أكد عضو مجلس الأمة الكويتي السابق المهندس مبارك الدويلة أن المجلس الحالي له الكثير من الإنجازات القيمة، لكنها غير معروفة للناس؛ بسبب ضعف الدعاية لها، داعياً مكتب المجلس إلى إظهار هذه الإنجازات.
كما ذكر الدويلة، في حوار مع “المجتمع”، أن الحكومة استطاعت أن تملك أغلبية مريحة في هذا المجلس، ونجحت في أن تضع “إسفيناً” –على حد تعبيره- بين أعضاء المعارضة منذ الجلسة الأولى، وفشلت في تمرير برنامجها، وهو ما يدل على ضعف الحكومة وأدائها.
كما تطرق الدويلة إلى عدد من القضايا الأخرى المحلية والإقليمية؛ مثل قضية “البدون”، والحسابات الوهمية، والأحزاب السياسية، وكذلك الأزمة الخليجية وموقف الإدارة الأمريكية منها، وتأثير “صفقة القرن” عليها.
* أهلاً ومرحباً بكم في «المجتمع».
– حياكم الله، وساعة مباركة مع مجلة «المجتمع» مصدر الإلهام عندنا، وبارك الله في المجلة وفي جهود القائمين عليها.
* يمر الشارع الكويتي الآن بمرحلة تقييم لمجلس 2016، وهو في دور الانعقاد الأخير، فهل إنجازات المجلس الحالي لبَّت طموحات المجتمع الكويتي؟
– إذا أردنا أن ننصف فعلينا أن نسجل هذه الإنجازات، وقد استمعت إلى أكثر من نائب يتكلمون عنها، وهي بلا شك إنجازات قيّمة، وواقعية وملموسة، والإشكالية أن الناس لا يستطيعون أن يروا هذه الإنجازات، كما أن الردود على الدعايات المضادة لإنجازات المجلس ضعيفة وبطيئة، وغير موجهة من قبل مكتب المجلس، حيث يفترض على المكتب أن يظهر هذه الإنجازات.
فالمجلس له إنجازات جيدة وقيّمة، وإن كان قد تعثر في أكثر من موقف، لكن هذا التعثر شمل الجميع، وكذلك هناك الكثير من النواب دون مستوى الطموح، ولكن كل المجالس –تقريباً- الأغلبية فيها دون المستوى المأمول، وقد سلك بعض النواب مسالك لم يتوقعها المواطنون، وهذا الأمر أيضاً وارد في كل المجالس.
وأرى أن الحكومة أدركت ذلك في هذا المجلس، فعرفت كيف تتعامل مع النواب، وكيف تمرر إنجازاتها، وكان يفترض أنه ما دامت الحكومة لديها هذه القدرة والمهنية في التعامل مع مجلس الأمة، واحتواء نوابه؛ أن تنجح في تمرير برنامجها، لكنها فشلت، وكذلك لم يتم تمرير أولويات مجلس الأمة، وهذا يدل على ضعف أداء الحكومة؛ فالقضية ليست فقط احتواء، حيث إن الحكومة تستطيع أن تحتوي مجلس الأمة، وتسيطر على الرأي تحت قبة عبدالله السالم، لكن هذا لا يعني أنها حكومة قوية، أو مميزة.
* كيف استطاعت الحكومة اختراق مجلس الأمة؟
– استطاعت الحكومة من خلال هذا المجلس أن تحوز أغلبية مريحة فيه، ونجحت في أن تضع «الإسفين» بين أعضاء المعارضة، منذ الجلسة الأولى، وبالتالي انقسمت المعارضة في الجلسة الأولى إلى 7 أصوات، و9 أصوات، وهذا يدل على سهولة اختراق المعارضة، وهذا ما تم بالفعل، ما أدى إلى إضعافها؛ ولذلك نادراً ما تجد موقفاً موحداً للمعارضة، وأبرز مثال على ذلك الاستجوابات التي تمت في المجلس لم يكن للمعارضة فيها موقف موحد.
* برأيك، هل عدم وجود تكتلات داخل المجلس أدى إلى هذه الإشكالية؟
– بلا شك أن العمل وفق آلية منظمة للعمل السياسي أفضل بكثير من هذه الفوضى التي نراها منذ 60 عاماً تقريباً؛ فعلى مدار 57 عاماً ونحن نرى الفوضى في العمل السياسي نتيجة عدم تقنين قانون الأحزاب؛ ولذلك نرى الجميع في حالة عدم انتظام، وكل القوى السياسية -مهما قلَّ عددها أو كثر- تعمل بمفردها؛ حتى إن الأولويات تختلف عند قوى المعارضة.
ولذلك، أعتقد أن الإشكالية الرئيسة هي عدم وجود قانون ينظم العمل السياسي، وهو سبب رئيس في استمرار الأزمات منذ عهد طويل.
