أصدرت جمعية الإصلاح الاجتماعي تقرير التنمية المستدامة الثاني لها الذي يقدمه مكتب التخطيط والتقييم والتدريب، وهو يأتي سعياً منها لبيان جهودها المبذولة التي تتوافق وأهداف التنمية المستدامة (SDGs) في ضوء الخطة الإنمائية للدولة حتى العام 2020م.
وقد أكدت الجمعية أن هذه المبادرة تأتي التزاماً من مجلس الإدارة لتعزيز إسهامات المجتمع المدني في رفد جهود الدولة لتحقيق الأمن والرفاه للمواطنين، وتحسين مكانة دولة الكويت في مؤشرات التنافسية العالمية.
تكون التقرير –الذي طبع باللغتين العربية والإنجليزية في إصدار واحد- من مقدمة تمهيدية وخاتمة وبينهما أربعة عناصر رئيسة، تناولت علاقة الجمعية ودورها في الخطة الإنمائية، وكذلك دور مؤسسات المجتمع المدني بصورة عامة في الخطة الإنمائية، ثم أشارت إلى المنهجية التي اتبعتها في إعداد التقرير، وجاء العنصر الرابع –وهو الأهم- ليعرض جهود الجمعية خلال العام المنقضي (2018م)، في تحقيق الركائز الإنمائية السبع لرؤية الكويت لعام 2035م.
تناولت المقدمة التمهيدية الجهود التي بذلت حتى خرج التقرير في هذه الصورة، بالإضافة إلى الإشارة إلى خطة الكويت الإنمائية حتى عام 2020، والحيز الذي أتاحته للشراكة وفرص الإنماء بين قطاعات الدولة لتحقيق الغايات المرجوة.
أما الخاتمة، فقد أكدت الجمعية فيها استعدادها لتحقيق المواءمة المتوخاة والتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني للدفع بالمسيرة الإنمائية في الدولة على ضوء الخطة الإنمائية وأهداف التنمية المستدامة 2030، وتمكين كوادر مؤسسات المجتمع المدني وتأهيلهم فنياً ليكونوا قادرين على الإسهام الفاعل في إنفاذ التطلعات المأمولة منهم.
الجمعية والخطة الإنمائية
أكدت الجمعية في التقرير أن دورها يأتي مكملاً للأبعاد الإنمائية في خطتها الإستراتيجية (2016-2020)، مع مراعاة التلازم بين المسارين التنموي والتطويري، باعتبارهما أساسيين للإسهام في رقي ونماء المجتمع بكافة فئاته ومكوناته.
ونوهت في هذا السياق إلى أن أهداف التنمية المستدامة (2030) التي دعت الجمعية إلى تبني فكرة المواءمة معها ومع الخطة الإنمائية للدولة (2020) تمثل تطلعاً عالمياً يتطلب تعاوناً وطنياً؛ لأنه مسؤولية مشتركة نحو تحقيق المزيد من الرخاء والاستقرار؛ لذلك اهتمت الدولة وسعت إلى ربط خطتها الإنمائية بأهداف التنمية المستدامة، وتوجيه قطاعاتها الرئيسة بالعمل وفق مؤشرات التنافسية العالمية بما في ذلك قطاع المجتمع المدني ليكون رديفاً وشريكاً في تعزيز مكانة الكويت في المحافل الدولية، وهو ما تعمل في ضوئه جمعية الإصلاح الاجتماعي.
المجتمع المدني والخطة الإنمائية
حرصت جمعية الإصلاح في تقريرها عن أهداف التنمية المستدامة على إبراز الاعتماد الكبير الذي تأمله دولة الكويت في مؤسسات المجتمع المدني، وعلى الحيز المتاح الذي يمكن أن يشكل فرصاً للشراكة والاستثمار المجتمعي.
وللتأكيد على هذا الأمر، أشار التقرير إلى المسارات الرئيسة والتوجهات الإنمائية للخطة التي تؤشر على استشعار الحكومة المسؤولية التنموية للدولة، وأنها “مسؤولية مشتركة تتقاسمها كل السلطات وتضم في جنباتها كل مكونات المجتمع، وأن التعاون المجتمعي الجاد والصادق والممنهج هو السبيل الوحيد لمواجهة التحديات التنموية وتحقيق إنجازات حقيقية تلامس تطلعات المجتمع الكويتي في ظل موارده وإمكاناته”.
