أثارت حادثة الأسير سامر العربيد، المتهم بالتخطيط لعملية عين بوبين قضاء رام الله، قبل شهر تقريباً، وقتله مجندة وحاخاماً من المستوطنين من خلال تفجير عبوة ناسفة عن بُعد، بإخضاعه للتحقيق العسكري، وتعرضه لتعذيب قاس أدى إلى غيبوبة دائمة وفشل كلوي وكسور وتهتك في الرئتين، موجة من القلق والخوف على الأسرى في ظل شرعنة التعذيب من محكمة صهيونية بزعم وجود خاطر قادم يجب إيقافه.
مصطلح القنبلة الموقوتة
قال المحرر الأديب وليد الهودلي لـ”المجتمع”: مصطلح القنبلة الموقوتة ابتكره العقل الصهيوني المجرم، وهو أن المعتقل في حالة احتفاظه بمعلومات إن لم يكشفها قد تفضي بالتسبب بقتل آخرين، فهو بمثابة قنبلة قد تنفجر في أي لحظة، في هذه الحالة تصدر محكمتهم بقرار تعذيب الأسير بطريقة خارجة عن المعمول به من أجل الوصول لما لديه من معلومات يخفيها عن المحققين، وكأن المعمول به من تعذيب غير كاف لحمله على الاعتراف فلا بد من المزيد من العنف والتعذيب.
وأضاف: فالمرأة التي قتلوها بدم بارد أمام عدسات التصوير على حاجز قلنديا، كانت قنبلة موقوتة، وشهداء الحركة الأسيرة كانوا كلهم قنابل موقوتة، جعفر عوض، ومعزوز دلال، وميسرة أبو حمدية، ومحمد أبو هدوان، ورزق العرير.. والقائمة طويلة، هؤلاء الذين اتخذوا من أجسامهم مختبر تجارب لأدويتهم كانوا أيضاً قنابل موقوتة، وكل الذين تم قتلهم بدم بارد نتيجة الإهمال الطبي المبرمج قنابل موقوتة، وكل من تواجد قبل ارتكاب مجزرة كان قنبلة موقوتة، والفلسطينيون الذين قتلوا وهجروا من ديارهم وتم تطهير مدنهم وقراهم تطهيراً عرقياً كانوا قنابل موقوتة، كل فلسطيني عندهم بإمكانهم اعتباره قنبلة موقوتة، حتى الباحث عن لقمة العيش المسالم جداً عندما يتناوله رصاصهم المحموم يصنف على أنه قنبلة موقوتة.
محكمة تقر التعذيب
وتابع قائلاً: لا يمكن تصور محكمة في العالم المعاصر وهي تتخذ قراراً بالتعذيب ممكن أن يفضي بالقتل، أن تتخذ القرار بالتعذيب محكمة مناط إليها تطبيق القانون والمحافظة على حقوق الإنسان، هذا أمر عجيب لا يحدث إلا في غابة الاحتلال التي تحتكم إلى شريعة الغاب، بل إن شريعة الغاب أرحم من هذه؛ لأن تلك تدفعها غريزتها والمحافظة على البقاء، بينما هذه يدفعها إجرامها في تحقيق الموت للآخرين.
وتساءل الهودلي قائلاً: ماذا فعلوا مع سامر العربيد ومن معه من معتقلين صنفوهم على أنهم قنابل موقوتة؟ وهؤلاء معروفون فلسطينياً ومن خلال اعتقالات سابقة بصلابتهم وقوة صمودهم كإرادة تنتصر على إرادة السجان في صراع الإرادات في أقبية التحقيق، معروفون بأن قناتهم ليست سهلة ولا تلين أمام جبروتهم بتاتاً، وصل الأمر أن يصل سامر إلى حافة الموت فينقل إلى مشفاهم، هكذا تسربت بعض الأخبار، ولكن ما هو معروف من تعذيب من هذا القبيل هو قاس جداً، تحقيق دائم دون نوم للمعتقل على مدار أربع وعشرين ساعة، يتناوبون عليه من غير أن يسمح له بالنوم، وهذا له ما له في ماكينة التعذيب النفسي، وهو أشد مرارة من التعذيب الجسدي.
وأضاف: كذلك الشبح المهين، حيث إنهم إذا أرادوا نقله من الزنازين وإليها يقبض على أسفل الكيس من تحت الذقن ويجر كما تجر الدابة إمعاناً في الإهانة والإذلال، ويتناوب عليه فريق من أكثر من عشرة محققين يعملون في ملف واحد تتكامل أدوارهم.
تعذيب مفتوح
وصف الهودلي طريقة تعذيبهم قائلاً: يأتي التعذيب الجسدي، الذي تشرعه لهم محكمة بقرارها الذي يطلق العنان لمخالبهم وأنيابهم، يستخدمون حينها كل ما يخطر ببالنا وما لا يخطر، الهزّ الذي يخلخل عظام الرقبة والعمود الفقري وشبحة الموزة المعروفة، حيث يتقوّس ظهره بطريقة عكسية غالباً ما تفضي إلى كسر في العمود الفقري، وأخطر ما في هذا هو طلبهم للمزيد من المعلومات، بينما المعتقل يصرّ على إنكاره سواء عنده شيء أو لا يوجد ما يقوله لهم، هناك حالات اعترفت على أشياء وهمية، وهناك من صمدوا إلى أبعد نقطة ببطولة أسطورية كشفت زيفهم وردتهم إلى أنفسهم خائبين.
وختم الهودلي قائلاً: سامر العربيد ومن معه الآن يرسمون بطولتهم في عمق أدغالهم الموحشة، يتألمون ويدفعون أثمانها من أرواحهم، ولكن الرجال المميزين مستعدون لدفع الثمن مهما كان باهظاً.