* هل نحن في حاجة إلى الأحزاب الآن؟
– أعتقد أننا في حاجة إلى توعية الناس أولاً بأهمية تنظيم العمل السياسي، ثم بعد ذلك يتقبل الناس بسهولة العمل الحزبي؛ لأنهم في الوقت الحالي يكرهون العمل الحزبي، لدرجة أنه حتى يستطيع العضو أو المرشح أن يتقرّب للناس؛ لا بد له أن يعلن على الملأ أنه مستقل، وحتى يكتسب قاعدة معينة لا بد أن ينتقد الأحزاب ويتهمها بالخراب، فإذا كان الجو السياسي قائماً على تلك الأفكار؛ فكيف تنتظر من نوابه وسياسييه أن يقودوا سفينة العمل السياسي؟
* إذا كان المجلس بيد الحكومة، فلماذا لا تقوم بتدشين برنامجها؟
– يرجع ضعف أداء الحكومة إلى اهتمامها ببعض الأمور الجانبية، مثل التعيينات، وتمرير الاستجوابات، وتمرير المعاملات، وتوزيع الكيكة على القبائل، والنواب، وبعض التكتلات، وليس من أولوياتها إنجاز برنامج عمل تقوم بتنفيذه في شكل مشاريع قوانين، وتستغل أغلبيتها في المجلس وتقوم بتمريره، ويشعر الناس بهذه الإنجازات، ولكن بكل أسف لا يوجد هذا مطلقاً.
* ما هي نتائج نظام «الصوت الواحد»؟
– لا شك أن «الصوت الواحد» أضعف إفرازات العملية الديمقراطية، وجعل من السهولة على الحكومة، وهي أكبر كتلة منظمة داخل البرلمان، أن تسيطر على هذه الآحاد.
* أتتوقع أن يكتمل دور الانعقاد إلى نهايته؟
– نعم، سيكتمل إلى نهايته، ومن حصافة الحكومة أن تحرص على أن يستكمل المجلس دورته إلى نهايتها.
* هناك قضايا كثيرة مطروحة كالإسكان والتعليم والصحة.. وغيرها، مازالت معلقة.
– هذه مشكلات موجودة يجب على الحكومة التصدي لها، وتستغل وجود أغلبية برلمانية لصالحها لكي تمرر مشروعها، ولكن ما يحدث هو عكس ذلك.
* برأيك، هل غياب بعض الرموز السياسية ساعد في عدم تنظيم قوى المعارضة بالمجلس؟
– لا شك أن الخبرة مطلوبة، والعلاقات السياسية الممتدة مهمة، ولكنها ليست سبباً رئيساً في عدم الانتظام؛ فالمجلس الحالي به شخصيات واعدة وذات علاقات سياسية طويلة، ولكن استغلالها لم يكن بالصورة الجيدة والمأمولة.
* إلى ماذا نحتاج الآن؟
– نحن محتاجون إلى حكومة تقود -إن صح التعبير- وتنفذ برنامجها بشكل سليم وصحيح؛ فالحكومة أعلنت برنامجاً جيداً، وكنا نرجو أن يرى النور، ولكن للأسف الشديد لم يحدث هذا؛ لأن معظم وقت الحكومة ضائع في عمليات الترضيات، وهذا خطأ قاتل، ولذلك كل ما نرجوه ويرجوه المواطن الكويتي أن يرى إنجازات على الأرض.
* هناك إنجازات حكومية كثيرة مثل جامعة الكويت بالشدادية وجسر جابر.. وغيرهما.
– أعلنت مراراً أنه في خلال السنوات العشر الأخيرة كانت الإنجازات الوحيدة هي البنية التحتية (الطرق والجسور)، ومع ذلك تم طرد الرجل الذي قام على هندستها وإنجازها من منصبه (أحمد الحصان، مدير عام الهيئة العامة للطرق)، وقاموا بانتقاده وتشويهه، فحتى الإنسان الناجح في عمله يتعرض لمثل هذا التشويه، فماذا ننتظر بعد ذلك؟!
* كيف وصلنا إلى مرحلة «من يُنجز يُبعد»؟
– الحسد هو الذي يؤدي إلى ذلك، ومن نتائج الحسد أن تقوم بإبعاد منافسيك الناجحين؛ لأنك أنت فاشل، وقد حدث ذلك كثيراً وفي أكثر من وزارة، حيث تم إبعاد الكثير من الناجحين من أعمالهم لأنهم يستطيعون قول «لا» للخطأ، وجيء بأشخاص لا يستطيعون أن يقولوا «لا» للخطأ، وكل ما يدور في خلدهم هو المحافظة على المنصب والكرسي الذي يجلسون عليه، ويستمرون في أعمالهم.