كما استعرض تطبيقات هذه التوجهات في تمكين الشباب وتعزيز دوره المجتمعي، وكذلك تفعيل الأدوار التنموية لمنظمات المجتمع المدني؛ تعزيزاً لدور المجتمع المدني في التنمية.
ولعل من بين الإضافات المهمة التي أكدت التكامل بين أدوار القطاع العام ومؤسسات المجتمع المدني بما يحقق مصالح الدولة ويعزز السلام والنماء العالمي والإقليمي “تفعيل مشاركة الدولة في المحافل والفعاليات العالمية والإقليمية، بما يحقق المصالح الوطنية، ويعزز صورتها في مجالات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان”، وهذه المجالات تؤكد حيوية الدور الذي تتساند فيه الدولة بكافة مكوناتها العام والخاص والمدني.
وأكد التقرير دعم وتطوير أهداف وبرامج آليات شبكة الأمان الاجتماعي؛ حيث قرنته الخطة بالتوافق مع التغيرات الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع الكويتي، وما اقتضاه ذلك من تنويع مصادر إيرادات الزكاة والأوقاف والخيرات وإيجاد مصادر جديدة، وتوجيه مزيد من الإنفاق لتنمية المجتمع.
وهكذا، استعرض التقرير مسارات الخطة وتوجهاتها الإنمائية في رعاية الفئات الحساسة اجتماعياً والعمل على دمجها في المجتمع، تمكين المرأة الكويتية وتوسيع أطر مشاركتها المجتمعية، ودعم الأنشطة الطلابية ورعاية منظماتها وتطوير مبادراتها المجتمعية، ورؤية الدولة لمعالجة وتحسين الأوضاع البيئية، وكذلك الحفاظ على الهوية الثقافية للمجتمع الكويتي؛ حيث نصت الخطة على “توطيد دور الإسلام كونه ديناً إنسانياً متسامحاً، وجعل الكويت مركزاً للفكر والحوار الإسلامي المعاصر”.. إلخ.
منهجية إعداد التقرير
حرص فريق إعداد تقرير التنمية المستدامة الثاني لجمعية الإصلاح الاجتماعي على توثيق الجهد الذي قام به ليخرج التقرير في هذه الصورة؛ حيث يمكن تلخيص ذلك في ست مراحل على النحو التالي:
1- مراجعة المعايير الواردة في إعداد تقارير الاستدامة ومحاكاة المنهجية الواردة في محتواها.
2- إعداد استمارة من 3 صفحات تتناول الأهداف الإنمائية الـ17 الواردة في خطة التنمية المستدامة 2030.
3- مراجعة كافة التقارير من قطاعات الجمعية وإداراتها التابعة، وإدماج البيانات في الاستمارة التجميعية.
4- حصر الجهود خلال عام 2018 التي تتوافق مع ركائز وأهداف التنمية المستدامة الـ17.
5- تزويد فريق تحرير التقرير بنسخة من أهم الصور والجهود المبذولة من قبل الجمعية.
6- الصياغة النهائية والمراجعة الأخيرة ومن ثم الترجمة والإخراج الفني.
الجمعية والركائز الإنمائية
يعد هذا العنصر هو ركيزة التقرير الأساسية؛ حيث يمكن القول: إن ما سبق كان بمثابة تمهيد وتهيئة لهذا العنصر؛ حيث استعرض الركائز السبع التي تتضمن خطة “كويت جديدة”، وأبرز الجهود التي أنجزتها الجمعية خلال العام المنقضي (2018م) التي هي في مجملها ملامح من جهود واسعة بذلتها الجمعية، وتسعى للدفع بمسيرة إنفاذها في كافة أوجه العمل المجتمعي للجمعية.
وهذه الركائز السبع، هي:
الركيزة الأولى: مكانة دولية متميزة:
ويمكن تلخيص دور الجمعية في تحقيق هذه الركيزة فيما يلي:
– السعي للحصول على عضوية المجلس الاقتصادي الاجتماعي التابع للأمم المتحدة حتى تكون حاضرة مع الطيف العالمي من مؤسسات المجتمع المدني توجه وتشارك في المحفل الإنساني الدولي بما يخدم الكويت وتطلعاتها الإنمائية.
– أبرمت الجمعية كذلك اتفاقات شراكة مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر وعدد من المنظمات الدولية، أبرزها “فاو”، و”أوتشا”، وهيئات أخرى عديدة جاري البحث في أطر الشراكة والتعاون للتخفيف من تداعيات النزاعات والكوارث.
