال يقف عاجزاً عن إيجاد حل للكارثة التي يعيشها الأشقاء في سورية بكل أبعادها رغم نتائجها وإفرازاتها الخطيرة.
وأضاف أن الجهود السياسية لا تزال متعثرة بسبب تضارب المصالح والمواقف المتصلبة والتي نتمنى أن تسهم جهود مبعوث الأمين العام لسورية ستيفان دي ميستورا في تحسين الوضع الإنساني وإرساء السلام.
وذكر أن دولة الكويت تفاعلت مع الأزمة السورية في بعدها الإنساني منذ اندلاعها؛ إذ استضافت ثلاثة مؤتمرات للمانحين وشاركت في رئاسة مؤتمرين لدعم سورية في لندن العام الماضي ومؤتمر المتابعة الذي عقد في بروكسل العام الحالي.
وأوضح أن كل تلك المؤتمرات تمخضت عنها تعهدات بلغ مجموعها 6 مليارات دولار للعام 2017، و3.7 مليار دولار للفترة من 2018 – 2020 لتلبية الاحتياجات الإنسانية في سورية والمنطقة.
وقال السفير الغنيم: إن الكويت بذلت ولا تزال جهوداً كبيرة بالتعاون مع دول الجوار السوري لدعم قضايا التعليم والرعاية الصحية لأطفال سورية، كما قدمت دعماً مالياً لوكالات الأمم المتحدة المتخصصة والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية المعنية بالشأن الإنساني لإغاثة النازحين واللاجئين السوريين.
وأوضح أن دولة الكويت حرصت على تمويل حملة للقضاء على شلل الأطفال بين اللاجئين في دول الجوار السوري بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية.
وبين أن دولة الكويت حرصت على الوقوف جنباً إلى جنب مع الشعب السوري الشقيق فلم تكتف بتقديم المساعدات المادية فقط بل استضافت ما يزيد على 130 ألف مواطن سوري منذ اندلاع الأزمة؛ أي ما يمثل 10% من إجمالي تعداد سكان دولة الكويت لتحقق لهم لم الشمل مع أقاربهم المقيمين في الكويت والبالغ عددهم 153 ألف مواطن سوري.
وفي الشأن العراقي، أوضح السفير الغنيم أن العراق الشقيق يواجه تحديات أمنية وسياسية واقتصادية كبيرة، فأعلن حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه استعداد دولة الكويت لاستضافة مؤتمر دولي للمانحين لإعادة إعمار المناطق المحررة في العراق من سيطرة ما يسمى “تنظيم الدولة الإسلامية” (داعش).
وأوضح أن هذا المؤتمر سيقام بالتعاون والتنسيق مع الحكومة العراقية والمجتمع الدولي، وذلك لتقديم جميع أشكال الدعم والمساندة لإعمار ما تعرض له هذا البلد الشقيق من دمار وليتسنى للاجئين العودة إلى مدنهم وقراهم.
وأشار إلى دعم دولة الكويت للاجئين والنازحين العراقيين من خلال تمويل المشاريع الصحية والتعليمية والإغاثية وذلك عبر منظمات الأمم المتحدة المعنية بالعمل الإنساني والجمعيات الخيرية الكويتية.
وفي الملف اليمني، أوضح السفير الغنيم أنه انطلاقاً من حرص دولة الكويت على استقرار اليمن، فقد دأبت الكويت على تقديم المساعدات الإنسانية والتنموية للأشقاء هناك منذ عقود.
وذكر أن آخر تلك المساعدات كان التوجيه السامي لحضرة صاحب السمو أمير البلاد بتخصيص 100 مليون دولار ضمن التزامات سابقة للإسهام في جهود المجتمع الدولي لدعم الاحتياجات الإنسانية للأشقاء في اليمن، إضافة إلى قروض ميسرة عبر الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية لتمويل المشاريع الإنمائية في اليمن.
وأضاف أن دولة الكويت واصلت سيرها على نهجها الثابت في سياساتها الخارجية التي تركز بشكل أساسي على تقديم المساعدات الإنسانية، فكانت الكويت في طليعة جهود الاستجابة الدولية لأزمة أقلية الروهنجيا المسلمة في ميانمار التي ندعو إلى الوقف الفوري لجميع أعمال القمع التي تمارس ضدها.
وأكد أن ما يبعث على القلق هو ما نشهده يومياً من انتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي بسبب الاضطهاد وأعمال العنف والنزاعات والصراعات المدمرة التي استهدفت المناطق المأهولة بالسكان والمرافق والخدمات الأساسية والحيوية للمدنيين لاسيما المرافق الطبية والعاملين في المجال الإنساني وعرقلة إيصال المساعدات الإنسانية.
وقال: إن كل تلك الانتهاكات الصارخة تتطلب موقفاً دولياً موحداً لوضع حد لها ولمعالجة هموم اللاجئين والنازحين وتحويل خوفهم إلى أمل، مشيداً في هذا الصدد بالدور المهم الذي تؤديه الدول والمجتمعات المضيفة للاجئين وقدرتها على تحمل الكثير من المصاعب الاقتصادية والسياسية والأمنية المتزايدة.
في الوقت ذاته، أكدت دولة الكويت التزامها بخدمة قضايا العمل الإنساني ودعم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وقضايا اللاجئين في مختلف دول العالم.
وأضاف السفير الغنيم أن دولة الكويت ستستمر في مواصلة برامجها للتخفيف من المعاناة الإنسانية التي يعيشها اللاجئون من دون منة ولا أجندة سياسية سوى دعم العمل الإنساني الدولي.
وأعرب عن تطلع دولة الكويت إلى أن تعكس الدورة الـ68 للجنة التنفيذية لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ما تم الاتفاق عليه في “إعلان نيويورك” من التزام أخلاقي وإنساني لمساعدة اللاجئين والمهاجرين وتعزيز سبل التعاون والتفاهم المشترك حول كيفية التعامل مع التحركات الكبيرة للاجئين والمهاجرين، كما أعرب عن الأمل في أن تتخذ الدول والحكومات والمنظمات خطوات تعمل على تعزيز وتقوية آليات الحماية وتمهد الطريق لاعتماد ميثاق عالمي للاجئين وميثاق عالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة في عام 2018 .
في الوقت ذاته، أشاد السفير الغنيم بالجهود الحثيثة التي تضطلع بها مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين بقيادة المفوض السامي فيليبو غراندي لرفع المعاناة والتخفيف عن اللاجئين والمشردين داخلياً الفارين من ويلات الحروب ولتعامل المفوضية المنهجي والفعال مع الأزمات الإنسانية.
وجدد دعم دولة الكويت الكامل لكل ما من شأنه تسهيل مهام أعمال المفوض السامي الثقة التامة بأن خبرته في المجال الإنساني ستسهم في خلق آليات مبتكرة وستضيف أفكاراً خلاقة للحد من الآثار الناتجة عن حدة الصراعات والنزاعات المسلحة التي عصفت بالعالم خلال السنوات الأخيرة.
وحثت دولة الكويت جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على الوفاء بكامل تعهداتهم والالتزام بمبدأ تقاسم الأعباء لتتمكن مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين من الاستمرار في عملها وتقديم الدعم اللازم للاجئين والمشردين داخلياً ومساعدتهم على الاعتماد على أنفسهم واستثمار طاقاتهم لتحسين مجتمعاتهم من أجل مستقبل أفضل للجميع.