* ما رأيك في دخول التيارات السياسية الحكومة؟
– إذا كان هناك برنامج عمل واضح للتيارات السياسية وللحكومة نعم نقبل بذلك ونؤيده، ولكن إذا كان دخولهم للحكومة يجعلهم في حالة شلل، بحيث لا يدافعون عن حقوق المواطنين والمكتسبات الدستورية، وكل جهدهم هو الدفاع عن وجهة النظر الحكومية، وعن أخطائها، ويصبحون جزءاً من الخطأ؛ في هذه الحالة لا نؤيد ذلك.
* ماذا لو عُرضت بعض المناصب الحكومية على الحركة الدستورية، هل تقبل؟
– القرار عند المكتب السياسي والأمانة العامة، ولكني أنا شخصياً لا أرى أن الوضع أو الوقت الآن مناسبان للمشاركة في الحكومة، على الأقل في الوقت القريب.
* ما رأيك بتفعيل قانون الوحدة الوطنية في ظل الأحداث التي تشهدها المنطقة؟
– لقد مررنا بأوقات كانت الوحدة الوطنية فيها على المحك، وكنا نتوقع إبراز دورها وأهميتها، ولكن مع الأسف الشديد، فإن المعنيين بالأمر والقيادات السياسية للدولة ينشغلون عن الوحدة الوطنية، وعن الشرخ الذي أصابها في مرحلة من المراحل، والآن ربما تكون مصائب قوم عند قوم فوائد، ولعل الأزمة التي تمر بها المنطقة تجعل الكويتيين يقتربون من بعض، والخليجيين أيضاً مع بعضهم، ويتوحدون ضد الخطر القادم.
* ماذا تقول في موضوع «الحسابات الوهمية»؟
– أثير موضوع الحسابات الوهمية للسيطرة على بعض الحسابات المزعجة لهم، لكنها سترجع مرة أخرى، عندما تستخدم بعض الأطراف في السلطة تلك الحسابات، في هذه الحالة ستستمر هذه الحسابات في ممارسة دورها الإعلامي السيئ وابتزازها اللاأخلاقي.
* ما تعليقكم على قضية «البدون» والحلول المتوقعة التي بشَّر بها رئيس المجلس مرزوق الغانم؟
– أتوقع أنها ستكون حلولاً كارثية على «البدون»، وسنرجع إلى المربع الأول بعد سنوات من هذا الطرح؛ لأن هذه الحلول ليست واقعية ولا منطقية، رغم أنهم لم يفصحوا عنها حتى الآن، وأعتقد أنه ما دام الجهاز المركزي لـ«البدون» جزءاً من هذا الحل، فمعنى ذلك أن الأمر سيطول.
* كيف ترى الأزمة الخليجية؟ وما مسارات حلها؟
– يجب أن يكون هناك حل للأزمة الخليجية؛ فالجميع متضرر، وكل يوم يزداد هذا الضرر، ويزداد الشرخ فيما بيننا؛ لذا لا بد أن يأتي يوم يعلن فيه أحد العقلاء بالقول: «كفى» لما يحدث من تشرذم، ولا بد أن نرجع إخوة متحابين، ومتصافين، نحن الآن في وضع يرثى له، ووضعنا هذا يؤدي بنا إلى التشتت والضياع، ونكون عُرضة لطمع الآخرين بنا، وخصومنا يربحون الكثير من تلك الخصومة الناشئة فيما بيننا، التي أدت إلى تشرذمنا، لذا أتوقع أنه إذا أراد الله سبحانه وتعالى الخير لنا أن تقف القيادات العاقلة وقفة جادة، وعلى إثرها ينتهي الخلاف والتشرذم، ونعود كما كنا إخوة متحابين ومتحدين، ونفوّت الفرصة على من يتربص بنا الدوائر.
* كيف يتعامل الرئيس الأمريكي «دونالد ترمب» مع الوضع في المنطقة؟
– يوجد لدى «ترمب» هدف واحد فقط؛ هو أمن الكيان الصهيوني، وأي خطوة تؤدي إلى ذلك يؤيدها ويدعمها، وكل ما سيؤدي إلى زعزعة أمنه ويؤثر فيه سيحاربه بكل ما أوتي من قوة، ولذلك كل ما يحدث في المنطقة يصب بالنهاية في مصلحة الكيان الصهيوني، وهذا الأمر يتجاهله الكثير منّا، فـ«ترمب» لا يهمه دول الخليج، ولا اليمن ولا ما يحدث فيه، كل ما يهمه هو أن يتم تمرير «صفقة القرن» في هدوء، بعيداً عن الاعتراضات والتوترات، ولذلك لا بد من إشغال الخليج بأزمات حتى تسير هذه الصفقة وتتمدد بالطريقة المخطط لها، حتى ولو تضررت السعودية أو الكويت أو احترق النفط، وسواء أدى ذلك إلى تقوية إيران، أو إضعافها، هو لا يهمه كل ذلك، فقضية «ترمب» الأولى هي أمن «إسرائيل»، ولم يتبق له سوى عام في الرئاسة، وإذا نجح في الانتخابات القادمة، سيفكر في إعادة الأمن للمنطقة.