– دعمت الجمعية جهود مكتب التعاون الإسلامي والإنساني، وباشرت التواصل مع 9 جاليات داخل الكويت، نفذت خلال العام 2018 أكثر من 25 نشاطاً في أروقة الجمعية وفي الأماكن العامة تأكيداً لمبدأ التكامل الحضاري والاندماج الثقافي.
– قدمت الجمعية مساعدات الاستجابة الإنسانية العاجلة، بالإضافة إلى المنح الإنمائية عبر 4 قطاعات في أكثر من 45 دولة حول العالم.
الركيزة الثانية: بيئة معيشية مستدامة:
ويتمثل دور الجمعية فيها فيما يلي:
– نفذت أكثر من 550 نشاطاً اجتماعياً وتربوياً وثقافياً في مقراتها ومواقع اتصال مباشر في 48 منطقة على مستوى محافظات الكويت من خلال 677 متطوعاً.
– نفذت 1400 فعالية استفاد منها 540 ناشئاً (8 – 14 عاماً) شملتهم برامج وأنشطة تلبي احتياجات الأبناء المهارية والسلوكية، وتحرص على التكامل مع الأسرة والمدرسة في تنشئتهم اجتماعياً ليكونوا نافعين لأنفسهم ومجتمعهم.
– على الصعيد الخارجي، كان من بين منجزات العام الماضي بناء 4 قرى سكنية تحتوي على 313 منزلاً للأسر الأشد فقراً، مع مراعاة شروط الاستدامة والسلامة لقاطني هذه الوحدات.
الركيزة الثالثة: اقتصاد متنوع مستدام:
حسب التقرير، كان للجمعية إسهامها الوطني في هذا المسار وفق المتاح لها من موارد وإمكانات من خلال تأهيل متدربات لسوق العمل وتنفيذ ورش لتنمية المواهب والحرف الفنية وإقامة أطباق خيرية لتكريس قيم الإنتاج والعمل، وتوفير حد أدنى من الدخل يكون حافزاً للأسر الأكثر حاجة.
ومن بين ما أقامته الجمعية لهذا العام تنفيذ 3 ورش مهارية شملت النجارة الخشبية وصناعة “الروبورت” والمجسمات ثلاثية الأبعاد بواسطة القلم، بالإضافة إلى تقديم 1715 قرض تمويل أصغر لدعم المشاريع الإنتاجية خارج الكويت، فضلاً عن تشغيل أكثر من 4500 شخص في المراكز والمرافق داخل الكويت وخارجها بالشراكة مع عدد من المؤسسات المانحة والمستفيدة.
الركيزة الرابعة: رأسمال بشري إبداعي:
لتحقيق هذه الركيزة، قامت الجمعية بما يلي:
– قدمت مساعدات مالية لعدد 6384 أسرة داخل الكويت موزعين على كافة المناطق والمحافظات، بلغ إجمالي ما تم تقديمه 1.228.874 ديناراً كويتياً، بالإضافة إلى رعاية 1049 يتيماً بقيمة إجمالية تصل إلى 503.520 ديناراً كويتياً، ومساعدات عينية بلغت 457324 ديناراً كويتياً شملت أغذية خلال مواسم العام وكسوة وأغطية للتدفئة.
– ساهمت في توفير فرص تعليمية لعدد 501 طالب داخل الكويت بقيمة إجمالية 115.230 ديناراً كويتياً، وفتحت الجمعية حلقات التعليم لعدد 288 مشاركاً في حلقاتها المنتشرة في مناطق الكويت وعددها 19 حلقة تعليم علوم القرآن الكريم، كما أقامت لهم المسابقة السنوية الثالثة التي شارك فيها 888 مشاركاً من الجنسين تم تكريم 54 منهم.
– أنجزت الجمعية 653 نشاطاً تعليمياً وثقافياً تسعى للتنشئة الإيجابية شملت 1200 مشاركاً على مدار العام في 14 مركزاً تربوياً وثقافياً.
– في إطار برنامج التعليم للجميع، تمت رعاية 82 طالباً في المركز وتنظيم دورة تطوير المهارات للأمهات الأرامل والمطلقات بالتعاون مع أحد الفرق التطوعية.
– إدارة 22 معتكفاً رمضانياً تخلله دروس توجيهية وإرشادية لشريحة واسعة من شباب ونساء الكويت، هذا فضلاً عن المحاضرات العامة التي بلغت 46 محاضرة، و3 ملتقيات جماهيرية على مستوى الكويت.
