استاء كثير من الكويتيين، وهم يستمعون إلى ذلك النائب الذي أخذ يتشمّت في أبناء الديرة وهم يُقتادون إلى السجن المركزي، تنفيذاً لحكم قضائي، فلم يخف سعادته الغامرة ونشوته من الحكم، ولم يخجل من كاميرات الصحافة، وهو يصف سبعين منهم بأقبح الأوصاف في خطاب أقل ما فيه أنه خطاب كراهية، خصوصاً عندما نعت المتهمين بدخول المجلس بأنهم كانوا يسعون إلى قلب نظام الحكم، وهو افتراء لم يسبقه إليه أحد! وشاركته في خطاب الكراهية كاتبة، قالت: إن معظم أهل الكويت فرحوا بهذا الحكم الذي أعاد إلى الحكم هيبته! وتخيّلوا معي كيف يتفاعل أهالي السبعين شاباً وهم يقرؤون هذه الشماتة والتحريض ممن تصدروا لتوجيه الأمة، وتكتمل الصورة بمقالة كتبها سياسي عريق ومعتق، عبّر فيها عن تعاطفه مع الحكم وألقى باللوم على الشباب بسبب فعلتهم النكراء، ونسي أن الناس لا ينسون أنه صدر له عفو خاص من سمو أمير البلاد قبل حوالي نصف قرن في جريمة أمن دولة، وليس في دخول نواب ومؤيدين لهم لبيت الأمة في ظروف كلنا ندركها جيداً.
اليوم مطلوب منا جميعاً أن نبني ولا نهدم، وأن نراعي مشاعر سبعين عائلة كويتية يشاهدون فلذات أكبادهم يبيتون بالقرب من المجرمين والخارجين عن القانون؛ فقط لأنهم أرادوا أن يعبّروا عن رفضهم للفساد الذي انتشر في تلك الفترة بالتجمهر في ساحة الإرادة واضطرارهم إلى دخول المجلس الملاذ الآمن في تلك الظروف، مع تحفّظنا على بعض التصرّفات التي لم يكن لها داع، لكنها بلا شك لا تقارن بأي حال من الأحوال بجرائم أخرى، مثل جمع الأسلحة وتخزينها والتخابر مع أحزاب ودول لها مواقف معادية مع الكويت!
اليوم تستعد الكويت لاستقبال مؤتمر القمة الخليجية لتصفية النفوس بين الأشقاء، وهذا عمل لا يستطيع أن يقوم به إلا سمو الأمير، الذي تُعقد عليه الآمال في أن يجبر الكسر.
نتمنى من سموه التفضّل على «عياله» بعفو عام يعيد البسمة إلى الأم المكلومة بابنها والطفل المفجوع بأبيه والزوجة المحرومة من رفيق دربها، كيف لا وهو أمير الإنسانية، الذي شهدت له كل بقاع الأرض على مبادراته الرحومة ومسعاه المبارك! نقول ذلك مع إيماننا أن الفعل المجرم لا يستحق كل هذه العقوبة المغلظة، ونتوقع بإذن الله تعالى أن يسقط «التمييز» العقوبة، لكن ثقتنا بسمو الأمير كبيرة، إن أدرك معاناة أهاليهم ووصلت إليه شكواهم.
* * *
اليوم تتجه أنظار أهل الخليج والشعوب المحبة للسلام والاستقرار إلى الكويت لمتابعة انعقاد قمة مجلس التعاون، والجميع يلهث لسانه بالدعاء أن يلتم الشمل وتجتمع الكلمة وتتصافى النفوس ويعود الأمل إلى قلوبنا في رؤية اتحاد يجتمع أهل البيت الخليجي تحت شراعه!
هذه الأماني طبعاً لن تكون موجودة عند الشماتين الذين ما زالوا يأملون مزيداً من التشرذم، ويربطون استمرار هذه الحالة بالمزيد من الابتعاد عن الالتزام الديني ووضع المزيد من الدعاة في السجون والاتجاه للمزيد من الابتذال السلوكي والتوجّه نحو الكيان الصهيوني للتطبيع معه وإنهاء ما يسمى المقاومة للاحتلال الصهيوني للأراضي المقدسة!
ينشر بالتزامن مع جريدة “القبس” الكويتية