– أقامت إفطاراً رمضانياً للجاليات وطلبة البعوث شارك فيه 9 وفود، قدم كل وفد أطباقه التي تعبر عن هويته الثقافية والإنسانية.
الركيزة الخامسة: رعاية صحية عالية الجودة:
كان من أدوار الجمعية الرئيسة في هذا المجال بث الوعي؛ حيث سعت لتبني مؤتمر “طفلي مسؤوليتي” السادس، كما أنها ملتزمة باحتضان مشروع “أمنية” التوعوي للعناية بالبيئة ومواجهة أخطار النفايات البلاستيكية والعناية بجوانب التخضير وتحسين الحياة.
كذلك تتواجد الجمعية في أغلب مواطن الحاجة والأزمات في المجتمعات الإقليمية والدولية، ولها 27 مكتباً تعمل في 45 دولة وتبتكر الحلول للوصول إلى أكثر المناطق بؤساً في العالم.
للجمعية كذلك انتشارها الواسع محلياً في كافة محافظات الكويت تقدم خدماتها الإنمائية للأسرة بكافة شرائحها، وتعتمد في سياساتها الإنمائية على مبادئ العمل الإنساني من دون تمييز أو تحيز على أساس الجنس أو الدين، ودرجت على ذلك طواقمها العاملة في الميدان خلال الحملات الإغاثية.
الركيزة السادسة: إدارة حكومية فاعلة:
على هدى من توجه هذه الركيزة الإستراتيجية، تحرص جمعية الإصلاح على مد جسور “الشراكة” مع القطاعين العام والخاص؛ بحيث تشكل مع المجتمع المدني المثلث الذهبي للتنمية كما يوصف؛ إذ كانت إحدى القيم المؤسسية للجمعية في دورتها الإستراتيجية الأخيرة التي تنتهي في العام 2020.
ومن بين أوجه الشراكة التي بادرت إليها الجمعية تبني حملة توفير المياه النظيفة الصحية في أكثر من 448 موقعاً بالشراكة مع عدد من الهيئات والوزارات، وتم توزيع أكثر من مليوني عبوة مياه مبردة من أجود أنواع المياه الصحية في الكويت، كما أنها بالتعاون مع بلدية الكويت بادرت إلى إعادة ترميم 970 قبراً في مقبرتي الصليبيخات وصبحان تأثرت بموجة الأمطار والسيول التي مرت على البلاد في شتاء عام 2018.
الركيزة السابعة: بنية تحتية متطورة:
ينطلق دور جمعية الإصلاح في هذه الركيزة من الدور الحيوي لمؤسسات المجتمع المدني في تشييد جملة من مباني القطاع الصحي ومرافقه في الكويت، بما يعزز محورية الجهود التي يؤديها المجتمع المدني تجاه الصحة الجيدة والرفاه.
ويمكن تلخيص دور الجمعية في هذا المجال فيما يلي:
– حملات إنسانية داخل الكويت وخارجها، كان من أبرزها تنفيذ 11 قافلة طبية في عدد من الدول، و13 مركزاً صحياً وعيادة تخصصية وصيدلية، بالإضافة لعلاج 3530 شخصاً في عمليات العيون والقلب والكلى والكسور شملت الجنسين (الجهود خارج الكويت كانت بمشاركة الرحمة العالمية التي أصبحت فيما بعد جمعية مستقلة).
– على الصعيد الوطني، كان للجمعية دورها وتأثيرها البالغ في حياة العشرات من مرضى السرطان والروماتويد وعلاج التصلب العصبي بقيمة إجمالية بلغت 177 ألف دينار كويتي، بالإضافة لكفالة 147 من ذوي الاحتياجات الخاصة بإجمالي 88 ألف دينار كويتي.
– تنفيذ البطولات الرياضية والأكاديميات المتخصصة في فنون الدفاع عن النفس والمهارات الكشفية، وقد استفاد من خدمات مركز أجيال الرياضي أكثر من 90 ألف شخص خلال العام الماضي.
إن هذه الجهود والأنشطة تتوافق مع ما جاء في خطة الدولة الإنمائية 2020 في أن “تسعى الخطة لإنشاء مجلس أعلى يتولى وضع إستراتيجية لتعميق مشاركة منظمات المجتمع المدني وتوسيع دورها التنموي للعمل في أنشطة اجتماعية جديدة غير هادفة للربح مثل أنشطة التعليم والصحة والإسكان والنقل، وبعض الخدمات الاجتماعية الأخرى وإنشاء مراكز تطوعية في المناطق السكنية”.